سعت كي تجعل لأدب الطفل مؤسسة مستقلة، فوضعت كل ما بوسعها لانتشاله من المستنقع، ونذرت عمرها في سبيل الطفولة، فخلقت جيلاً من الكتّاب في هذا المجال، كما اهتمت بمواضيع المرأة من خلال دخولها مجال الصحافة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 16 شباط 2015، "خلف عامر" عضو اتحاد الكتاب العرب، الذي تحدث عن الأديبة "دلال حاتم" ويقول: «أهدت لكل الأطفال أحلامها وقصصها ورحلت، لكنها لم تقتنع يوماً بواقع أدب الطفل، وكانت تشعر دوماً بأن عليها السعي لإنشاء مؤسسة مستقلة، لها نظامها وميزانيتها وكادرها من خبراء ومربين وأدباء مختصين وعلماء وفنانين لنشل أدب الطفل من مستنقعه، بسبب الظّلم الواقع على الطّفل والمرأة، ومشكلات التشرد التي يتعرض لها بسبب الفقر وانفصال الأب عن الأم».

ساهمت "دلال حاتم"، في إعداد مسلسلات إذاعية للأطفال، كما قدّمت مسرحيتين لمسرح العرائس، لتصبح بعد هذه الجهود عضواً في جمعية القصّة والرّواية، كما تمكّنت من الحصول عام 1984م، على جائزة المنظّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عن قصة "حدث في يوم ربيعي"، ثم ندبت بعد خمس سنوات للعمل في وزارة الإعلام

ويضيف "عامر": «أذكر في إحدى لقاءاتها قالت إن الكتابة للأطفال هي السّهل الممتنع، وانتقاء المفردات لتتواصل معهم ليس بالأمر اليسير، فلم تجد إلا ابنتي أخيها، لتقرأ لهما، وتطلب منهما الاستفسار عن الكلام غير المفهوم، وبعد تمكّنهما من القراءة، أعطتهما قصصاً، لتضعا خطوطاً تحت الكلمات غير الواضحة بالنّسبة لهما، لتستبدلها بمفردات أوضح، تعطي نفس المعنى، وتكون أقرب إلى ذهنيهما، دون أن تتجاهل أهمية الخيال والتوسّع به بالنسبة للأطفال».

الباحث "وائل بدر الدين"

وفي لقاء الدكتور "وائل بدر الدين" المختص في علم الفلسفة، يقول: «في وقت لم يكن لوسائل الإعلام والتواصل دور في تنشئة الأطفال، كان لقصص الأطفال التي أبدعتها "دلال حاتم" دور كبير في القضاء على أوقات فراغهم، والتأثير في سلوكهم والالتصاق بذاكرتهم حتى يومنا هذا، فالطفل في تسعينيات القرن الماضي كان يشغف قلبه بتقليد كل ما يقع تحت أبصاره أو يدخل سماعهم، ووقتها كانت قصص "حاتم" تصافح أسماع الأطفال من خلال أصوات الأم أو الجدة أو الأخت فينامون على تلك الحكايات التي ينتصر فيها الخير، ففي قصتها "عتاب" تناولت الكاتبة مشكلة خوف الأهل من تعليم الفتاة؛ لأنها شرف العائلة ويخشى أن تلطخه؛ وهو ما يدفع الفتاة لتعيش في كبت عواطفها وكيفية علاج هذه المشكلة، وفي قصة "الأسنان الذهبية" تركز على ضرورة احترام الموتى، من خلال قصة ولد يحاول اقتلاع أسنان أمه الذهبية بعد وفاتها لكنه لم يتمكن».

ويتابع: «تعدّ "حاتم" بحق ممن أسسوا لمرحلة جديدة في أدب الأطفال في "سورية" خاصة والوطن العربي عامة، حيث عولت الكثير على القصة وأساليبها في تربية الأطفال وتنشئتهم وتوجيههم؛ لما للقصة من قوة تأثير في سامعيها سلباً أو إيجاباً بحسب نوعية القصة والهدف منها، واعتمدت في كتابتها للقصص مناسبتها لعمر الطفل ومستوى عقله، فالطفل في كل مرحلة من مراحل عمره الزمني يحتاج إلى نوع معين من القصص، يتناسب مع درجة نموه في جميع جوانب شخصيته، وكانت الأديبة المرحومة من المبدعات المتألقات في صناعة مجلة "أسامة"، وقد نجحت في عملها لأنها كاتبة متميّزة للأطفال والكبار».

من أعمال "دلال حاتم"

وختم "بدر الدين" بالقول: «ساهمت "دلال حاتم"، في إعداد مسلسلات إذاعية للأطفال، كما قدّمت مسرحيتين لمسرح العرائس، لتصبح بعد هذه الجهود عضواً في جمعية القصّة والرّواية، كما تمكّنت من الحصول عام 1984م، على جائزة المنظّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عن قصة "حدث في يوم ربيعي"، ثم ندبت بعد خمس سنوات للعمل في وزارة الإعلام».

أما مدرس اللغة العربية "أحمد فواز" فعنها يقول: «سخرت الأديبة "دلال حاتم" ما يزيد على ثلاثين عاماً من عمرها في الكتابة للأطفال، واستطاعت أن تجعل من مجلة "أسامة" التي ترأست تحريرها، أسبوعية دون انقطاع وأن تخلق جيلاً من الكتاب استقطبتهم في مجال أدب الأطفال، وكانت قد حصلت عام 1955م على إجازة في الآداب من جامعة "دمشق"، وتفرّغت للعمل عام 1962 في مديريات وزارة الثقافة، كمحو الأمية، العلاقات العامة، الإرشاد القومي، مجلة المعرفة، مديرية المراكز الثقافية، ثم انخرطت في الاتحاد العام النّسائي، وأصدرت مجلّة "المرأة العربيّة"، وعملت كسكرتيرة للتّحرير فيها مدّة ثلاث سنوات».

عضو اتحاد الكتاب العرب "خلف عامر"

ويشير القاص "خالد جمعة" إلى أن الكاتبة "دلال حاتم" تزوجت من الشّاعر "علي الجندي" ولم تنجب أطفالاً، لكنّها حملت أطفال العالم كلّه في رحم وعيها، فنذرت عمرها في سبيل الطفولة، وكتبت بلغة الطفل وليس بلغة الكاتب، بلغة فصيحة مبسطة وبأسلوب جذاب وممتع يجعل الأطفال يتفاعلون مع القصة ويفهمون مضمونها دون ملل، وألفت الراحلة ما يزيد على 28 مؤلفاً بين قصص للكبار والصغار والروايات والأعمال الأدبية المترجمة، ومن بنيها: "الديك الأسود"، و"ما أجمل العالم بألوان ريمة"، و"شجرة زيتون صغيرة"، و"درس استثنائي"، و"مذكرات عشرة قروش"، و"أدفأ مكان في العالم"، و"قصر المرمر"، و"جحا في مدينة الذهب"، و"كان يا مكان"، "السماء تمطر خرافاً"، و"حدث في يوم ربيعي"، و"مذكرات عشرة قروش"، و"حنون القرطاجي"، و"الفطيرة الطائرة"، وغيرها من قصص الأطفال.

يذكر أن الأديبة "دلال حاتم" ولدت في "دمشق" عام 1931م، وتوفيت في 2 أيلول 2008 عن عمر يناهز سبعاً وسبعين سنة، بعد أن تحملت ألمها البدني ومتاعبها.