كان المتفرد في الطب وعلومه في عصره، وأول من أسس مدرسة متخصصة في الطب التي خرّجت على مدى 200 عام أهم العلماء العرب، الذين عدّوا "الدخوار" رئيسهم.

مدونة وطن "eSyria" من خلال بحثها عن أعلام "سورية" ومبدعيها، بغية الحفاظ عن الإرث والأثر الحضاري التقت الدكتور "نوري مصطفى العباس" ليحدثنا عن هذا العالم الدمشقي الجليل، فقال: «هو "مهذب الدين أبو محمد عبد الرحيم بن علي بن حامد" الملقب بـ"الدخوار"، ولادته ونشأته كانت في "دمشق"، فقد ولد سنة 565هـ، وتوفي سنة 628هـ، وفيها تعلّم وعلّم وعمل في صناعة الطب، وكانت له حظوة كبرى عند الملوك، فنال الجاه وقبله المال. كان أبوه كحالاً، وكذلك أخوه، ومنهم أخذ الفكرة الأولى عن الطب، تتلمذ على أيدي كبار الأطباء في ذاك العصر حتى بات الأمهر بينهم، فقد درس الطب على يدي العالم "رضي الدين الرحبي"، وكذلك "موفق الدين بن المطران"، و"فخر الدين المارديني" الذي درّسه كتاب القانون في الطب للشيخ الرئيس "ابن سينا"، وكان "فخر الدين" كثير الدراية بنتاج "ابن سينا". ذهب إلى "مصر"، وأكمل عمله بالطب وذاع صيته هناك، وغدا شيخ أطبائها، ثم عاد إلى "دمشق" وعمل بـ"البيمارستان" الذي أسسه الملك العادل "نور الدين زنكي"، وعلى الرغم من حقد الحاقدين والوشاة، بقيت العلاقة وثيقة مع الملك العادل حتى أصبح جليسه وأنيسه وصاحب مشورته».

كان "الداخور" طلق اللسان، حسن تأدية المعاني، دقيق البحث، إلا أنه في آخر زمانه أصابه مرض في صوته ولم يستطع التحدث، لكنه بقي غزير الإنتاج العلمي حتى وفاته، وأهم مؤلفاته: "اختصار كتاب الحاوي في الطب للرازي"، وكتاب "الجنينة في الطب"، وكتاب "عن الاستفراغ". ويبقى "الداخور" عالماً وطبيباً جليلاً، كان له عظيم الأثر في عالم الطب، وهذا ما تؤكده أمّات الكتب التي أرّخت للطب في العالم العربي والإسلامي

ويضيف "العباس": «ولأن العلم يجب ألا يبقى حبيس الصدور، ولأن خير الناس من تعلّم وعلّم، كان إصرار "الداخور مهذب الدين" على إنشاء المدرسة "الداخورية"، التي تعدّ أول المدارس أو الكليات التي تدرس الطب في العالم العربي التي تخرّج فيها علماء أجلاء كان لهم تأثير كبير في العالم ككل، من أمثال العالم الجليل "ابن النفيس" مكتشف الدورة الدموية، والعالم "ابن أبي أصيبعة" مؤرخ الأطباء. وظلت المدرسة الداخورية تمارس دورها الحضاري الرائد في تدريس الطب وتعليمه وإخراج نوابغ الطب قرابة قرنين من الزمن، ثم عفا عليها الزمن، ويقال إنها تقع في "دمشق" في منطقة "الصاغة" العتيقة قبلي الجامع "الأموي"، وكان إنشاؤها سنة 621 للهجرة».

الدكتور نوري العباس

أما عن مؤلفاته، فيقول: «كان "الداخور" طلق اللسان، حسن تأدية المعاني، دقيق البحث، إلا أنه في آخر زمانه أصابه مرض في صوته ولم يستطع التحدث، لكنه بقي غزير الإنتاج العلمي حتى وفاته، وأهم مؤلفاته: "اختصار كتاب الحاوي في الطب للرازي"، وكتاب "الجنينة في الطب"، وكتاب "عن الاستفراغ".

ويبقى "الداخور" عالماً وطبيباً جليلاً، كان له عظيم الأثر في عالم الطب، وهذا ما تؤكده أمّات الكتب التي أرّخت للطب في العالم العربي والإسلامي».

صورة تعبيرية للطبيب الدخوار

أما "عروة عبد الحميد" الباحث في التاريخ، فيقول عنه: «لم يكن "الداخور" عالماً أريباً في الطب، بل كان عالماً لغوياً اهتم بعلوم اللغة والعلوم الإنسانية كذلك، وكانت لا تفارقه كتب الصحاح لـ"الجوهري"، والمجمل لـ"ابن فارس"، وكتاب النبات لـ"ابن حنيفة الدنيوري". وكان معلمه باللغة العربية الشيخ "تاج الدين الكندي"، حيث اشتغل "الداخور" في بداية عمره بالقراءة والنسخ، وكتب كتباً كثيرة بخط يده، حتى يقول المؤرخون إنها بلغت نحو مئة كتاب أو أكثر في علوم الطب والعلوم الإنسانية، وكان له مؤلف جميل بالأدب؛ وهو اختصار كتاب الأغاني لـ"أبي فرج الأصفهاني"».

يذكر أن "الداخور مهذب الدين بن حامد" توفى في "دمشق" سنة 628 للهجرة، ودفن في جبل "قاسيون"، ولم يكن متزوجاً.