عاشق البحر والفضاء، وأحد أهم رواد أدب الخيال العلمي في العالم العربي، هو الكاتب الذي اتسم أدبه بالإنسانية والنظرة الفلسفية والمحاكاة العلمية والنظرة المسقبلية، إنه الدكتور "طالب عمران".

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 20 آب 2017، التقت الدكتور "طالب عمران" في مكتبه في كلية الهندسة المدنية، فقال: «البدايات كانت من المدينة التي تغفو على كتف البحر "طرطوس"، حيث كانت طفولتي مختلفة قليلاً.

هذا الجيل هو الهمّ الذي أحمله؛ إذ أخشى أن يصبح جيلاً رقمياً مرتبطاً بالآلة ومبتعداً عن الخيال الذي يأتي بالمشاعر والرومانسية، فنحن في زمن الأتمتة التي طغت على العقول والمشاعر التي تتضاءل بتضاؤل الخيال، والآلة تقدم له كل شيء وتغيّب دور العقل

علمني عمي القراءة والكتابة عن طريق القرآن الكريم، وكنت حينئذٍ في الرابعة أو الخامسة من عمري، وفي السابعة دخلت المدرسة، وبعد اختبار وجد الأساتذه أن معلوماتي تؤهلني لدخول الصف الثالث الابتدائي، هذه الميزة أعطتني نوعاً من القوة الداخلية، فكنت مرشداً لرفاق أكبر مني، غارقاً في القراءة، وحالماً في البيئة من حولي».

غلاف الأزمان المظلمة

يتابع الدكتور "عمران": «أدب الخيال العلمي هو فرع من فروع الأدب، وله جذوره في الماضي، حيث كانت بدايته الحقيقية مع "جول فيرن" عام 1865 عندما كتب رواياته المتتالية، وأولها "من الأرض إلى القمر".

كما يمكننا أن نراه واضحاً في "لوقيانوس السوري السميسطائي" المشهور بحوارياته ومغامراته المدهشة المفتوحة، فقد تحدث عن الكواكب المسكونة، والرحلات إلى القمر، ورحلات في جوف الأرض.

من رواياته

يمكننا أن نعدّ "لوقيانوس السوري" الرائد الأول للخيال العلمي في التاريخ الذي نعرفه على الأقل.

أيضاً "حي بن يقظان" الذي كتبه "ابن طُفيل" كان نوعاً من الخيال العلمي، وكذلك "رسالة الغفران" لـ"أبو علاء المعري».

وفيما يتعلق بأعماله، قال: «لقد كتبت "النبضة"، وكانت أول قصة خيال علمي لي، نشرت وقتئذٍ في صحيفة "البعث" عام 1972، ثم في عام 1976 بدأت نشر كتبي، فكان لي "العالم من حولنا" و"كوكب الأحلام "، كما كتبت العديد من القصص والمسرحيات، مثل: مسرحية "طوفان الدم" التي أخرجها الفنان "ياسر العظمة"، و"رجال في الفوضى"، إضافة إلى مسرحية "أناس بلا ملامح".

أما في عام 1988، فقد قدمتُ أول حلقة من برنامج "ظواهر مدهشة"، وفي كل حلقة أحاول تقديم قصص مختلفة.

لكاتب الخيال العلمي الحق في قراءة المستقبل، وأنا لدي هوس في الكتابة عن المستقبل والتنبؤ بالقادم، وهذه التنبؤات ناجمة عن دراسة وإحساس.

فمثلاً رواية "الأزمنة المظلمة" تؤرّخ لقرن من الزمن بدأت ملامحه في 11 أيلول، ففكرتها أتت قبل 10 سنوات من إصدارها، بدأت كتابتها في عام 2000، وكنت أتوقع أن هناك حدثاً ما سيهز الوجدان العالمي، وبعد 11 أيلول 2001 بدأت الرؤية تتوضح، وكنت قد كتبت نصف الرواية، فأدخلت ما جرى فيها، ثم بدأت الرواية تأخذ منحى آخر يتحدث عن أزمان قادمة شديدة الخطورة».

وعن إمكانية الاستفادة من أدب الخيال العلمي في البحث العلمي، وضح قائلاً: «ما من بحث علمي إلا وكان الخيال أساساً له، فعندما اخترع "أديسون" المصباح الكهربائي كان يتخيل ثم أخذ يجرب ويجرب حتى نجحت تجربته، إذاً الباحث يتخيل، ثم يقوم بالعمل بناء على ما تخيله.

يمكن أن نقسم الخيال العلمي إلى قسمين: الأول جاد، والآخر فانتازي كما نراه في السينما الأميركية، مثل: "حرب النجوم"، و"حديقة الديناصورات"، فهي على الرغم من الإبهار الذي تصنعه، إلا أنها لا تستند على حقائق علمية. الفن اهتم بالفنتازيا كثيراً لكونها تستند على خدع يمكن أن تقنع المشاهد بما يشاهده».

أما بالنسبة لمجلة "الخيال العلمي"، فقال: «مجلة "الخيال العلمي" هي ثاني مجلة في العالم بعد مجلة "الخيال العلمي" الأميركية، وكانت البداية في عام 2008، حيث كانت تطبع شهرياً، ومع بداية 2012 تحولت إلى فصلية، عندها قررنا في الجامعة إصدار مجلة شهرية؛ وهي مجلة "الأدب العلمي"، وفي الشهر القادم تكمل عامها الخامس».

أما عن علاقة هذا الجيل بالقراءة والخيال، فقال: «هذا الجيل هو الهمّ الذي أحمله؛ إذ أخشى أن يصبح جيلاً رقمياً مرتبطاً بالآلة ومبتعداً عن الخيال الذي يأتي بالمشاعر والرومانسية، فنحن في زمن الأتمتة التي طغت على العقول والمشاعر التي تتضاءل بتضاؤل الخيال، والآلة تقدم له كل شيء وتغيّب دور العقل».

"أيمن الحسن" كاتب قصة قصيرة ورواية، وأمين سرّ فرع "دمشق" لاتحاد الكتّاب العرب، وأمين تحرير مجلة "المعرفة"، قال عن الدكتور "طالب": «حالة استثنائية، فنحن كعرب سوريين نعتز بهذا الفكر في الخيال العلمي، الذي ترك بصمة مميزة في "سورية" والوطن العربي، وما يقدمه من نتاج أدبي في هذا المجال يرقى إلى مستويات عالمية.

لقد استطاع "طالب عمران" الإبحار في هذا الأدب الصعب الذي يحتاج إلى مخيلة واسعة تبني أحداثاً وقصصاً ومغامرات في الكون، فشدّ انتباه القارئ وأثار فضوله للعلم والمعرفة، ووسّع مداركه وتصوراته حول المستقبل وما يحمله من مفاجآت».

الجدير بالذكر، أن الدكتور "طالب عمران" من مواليد عام 1948، تخرّج في كلية العلوم بجامعة "دمشق"، ونال الدكتوراة في المنطويات التفاضلية والفلك عام 1984، وله أكثر من 90 دراسة وقصة ورواية.