درَس الطب لأربعين عاماً في جامعة "دمشق"، وتخرج على يديه نخبة من خيرة الأطباء في "سورية" والعالم العربي، كان طبيباً ومدرّساً متفانياً ومثقفاً غيوراً على اللغة العربية، له العديد من المؤلفات الطبية والثقافية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 21 تموز 2015، الطبيب "إبراهيم حقي"؛ الذي تحدث عن أستاذه وزميله في المهنة الطبيب "عزة مريدن"، ويقول: «عرفته أستاذاً منذ السنة الدراسية الأولى في كلية الطب، تميز بشرحه المبسط المحيط لجوانب المادة حيث لا يجد الطالب مجالاً لطرح سؤال عن نقطة غير واضحة، كان لطيفاً حين إلقائه الموضوع إملاءً أو شرحاً، أما المحاضرات السريرية العملية فكانت من أجمل الدروس، حيث إننا لم نتعلم فيها النواحي الطبية فقط إنما علمنا النواحي الاجتماعية بطريقة التعامل مع المريض والاهتمام به واحترامه، وإشعاره بالطمأنينة وتقديم أفضل ما يفيده ويقربه من الشفاء، وكان يعامل الطلاب وكأنهم زملاؤه وهذا أكسبه محبتهم.

كان إدارياً ناجحاً أثناء عمله كعميد لكلية الطب، ربطته بطلابه علاقات اجتماعية جيدة، قدم خلال مدة التدريس معلومات مميزة لطلابه، إضافة إلى تقديمه العديد من المؤلفات في مادة "الأدوية"

دارت الأيام وأصبحنا زملاء في كلية الطب فعرفت فيه صفات جديدة بإخلاصه لعمله ومحبته لزملائه، وحسن تعامله معهم جميعاً، كما عرفت الكثير عن طريقة ممارسته وتعامله مع مرضاه، ومع أنه كان يعدّ في حقبة من الحقب أحد الأطباء القلائل الأوائل في "سورية"، وكان أحد الأطباء الخاصين لرؤساء الجمهورية سابقاً منهم "تاج الدين الحسني" و"شكري القوتلي"، وكان دمث الأخلاق، يحسن معاملة كل المرضى، يعطف على الفقراء منهم، ولا يستغل الميسورين، لذلك تمتع بسمعة حسنة لازمته طوال حياته.

الباحث التاريخي أحمد سعيد هواش

عدا اهتمامه بتتبع آخر مستجدات الطب، كانت له اهتمامات اجتماعية وأدبية، فكتب عدداً من الأبحاث والمقالات التي تهتم باللغة العربية، إضافة إلى إجادته الخطابة ارتجالاً بلغة فصيحة».

أما الطبيب "صادق فرعون" أحد تلامذته فيقول: «كان إدارياً ناجحاً أثناء عمله كعميد لكلية الطب، ربطته بطلابه علاقات اجتماعية جيدة، قدم خلال مدة التدريس معلومات مميزة لطلابه، إضافة إلى تقديمه العديد من المؤلفات في مادة "الأدوية"».

كما التقت المدونة بتاريخ 19 تموز 2015، الباحث التاريخي "أحمد سعيد الهواش"، وتحدث عن الدكتور "عزة مريدن" ويقول: «التحق بالمعهد الطبي - قسم التشريح في "دمشق" وتخرج طبيباً عام 1930، وعين طبيباً معاوداً لسنتين في المستشفى الوطني بـ"دمشق"، ثم معاوداً أصيلاً لأستاذ التشريح لمدة ثلاث سنوات، ليسافر موفداً إلى "باريس" لمتابعة الاختصاص بالأمراض الباطنية، وعند عودته افتتح عيادة خاصة بالأمراض الباطنية، إلى جانب ممارسته عمله الأكاديمي، كان من الأطباء المتميزين بنشاطهم في المجالين التعليمي والثقافي ونتيجة ذلك عين 1952 نائباً لعميد كلية الطب ثم عميداً لها لمدة ثماني سنوات، كان خلالها حريصاً على تنشيط المنح الدراسية والانتداب إلى خارج القطر للتخصص، إضافة إلى استضافة كبار الاختصاصيين الأجانب لتدريس وتدريب الطلاب في مستشفى كلية الطب بـ"دمشق"، كما نشط بريادة التعريب الطبي، وحمل خلال عهد الوحدة المصرية - السورية راية تعليم الطب باللغة العربية».

ويتابع: «عُرف عن الدكتور "عزة مريدن" حبه للغة العربية وآدابها وحفظه عشرات القصائد من عيون الشعر العربي قديمه وحديثه، وكان يثابر على زيارة المجمع العلمي العربي والمكتبة الظاهرية، إضافة إلى ممارسته هواية المطالعة للكتب القديمة منها أمّات الكتب السياسية، و"الأغاني" للأصفهاني، وكان له ولع بما كتبه "ابن سينا" حتى قيل إن الحكومة السورية انتدبته ليمثلها في المهرجان الألفي الذي أقيم في "بغداد" احتفالاً بعظمة هذا الطبيب والفيلسوف، وكثيراً ما كان يردد أبياتاً من قصيدته العينية الرائعة في وصف الروح، ومطلعها:

(هبطت إليك من المحل الأرفع... ورقاء ذات تعزز وتمنع)».

وعن أهم نشاطاته يقول "الهواش": «كان له العديد من المشاركات تمثلت بإلقائه المحاضرات في "باريس"، "لندن"، "جنيف"، "نيويورك"، "واشنطن" و"شيكاغو" باللغتين الفرنسية والإنكليزية، إضافة إلى محاضراته على منبر المجمع العلمي العربي في "دمشق"، وعلى منابر جامعة "دمشق"، ودار الكتب الوطنية في "حلب"، والعديد من الجمعيات العلمية والأدبية في "سورية"، كما قدم في الإذاعة عدداً كبيراً من الموضوعات الأدبية والعلمية، وشارك بتأسيس حلقة "الزهراء" الأدبية، التي كان عضواً فيها.

ترك أربعة مؤلفات طبية، هي: "أمراض الأطفال"، "علم الأدوية"، "مبادىء علم الأدوية"، و"فن التجبير"، وكتابين ثقافيين، هما: "دراسات وتأملات في العلم والطب والحياة"، وكتاب عن العلاَّمة المرحوم "أحمد منيف عثمان العائدي"، كما نشر العديد من المقالات في المجلات الثقافية، العلمية والطبية منها: "المعرفة"، "مجمع اللغة العربية"، "الأسبوع العربي"، و"طبيبك". وساهم في تحرير مجلة المعهد الطبي العربي بـ"دمشق"».

يذكر أن الطبيب "عزة مريدن" من مواليد "دمشق" عام 1908، التحق بالمدرسة العلمية الوطنية ليتابع تحصيله العلمي حتى المرحلة الثانوية التي حصل على شهادتها وهو في الخامسة عشرة من عمره وكان من المتفوقين، تزوج "أميمة العائدي" وله منها 3 أولاد، هم: ("أمين" دكتور مهندس، "نجوى" طبيبة، "طريف" طبيب مدرّس)، توفي عام 2000م.