ما أنجزته الدّكتورة "نبال إدلبي" منذ بداية حياتها كان محطّ أنظار كل من التقاها خاصة السيدات، فهي من أوائل حاملي شهادة الدّكتوراة من "فرنسا" باختصاص المعلوماتية، فتميزت بهذا المجال مع بداية انتشاره في "سورية".

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 21 آب 2016، الدّكتورة "نبال إدلبي" خلال قضائها عطلة نهاية الأسبوع في "دمشق"، وتقول: «"دمشق" مدينتي، تربّيت وتعلّمت فيها، وحصلت على الشّهادة الثّانويّة من ثانوية "ساطع الحصري" عام 1978م، والتحقت بمركز الدّراسات والبحوث العلميّة، ذلك أن الطّب لم يكن من الدّراسات التي تستهويني كما الهندسات، وبما أن توجهاتي لم تكن محددة تماماً، وجدت بالمركز حلّاً جيداً وإن كان هذا الخيار فيه من المغامرة ما فيه في تلك الفترة، حيث إنه ما زال في بدايته، وأنهيت السّنوات الثّلاث الأولى وتابعت تحصيلي العلمي في "فرنسا" اختصاص معلوماتيّة، وحصلت على الماجستير ومن ثم الدّكتوراة، وعدت إلى "سورية" لأبدأ الحياة العمليّة بالتدريس في المعهد العالي للعلوم التّطبيقيّة والتّكنولوجيا، ثم انتفلت إلى وزارة الاتّصالات والتّقانة المحدثة حديثاً، فكان العمل على المستوى الوطني».

استفاد المجتمع المعلوماتي في "سورية" من خبراتها العلمية، ومن المسابقات والمشاريع التي نظّمتها بكل دقة وإتقان، ومنها أذكر على سبيل المثال لا الحصر مسابقة "تعزيز صناعة المحتوى العربي الرقمي عبر الحاضنات التّكنولوجيّة"، ومشروع تنسيق التّشريعات السبرانيّة

تتابع الدّكتورة "نبال" حديثها عن العمل في مجال المعلوماتية: «اختلفت مهمة هذه المرحلة وتعددت تحدياتها، وأستطيع القول إنني كنت واحدة ممن حددوا محاور الوزارة وتوجهاتها، وكان علينا القيام بعدة أعمال من متابعة أمور الاتّصالات والبريد، مروراً بوضع مسودة عدة مشاريع مثل مركز المعلومات، كما عملنا في هيكلة الوزارة والاسترتيجية، وبناء القدرات، إضافة إلى العمل في ملفات التّعاون الدّولي، حيث كانت بداية انطلاق مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات، وكان هناك مشاريع عدة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي».

الدّكتور نور الدّين شيخ عبيد

وفي حديث للدّكتور "نور الدّين شيخ عبيد" خبير المعلوماتيّة والتّنمية، يقول: «معرفتي بالدكتورة "نبال إدلبي" تمتد إلى سنوات دراستها عندما كنت مشرفاً على الطّلاب الموفدين، حيث كانت من بينهم تتابع دراستها الهندسيّة في إحدى أكبر المدارس الفرنسيّة العليا للكهرباء في "باريس" باختصاص المعلوميات، انتقلت بعد ذلك إلى مدينة "نانسي" الفرنسية لتحضير الدّكتوراة في أحد أهم مخابر المعلوميات وقتئذ، وفي اختصاص البرمجة التّفرعيّة».

يتابع الدّكتور "نور الدّين": «أدارت الدّكتورة "نبال" المرحلة الثّانية من مشروع التّعاون بين المعهد العالي والاتحاد الأوروبي لإقامة اختصاصات هندسيّة جديدة في المعهد العالي، وهو مشروع كبير بمجالاته، وحجم مداولاته، وميزانيته، والأطراف المشاركة فيه، وإلى جانب ذلك، فقد عملت على مشاريع بحثيّة مشتركة مع جامعات أوروبيّة وشرق أوسطيّة في نهاية التّسعينيات، تتعلق بإدخال التّجارة الإلكترونيّة إلى المنطقة العربيّة وإمكانيّة تبادل المعطيات الإلكترونيّة الخاصة بالسياحة في "سورية".

الدّكتور نوار العوا

وفي مراحل عملها في المعهد، إن كان من شيء أتذكره عن الدّكتورة "نبال"، فهو إتقانها عملها وجديتها الصارمة، وإلمامها بالتفاصيل بقدر إلمامها بأهداف وغايات الأعمال التي كانت تتابعها أو تديرها، وكل ذلك بتواضع طبيعي وشعور بالمودة والألفة يصبغ علاقتها بالوسط الإنساني المحيط بها».

تحدّث الدكتور "نوار العوا" المستشار الإقليمي للتكنولوجيا من أجل التّنمية في "الإسكوا" عن البعد الإقليمي لعمل الدّكتورة "نبال"، ويقول: «تربطني معها معرفة مهنية بدأت في المعهد العالي للعلوم التّطبيقيّة والتكنولوجيا، ثم تعززت بعد أن انضمت إلى "الإسكوا" في العام 2013، حيث تولّت منصب رئيسة قسم تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فيها من عام 2009 إلى عام 2015، ثم رئاسة قسم الابتكار من أجل التّنمية من عام 2015، وحتى الآن، انصبّ اهتمام د. "إدلبي" في بداية عملها عام 2004 في "الإسكوا" على تعزيز قدرات الدّول العربية في التّوجه نحو مجتمع المعلومات، فكانت مسؤولة عن فريق عمل لإعداد تقرير أساسي ودوري يرصد مدى التّقدم الذي حققته الدّول العربية في التّوجه نحو مجتمع المعلومات، ويتضمن ذلك التّقدم في مجال البنية الأساسيّة لتكنولوجيا المعلومات والاتّصالات، وإثراء المحتوى الرّقمي العربي، ودعم صناعته، وإيلاء الاهتمام ببناء القدرات، وتطوير قطّاع المعلومات والاتصالات المناسب للأعمال التجاريّة.

المهندسة فدوى مراد

كما ترأست د "إدلبي" فريق عمل عربياً لتنسيق التّشريعات السبرانيّة في الدّول العربيّة، وأثمر ذلك عن إعداد قوالب جاهزة لمشاريع القوانين، حيث يمكن تعديلها بسهولة يما يناسب الاحتياجات الوطنيّة لكل دولة عربيّة، كما شاركت في عضويّة العديد من اللجان العربيّة والدّوليّة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات».

يضيف: «استفاد المجتمع المعلوماتي في "سورية" من خبراتها العلمية، ومن المسابقات والمشاريع التي نظّمتها بكل دقة وإتقان، ومنها أذكر على سبيل المثال لا الحصر مسابقة "تعزيز صناعة المحتوى العربي الرقمي عبر الحاضنات التّكنولوجيّة"، ومشروع تنسيق التّشريعات السبرانيّة».

أما المهندسة "فدوى مراد" مديرة حاضنة تقانة المعلومات والاتّصالات في الجمعيّة العلميّة السّوريّة المعلوماتيّة بـ"دمشق"، فتقول: «بداية معرفتي بالدكتورة "نبال" كانت عام 1993م في المعهد العالي للعلوم التطبيقيّة والتّكنولوجيا، حيث كنت أدرس دبلوم المعلوميات، بعد ذلك كانت لنا مجموعة مشاريع من العمل في الجمعية، حيث كانت أحد أعضاء مجلس الإدارة، ومسؤولة عن ملف التّدريب، وكانت هناك مجموعة من المشاريع التّدريبيّة ذات البصمة المتميزة، والبرنامج الوطني لنشر المعلوماتيّة، وبمنحى التدريب هذا شاركت ببرنامج تطوير منهاج له علاقة ببرنامج الجداول الإلكترونية "Exile"، الآن الدّكتورة "نبال" عضو في مجلس أمناء الجمعيّة، وعضو مجلس أمناء الحاضنة المسؤول عن وضع الرّؤية الاستراتيجيّة لعمل الحاضنة، ويوافق على مشاريعها؛ وبهذا الإطار هناك لقاءات مشتركة ودورية معها. أما في اللقاءات على مستوى "الإسكوا"، فكان حضورها عربياً، وتجاوزه إلى الحضور الإقليمي. ويمثّل الشباب السّوريون محوراً كبيراً من تفكيرها؛ فهي نقطة ارتباط بالنسبة لجائزة القمة العالميّة لمجتمع المعلومات التي ترشح المشاريع السّورية لهذه المسابقة».

تعمل الدّكتورة "نبال" حالياً على سياسات الابتكار لأهميتها في التّنميّة الاقتصادية، وكذلك مشروع الحكومات المفتوحة من أجل تطوير المؤسسات، من خلال كيفية استخدام التكنولوجيات الحديثة من أجل تعزيز الشفافيّة، والمحاسبة، والمشاركة الاجتماعية.