دمشقية الهوى والنشأة، ترعرعت في بيئة تهوى الشعر والكتابة، خاضت في العديد من مجالات الحياة؛ فمزجت بين الاقتصاد والأدب والإعلام، كما اتجهت إلى طرائق أخرى للتعبير عن إنسانيتها ودفاعها عن قضايا المرأة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 9 كانون الثاني 2016، "عوض القدرو"؛ مخرج وناقد سينمائي، الذي تحدث عن الأديبة الإعلامية "إيمان شرباتي" بالقول: «من خلال معرفتي بها لمست فيها السيدة الدمشقية الراقية بالأدب والفنون والثقافة ودأبها الدائم في البحث المتواصل عن كل ما ينمي ثقافتها الواسعة والمتعددة الجوانب، هي نموذج خلاق وحقيقي للمرأة السورية الحاضرة بكل مفاصل التركيبة الاجتماعية والثقافية والسياسية السورية، إلى جانب رسالتها السامية في الحياة كمدرّسة كبيرة تنشئ أجيالاً وتتقدم معهم نحو حياة حضارية راقية».

العمل التطوعي له إحساس في القلب والوجدان يختلف عن أي عمل آخر، أسست مع بعض صديقاتي جمعية خيرية لمساعدة العائلات المعيلة "شام الخيرية"؛ وكانت هذه الجمعية أعظم شيء قمت به في حياتي

أما الأديب "رسلان عودة" فيقول عنها: «جميل أن تدلي بشهادتك عن شخص وأنت لم تلتقِ به أبداً، إنما تعرفه من خلال صوته وصورته، كنت أقرأُ لها ما تكتبه على صفحات "الفيسبوك" تدهشني جرأة وصدق ما تطرحه في ظل الموت المتنقل بيننا من قضايا وخواطر تخص الناس جميعهم بلغة شاعرية وسرد رشيق، فكانت تزرع الأمل وتربي إرادة الحياة، وشاءت الأقدار أن أسمع صوتها في برنامجها الإذاعي "في حضرة الكلمات" كان لصوتها الرخيم فعل الدواء لمعتل عليل، ولكلماتها وعمق المعاني فعل المطر على أرضٍ يباب، أتمنى لها دوام الإبداع».

شهادة تقدير

مدونة وطن التقتها في منزلها بمنطقة "المهاجرين" بـ"دمشق" بتاريخ 8 كانون الثاني 2016، وتحدثت عن مسيرة حياتها بالقول: «دمشقية المنشأ والأبوين، من بيئة تهوى الشعر والأدب، فأبي شاعر وروائي ومحامٍ، وقد ساعد هذا على تنمية مواهبي الأدبية، إذ كثيراً ما كنت أستمع إليه وأنا صغيرة وأحفظ منه الكثير من الأشعار، وكان له الفضل الأكبر في تمكيني من قواعد اللغة العربية وتقنيات الكتابة، دراستي كانت بين "دمشق" و"السعودية" بحكم سفر والدي، وقد أسعفني الحظ خلال مراحل الدراسة بمدرسات متمكنات للغة العربية فازددت تعلقاً باللغة وقواعدها، وبالشعر بوجه خاص، بعد حصولي على الشهادة الثانوية درست العلوم الطبيعية، لكنني لم أجد نفسي فيها فانتقلت لدراسة التجارة التي أغراني عالمها المملوء بالأرقام، ثم اخترت التخصص بالاقتصاد السياسي للخوض في هذا العالم العجيب الذي ترتكز عليه كل قطاعات المجتمع».

وتتابع عن موهبتها الأدبية: «أؤمن أن الكتابة لا تمنحنا وهجها إلا بقراءات متعددة تسبقها، وهذا ما عملت عليه، وساعدني والدي ومدرّساتي في اختيار الكتب التي أقرؤها، في المرحلة الابتدائية قرأت مؤلفات "المنفلوطي"، و"شكسبير"، "هيغو" و"غوتيه"، فتبلورت موهبتي في مواضيع الإنشاء التي كنت أكتبها للمدرسة، وأذكر أنني في المرحلة الإعدادية كتبت موضوعاً إنشائياً بعنوان: "جدتي وهل في الناس كجدتي"؛ وإذ بي أتفاجأ بأن هذا الموضوع نُشر في مجلة "اليمامة" السعودية، فكان هذا أول ما نُشر لي، ويمكن القول إن القراءة الكثيرة هي أول راعٍ للبدء في الكتابة، ثم نوعية الكتب المختارة، وقد كنت أكتب بعض الخواطر والقصص القصيرة، وبعض المحاولات الشعرية لكنني لم أكن أنشرها حتى دخول عالم "الفيسبوك" حياتنا فبدأت أنشر على بعض الصفحات الأدبية ولاقت منشوراتي نجاحاً وإعجاباً من قبل الكثيرين، وتعلمت من الأساتذة الكبار والكتّاب بعض تقنيات الكتابة».

عوض القدرو

وعن أهم نتاجاتها الأدبية تقول: «بدأت بكتابة رواية وما زلت في أوائل فصولها، فالقصة القصيرة أخذت كل وقتي، أنا الآن بصدد نشر مجموعتي القصصية الأولى والورقية وهي بعنوان "سقط سهواً"، ابتدأت بكتابة القصة القصيرة والقصيرة جداً من خلال صفحة أدبية اسمها "القصة القصيرة جداً في مختبر السرديات"، وقد تعلمت من خلال نشاطي بها الكثير من التفاصيل في كتابة هذا النوع من القصص، أنا الآن مشرفة على صفحات أدبية على مواقع التواصل الاجتماعي تهتم بالقصة والشعر».

وتصف علاقتها بالكتاب بالقول: «هي صحبة عمر، وعشق وألفة، وفي الحقيقة أنا لا أقرأ الكتاب أنا أسكنه وأستوطن بين دفّتيه، وأقيم علاقة مع أبطاله وكأنني فرد من أفراده وشخوصه، وللكتاب الورقي سحره الخاص، فرائحة الورق وطقوس القراءة ومتابعة الحروف والوقوف عندها كلها لها جمالية وألق متميزان».

خلال إحدى دورات مهارات التدريب الإعلامي

وتضيف عن عملها بمجال الإعلام: «أعمل في "راديو سوريات" الذي ابتدأ مع مجموعة من النساء المهتمات بقضايا المرأة ومشكلاتها، أحببت أن يكون لي منبر أخاطب فيه كل ما يخص المرأة، "في حضرة الكلمات" برنامجي وهو برنامج أدبي شعري رومانسي يحمل رسالة وفكرة لأشياء تخصّ المرأة لكونها نواة الأسرة وعضواً أساسياً ببناء المجتمع، أعتقد أن المرأة الآن بدأت تدرك أهمية دورها وتواكب الرجل في كل المجالات، وتحاول اللحاق بالركب من خلال التوعية الثقافية ودخول التكنولوجيا بزخم في حياتها، والأمثلة كثيرة لنساء ساهمن في العديد من النشاطات المهمة وأخذن مراكز مهمة كانت حكراً على الرجل، والمرأة السورية من أجمل وأرقى النساء لما تتمتع به من صفات خلاقة وتربية ووعي، وقدرة على مواكبة الثقافة والتكنولوجيا».

وعن جمعها ما بين دراستها وموهبتها وعملها تقول: «إذا كان القصد هل من تقاطعات بين هذه المجالات الثلاثة؛ فأقول إنني دخلت هذه المجالات بدافع الحب والرغبة، فرغبتي وفضولي في معرفة أسرار وغرائب علم الاقتصاد الذي يتحكم بكل مجالات الحياة في العالم جعلتني أتخصص به، أما كتابة القصة فقد رافقتني منذ أن بدأت أتلمس طريقي في الحياة، الكتابة تحررني من كل القيود، وهي الركن الوحيد الذي أرتاح فيه وتهدأ نفسي من تعب الحياة حتى لو لم يقرأني أحد، الإعلام صوتي المسموع الذي أحاول من خلاله توصيل رسالة أو فكرة، الثلاثة أحبها ولكل منها مذاق مختلف».

وعن دورها بالمجال التطوعي تقول: «العمل التطوعي له إحساس في القلب والوجدان يختلف عن أي عمل آخر، أسست مع بعض صديقاتي جمعية خيرية لمساعدة العائلات المعيلة "شام الخيرية"؛ وكانت هذه الجمعية أعظم شيء قمت به في حياتي».

وتختتم حديثها بالقول: «الحياة ملأى بالحكم وليتنا نستفيد منها، أحياناً أرى الحكمة من خلال ضحكة طفل بائس، أو دمعة ثري، أو انكسار ظالم، وفي الحقيقة أجد نفسي عبر سطوري؛ الطفلة التي ما زالت داخلي ولم تغادرني بعد، وفي صوتي عبر الأثير أرى نفسي الأم والزوجة والمرأة الناضجة والواقعية والمدركة تمام الإدراك أن محبة الناس هي الأغلى».

يذكر أن الأديبة والإعلامية "إيمان شرباتي" من مواليد "دمشق" عام 1965، وهي عضو في "البرلمان الدولي لعلماء التنمية البشرية"، وإلى جانب الأدب والإعلام تمارس هواية الرسم.