درس الحقوق لكنه اتجه منذ البداية إلى العمل في المجال الإعلامي، فكانت صحيفته "الميزان الجديد" الأسبوعية من بواكير الصحف المتخصصة السورية، التي لم تصدر عن نقابة المحامين؛ بل كانت صحيفة خاصة لها دورها الواضح في المجتمع.

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث التاريخي "هاشم عثمان" بتاريخ 6 أيلول 2015؛ الذي تحدث عن "لطفي اليافي" ويقول: «ابن "فريد باشا اليافي" من مواليد مدينة "دمشق" عام 1907، والده كان مديراً لـ"البوليس" في مدينة "حلب"، تعلم في مدارسها حتى نال الثانوية ودخل كلية الحقوق في "دمشق" وهي الجامعة السورية وقتها، دخل سلك العمل السياسي والاجتماعي مبكراً فألقى في مصلى الجامع الأموي خطاباً في 28 آب 1925 ولما يبلغ من العمر الثامنة عشرة يحرض فيه على الاحتلال الفرنسي، ولم يسجن نظراً لحداثة سنه مع أن أمر إيقافه قد صدر».

حضور الصحافة في ذلك الوقت يختلف عن الآن لكونها وسيلة التعبير الوحيدة تقريباً وهي في متناول الجميع، من هنا فإن التركيز كان على أن تكون كل الصحف ومنها "الميزان والميزان الجديد" حاملة لأفكار مجتمعية نيرة ورافعة للمجتمع من مشكلاته وتتناول قضاياه المهمة، منها مثلاً دور القضاء في المجتمع، ومنها الحاجة إلى إعداد القضاة إعداداً حسناً لكي يكونوا على مستوى الثقة التي يوليها المجتمع لهم

كان "اليافي" على علاقة طيبة مع القائد الوطني "فوزي الغزي" الذي يعدّ أبا الدستور السوري، وتزوج الأخير من أخت "لطفي"، وقد أصدر الأخير كتاباً عنه عام 1929 حمل عنوان: "الفقيد العظيم فوزي الغزي"، وهو من الكتب التي أرخت لحياة القائد الوطني الذي مات في ظروف غامضة. والكتاب حالياً موثق في مكتبة "الظاهرية" في "دمشق".

جريدة الميزان العدد 7

بعيد تخرجه في الجامعة السورية عين مديراً لناحية "السفيرة" في "حلب"، ثم انتقل بعد ذلك إلى "دمشق"؛ حيث أصدر جريدة "الميزان الجديد" كجريدة أسبوعية متخصصة في القضاء والاجتماع؛ كما يعلن عن ذلك في صدر الصفحة الأولى وقد أصدر العدد الأول من السلسلة الجديدة في شهر تموز 1932 مضيفاً كلمة الجديد إليها حيث سبق أن توقفت صحيفة حملت اسم "الميزان" التي صدر عددها الأول في 20 كانون الثاني 1925 لصاحبها "أحمد شاكر الكرمي".

جاءت الجريدة في "ثماني صفحات من القطع المتوسط، وكان بدل اشتراكها في الداخل أربع ليرات سورية، وفي الخارج ست ليرات سورية، وكتب أن ثمن العدد أربع قروش سورية"، و"لا شك أن الجريدة كانت واسعة الانتشار، فقد استقطبت العديد من الإعلانات الرسمية والخاصة التي شغلت الصفحة الثامنة وهي الصفحة الأخيرة من الجريدة"؛ كما يقول في حديث سابق الباحث والموثق الدكتور "مهيار الملوحي".

لطفي اليافي في شبابه

ركز "اليافي" في جريدته على تقديم مفاهيم المواطنة والقضاء النزيه من دون أن ينسى أن الجريدة صدرت في ظل الاحتلال الفرنسي، يقول الكاتب "جوزيف الياس" صاحب كتاب "تاريخ الصحافة السورية في مئة عام"؛ وهي موسوعة نادرة وتستحق التنويه بها: «حضور الصحافة في ذلك الوقت يختلف عن الآن لكونها وسيلة التعبير الوحيدة تقريباً وهي في متناول الجميع، من هنا فإن التركيز كان على أن تكون كل الصحف ومنها "الميزان والميزان الجديد" حاملة لأفكار مجتمعية نيرة ورافعة للمجتمع من مشكلاته وتتناول قضاياه المهمة، منها مثلاً دور القضاء في المجتمع، ومنها الحاجة إلى إعداد القضاة إعداداً حسناً لكي يكونوا على مستوى الثقة التي يوليها المجتمع لهم».

عرف عن "اليافي" المنتمي إلى أسرة عربية المَحْتِد ينتهي نسبها إلى "الحسين بن علي" علاقته الطيبة بالجمهور والناس، يذكر عنه قريبه "د. محمد فؤاد اليافي" المقيم حالياً في "النمسا" أنه كان مدافعاً ومنافحاً عن الناس الفقراء، وجمعه للعمل الصحفي كان بمنزلة جسر يوصله بالناس لمعرفة همومهم وقضاياهم التي يتابعها باهتمام ودقة، كذلك يذكر صاحب كتاب "الأعلام" "خير الدين الزركلي" في الجزء الخامس من كتابه أن "اليافي" كان على علاقة طيبة مع القيادات الوطنية المواجهة للفرنسيين.

غلاف كتابه عن الغزي

تابع "اليافي" عمله في الصحافة ردحاً من الزمن، حتى توقفت صحيفته بقرار من الفرنسيين أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي، ولم يذكر أي مرجع تاريخ الإيقاف بالدقة، لكن خلال العهد التاجي (حكم تاج الدين الحسيني) المنتهي عام 1936 تم إيقاف معظم الصحف السورية، إلا أنه بقي يعمل في السياسة ممثلاً عن الكتلة الوطنية حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939، وعاد إلى عمله الأساسي المحاماة حتى وفاته عام 1983.