تنقلك كتابات المناضل والأديب "محمد رضا بني مرجة" إلى عالم مملوء بالعاطفة الوطنية، حيث نذر قلمه لخدمة الوطن؛ لتكون مسيرته الإبداعية صورة حقيقية لمسيرته النضالية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 5 تموز 2015 الأديب الدكتور "نزار بني مرجة" رئيس تحرير جريدة "الأسبوع الأدبي"؛ وهو ابن المجاهد والأديب "محمد رضا بني مرجة"، وعن والده يقول: «منذ يفاعته رفعت يداه الحجارة ضد احتلال الفرنسي متمثلاً بروح النضال من المجاهد "حسن الخراط" والمجاهد "محمد الأشمر" في "دمشق"، وحاملاً في جيناته روح الثورة ضد الاحتلال من خاله الثائر الشهيد "حسن وطفة" قائد ثورة "القلمون" المتصلة مع ثورة "صالح العلي" في جبال الساحل وثورة "هنانو" في الشمال، وثورة "سلطان باشا الأطرش" في "جبل العرب".

ما كتبه الأديب "رضا بني مرجة" أعدّه مهمة خالدة تتصل بذاته، بطبيعته ومزاجه ونظرته الخاصة إلى ما يحيط به، ما كتبه هو تصوير للحياة وانعكاسها في نفسه، ولأنه صادق مع ذاته يوقظ فينا ما يبتغيه ألا وهو ترسيخ عشق الوطن والإنسان، يطرق أبواب تفكيرنا ومشاعرنا لينمي فينا ملكة التخيل والتأمل

في ريعان شبابه أكملَ المشوار بانضمامه إلى طليعة المتطوعين لتأسيس نواة الجيش العربي السوري بعد الاستقلال، وبعدها اختارته قيادة الجيش آنذاك ليكون بين عدة مدربين لجيش الإنقاذ في "فلسطين"، ويحدث أن يقوم جاسوس بإبلاغ العدو عن أسماء المدربين وهو من أبرزهم، ليحكم عليه الصهاينة بالإعدام في حال ظفروا به، وأنّى لهم؟! وهذا ما كوّن لديه حافز ليتعلم العبرية فيما بعد، ويطلبَ نقله إلى سلاح الإشارة في القوات المسلحة، للتنصت إلى مكالمات العدو، وحقق الكثير من النجاحات في اختراق وإحباط خطط الأعداء والجواسيس، كما قاتل بعدها ضمن كتيبة يقودها الشهيد "عدنان المالكي" من جبهة جنوب "لبنان" من بلدة "عيترون" وكاد يقع ومجموعته التي يقودها في الأسر نظراً لتقدمه غيرِ الآبهِ للمخاطر، ويحدث أن ينقذه الشهيد "عدنان المالكي" بنفسه بمجازفة كبيرةٍ منه هو الآخر المقدام».

د.نزار بني مرجة

وتحدث "بني مرجة" عن والده بعد التقاعد ويقول: «توجه فيما بعد للعمل في سد "الفرات" وانتقلنا معه إلى "حلب" لعدة سنوات، وبعدها وبسبب ما حصل في نكسة حزيران ورفضه للهزيمة، فاجأنا بتطوعه في جيش التحرير الفلسطيني، هو الذي تقاعد بعد خدمة طويلة من الجيش العربي السوري، فيا له من رجلٍ لا يتعبه النضال، وتواصل نضاله في "الأغوار- الأردن" إلى أن وقعت مجازر أيلول الأسود».

يتحدث الشاعر والأديب "مزاحم الكبع" عن الجانب الأدبي للمجاهد "محمد رضا بني مرجة"، ويقول: «للكتابة والكلمة مساحة واسعة في حياة أديبنا ومجاهدنا "بني مرجة"؛ حيث كان منبره المفضل للنشر مجلة "جيش الشعب" التي كانت هي ذاتها مجلة "الجندي"، والمنبر الآخر مجلة "صوت فلسطين"، تعلّم في مرحلة من حياته اللغة الفارسية وأتقنها، ولم يقتصر نشاطه الكتابي على كتابة المقالات بل بإلقاء محاضرات ذات الطابع الوطني والقومي في المراكز الثقافية».

د. نزار أثناء تكريم والده

ويضيف: «أصدر "بني مرجة" العديد من المؤلفات، منها في مجال القصة مثل "يوم حافل بالذاكرة"، وكتاباً شيقاً بعنوان "سدود شيدت" تحدث فيه عن عمله في سد "الفرات"، وأيضاً مؤلفاً في الدراسات الأدبية باسم "أزهار ورياحين"، ومن الأدب الفارسي اختار لنا "كلستان نو"، وكتاباً يتحدث فيه عن أيام مرت وحياة حافلة بالنضال بعنوان "ذاكرة وطن"، كما ترك العديد من المخطوطات منها "الجولان" و "حماة الديار"».

"محمود الصفدي" من قراء "بني مرجة" يقول: «ما كتبه الأديب "رضا بني مرجة" أعدّه مهمة خالدة تتصل بذاته، بطبيعته ومزاجه ونظرته الخاصة إلى ما يحيط به، ما كتبه هو تصوير للحياة وانعكاسها في نفسه، ولأنه صادق مع ذاته يوقظ فينا ما يبتغيه ألا وهو ترسيخ عشق الوطن والإنسان، يطرق أبواب تفكيرنا ومشاعرنا لينمي فينا ملكة التخيل والتأمل».

مزاحم الكبع

يذكر أن الأديب "رضا بني مرجة" من مواليد "دمشق" عام 1926، توفي في شهر نيسان 2015، تاركاً خلفه نتاجاً ثقافياً ووطنياً مهماً، كرّمته وزارة الثقافة مؤخراً خلال ندوة كبيرة أقيمت في المركز الثقافي بـ"المزة".