حفر بصمته الخاصة في الإعلام بفضل خبرته التي امتلكها بالرغبة والثقافة واللغة والصوت الشجي، متسلحاً بالتعليم الأكاديمي الذي اجتازه في أكثر من مجال، وطوره بالعمل في محطات إعلامية مهمة قبل أن يستقر به الحال ويضع ما اكتسبه أمام طلابه الكثر.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 24 تشرين الثاني 2018، الإعلامي "ميسر سهيل" ليحدثنا عن أهم محطاته الحياتية، فقال: «نشأت في بيئة يتم بسبب غياب الأب منذ الصغر، وكنت أعيش في كفالة جدي، وتوفيت أمي عندما كنت في سن الحادية عشرة، وعندما كنت في الرابعة عشرة توفى جدي الذي كان كافلنا وإخوتي. دفعتني هذه الظروف إلى ترك الدراسة قبل الكفاءة، والذهاب للبحث عن عمل، حيث بدأت العمل في ورشات البناء، لكنني لم أتخلَّ عن حلم إكمال الدراسة، وحصلت على الكفاءة الصناعية، وفي ذاك الوقت نجحت لأكون موظفاً بعد نجاحي في مسابقة، وعينت في مستودع للطائرات، وحصلت على شهادة الكفاءة الصناعية عام 1959».

تابعته في برامجه على القناة الثانية التابعة للتلفزيون السوري، مثل: شاشة الصحافة، ومصارحات. كان البرنامجان جاذبين وغنيان بالمعلومات الشائقة، لكن الجمال الذي كان يضفيه صوته على البرامج لا ينسى، فهو رجل متمكن من اللغة كثيراً، ويستطيع أن يجذب المستمع بصوته الدافئ والواضح، ومن المذيعين الذين ما زالوا في الذاكرة

وعن تأسيس التلفزيون السوري عام 1960، قال: «باعتبار شهادتي مهنية، فقد دخلت كمساعد فني في كادر إنشاء التلفزيون في جبل "قاسيون"، وتركيب الأجهزة حتى تم البث الرسمي، وانتقلت مع مجموعة من المساعدين الفنيين لتركيب الأجهزة في ساحة "الأمويين"، ولحسن حظي كنت مسؤول المراقبة العامة والكاميرات. بعد ذلك كلفت مع بعض الزملاء لتأسيس استديو "الدوبلاج" السينمائي، وأثناء وجودي كمساعد فني في التلفزيون؛ درست الثانوية العامة الفرع العلمي، ونجحت، وأكملت دراستي في كلية الشريعة بجامعة "دمشق"، ونتيجة تعمقي في دراسة اللغة العربية بدأت ميولي تنتقل إلى الإذاعة كمذيع لأنني كنت مقتنعاً بإمكانياتي اللغوية والصوتية، حيث تقدمت إلى مسابقة رسمية فيها، وانتقلت لأصبح مذيعاً في الإذاعة السورية عام 1965».

مع عدد من طلابه في الجامعة

كانت تجربة السفر بقصد العمل غنية وحافلة، وامتدت سنوات طويلة، حيث قال: «استقلت من الإذاعة السورية، وعملت مذيعاً ومعدّاً للبرامج في "السعودية" عام 1972، وأثناء وجودي هناك أتيحت لي فرصة دراسة الإعلام في إحدى الجامعات، وحصلت على الماجستير في الإعلام، وبعد ذلك دعيت إلى عدد من الزيارات الاجتماعية والمؤتمرات التي كانت تعقد حول الإعلام، ومنها مؤتمر الإعلام الإسلامي الأول عام 1979 في "أندونيسيا"، وألقيت بحثاً فيه، وتوالت السفرات لمهام إعلامية إلى كل من "أستراليا، ونيوزيلاندا، وماليزيا، وكينيا، والجزائر، وتايلاند، وغانا، وإيران"».

ويكمل عن مشواره الطويل في العمل الإعلامي: «في عام 1981 بدأت العمل في الإذاعة البريطانية في "لندن"، وعملت فيها مذيعاً ومعدّ برامج حتى سنة 1987، حيث قدمت استقالتي بسبب الخلافات السورية البريطانية وقطع العلاقات بين البلدين، وبعد عودتي إلى الوطن عينت بمرسوم جمهوري خاص من الرئيس الراحل "حافظ الأسد" كخبير إعلامي. حيث قدمت العديد من البرامج، مثل: "شاشة الصحافة"، و"مصارحات"، و"دليل العافية"، "آخر المشوار"، إضافة إلى البرامج الموسمية بأسماء متعددة ومختلفة».

مكرماً في إحدى الفعاليات

وأضاف: «دعيت عام 2002 للمشاركة بتأسيس كلية إعلام بمجمع "الفتح الإسلامي" المرتبطة بجامعة "الأزهر" المصرية، واستمرت هذه الكلية بالعمل إلى أن صدر مرسوم جمهوري عام 2011 بإحداث معهد "الشام" العالي، ليعدل المرسوم في عام 2016 بإحداث جامعة "بلاد الشام"، حيث دعيت لتأسيس قسم للإعلام، وأشرفت عليه أربع سنوات، وأسّسنا قاعة إنترنت واستديو، ومجلة "ارتقاء"؛ للارتقاء بمعلومات الطلاب إلى المستويات المتقدمة».

وعن تجربة الكتابة والمجال الثقافي، يقول: «ألّفت عدة كتب منها: "فن الاتصال والفن الصحفي"، و"فن الإلقاء الإذاعي والتلفزيوني"، و"الإعلام الإسلامي وقواعد تقويمه"، و"إعداد البرامج للإذاعة والتلفزيون"، ومازالت هذه الكتب معتمدة وتدرّس في جامعة "بلاد الشام". وألقيت العديد من المحاضرات في المراكز الثقافية في مختلف المحافظات السورية، لكن هذا النشاط توقف بسبب الحرب على "سورية"».

"هدى علي" إحدى الخريجات في جامعة "بلاد الشام"، تحدثت عن الإعلامي "ميسر سهيل" بالقول: «هو ليس كأي مدرّس أو خبير، ففي شخصه تجسدت معاني الأبوة، ومن عطائه نهلنا صافي المعرفة، إنه شعلتنا التي استنرنا بها طوال سنوات، فهو خزان من المعارف والعلوم، ولا يبخل في تقديم ما اكتسبه من خبرات على أحد. كنا من الذين استمتعوا بصوته الصافي، ولغته العربية الرقيقة في البرامج التي قدمها في الإذاعة والتلفاز، وهو من المذيعين الذين يفقدهم المشاهد والمستمع، خاصة من الأجيال الكبيرة في السن التي اعتادت ما كان يقدمه، فهو بثقافته الثرّة، وصوته الأخاذ يجذب المتلقي ويجعله متسمراً ومترقباً، وهذا من علامات النجاح».

أستاذ اللغة العربية "حمد عرنوس"، قال عنه: «تابعته في برامجه على القناة الثانية التابعة للتلفزيون السوري، مثل: شاشة الصحافة، ومصارحات. كان البرنامجان جاذبين وغنيان بالمعلومات الشائقة، لكن الجمال الذي كان يضفيه صوته على البرامج لا ينسى، فهو رجل متمكن من اللغة كثيراً، ويستطيع أن يجذب المستمع بصوته الدافئ والواضح، ومن المذيعين الذين ما زالوا في الذاكرة».

يُذكر، أن الخبير الإعلامي "ميسر سهيل" من مواليد "دمشق"، عام 1939.