هي صديقتي منذ لحظة صدور روايتها، ولأن الصداقة تفتح الأبواب الموصدة كان لابد لنا أن نفتح الكثير من هذه الأبواب كي نتعرف على كل ماأرادت البوح به وكي نعيش مع روايتها وظروف العمل التي أدت إلى ولادتها.

الكاتبة من مواليد 1965- خريجة أدب فرنسي من جامعة دمشق- دبلوم دراسات جامعية للترجمة (الدوتفا) من المركز الثقافي الفرنسي وقد صدر لها :

- الخيميائي – ترجمة 1997

  • امرأة حتى آخر يوم – ترجمة 2000
  • سألتها قبل كل شيء عن قراءاتها وعن تأثير الكتاب الذي تقرؤه على فعل التأليف لديها فأجابت :بشكل عام تعتبر القراءة بمثابة الغذاء الأساسي للكاتب، وأنا بالواقع أميل إلى التنويع في القراءة، وبشكل خاص إلى الكتب ذات الطابع الفلسفي. ولاشك أن مثل هذه الكتب تشكل بمجموعها أقنية متنوعة تحرض القلم لدى الكاتب. وكتابي "قبل رحيل الذاكرة" هو أول رواية لي لهذا هي تشكل شيئاً بمنتهى الخصوصية بالنسبة لي. فأنا عندما بدأت بالترجمة شجعني القراء كثيراً على التأليف بعدما أثنوا على أسلوبي الأدبي، فبدأت بالتفكير في كتابة رواية غير أنني كنت دائماً أتراجع وأشعر بالخوف، لكني لاأعرف كيف بدأت في أحد الأيام بالكتابة وكيف انساب القلم على الورقة دون توقف وكان النص جاهزاً وموجوداً في عقلي ولم يتبق إلا نقله على الورق.

    ثم سألتها عن معاناة الكتّاب حين يودون طبع كتبهم في دور النشر فكانت إجابتها كما أكثرهم بالصعوبات التي يواجهونها، وقالت إن دور النشر لاتشجع المؤلفين الجدد، ولاتتبنى بشكل كامل الكتاب من ناحية الطباعة والتوزيع والدعاية كما تفعل دور النشر الأوروبية. وقد أوعزت إلى أن السبب من الممكن أن يكون صعوبة الحصول على موافقة النشر، والبطء في التوزيع، لأن سوق الكتاب في سورية وخصوصاً "الرواية" مايزال ضعيفاً. هي الآن تعمل على إصدار رواية جديدة ، لكنها لاتعرف بعد كيف ستتم إجراءات الطباعة ومع من، نتيجة الاشكالات السابقة.

    وحين أردت أن أتعرف على المؤثرات المحيطة بها على تكوين النص الابداعي لديها، وقصدت بذلك تأثيرات الأسرة والأصدقاء والحب والمكان وحتى الموسيقا فابتسمت وأجابت على الفور:

    الموسيقا ركن أساسي في حياتي فقد درست الموسيقا منذ الطفولة وأمارس العزف على البيانو بشكل متواصل. أشكرك على هذا السؤال لأنني دائماً أفكر بأن هنالك علاقة خفية بين الموسيقا والكلمة أو بين النوتة الموسيقية والجملة الأدبية. أعتقد أن كليهما يعبران عن طريقة مختلفة لرؤية الأشياء من حولنا. أنا أستمع لكل أنواع الموسيقا التي أشعر أنها تؤثر في وجداني. وأما علاقتي بأسرتي فلها دور كبير في أبداع الكتابة لدي وبالنسبة لي أنا أؤمن بالحب غير المشروط مع عائلتي، وأؤمن أيضاً أن العطاء يمنح الانسان طاقة كبيرة تساعده على كل أنواع الابداع في العمل.

    قد يكون للسعادة الداخلية والرضى الدور الكبير لتحقيق الطموح، أما بالنسبة للكتابة أو الفن عموماً فأنا أعتقد أن القلق والمعاناة هما المحرضين الرئيسيين للكتابة.

    بالنسبة لي مامن قاعدة معينة بالامكان تطبيقها في هذا المجال فلكل كاتب محرضاته وطقوسه الخاصة به.

    أما الصداقة فهي شيء أساسي جداً في حياتي ولاشك أن الأصدقاء يلعبون دوراً هاماً في إثراء التجربة الحياتية. على العموم الكتابة هي استخراج اللاوعي عند الانسان، واللاوعي هو تراكم صداقات وتجارب وكلمات الآخرين. وأنا أعتبر نفسي محظوظة جداً بالدعم القوي الذي تلقيته من أصدقائي بعد صدور روايتي الأولى مما مدّني بتشجيع كبير.

    وحين يكون الحديث عن المكان فأنا أعتبر أن أقوى ارتباط بالنسبة لي هو المكان. أحياناً أشعر أن ذاكرتي كلها هي قصة حب مع المكان، وأشعر أن الأرض هي التي تسكنني لاأنا التي أسكنها.من الصعب على الانسان أن يقوم بعمل ابداعي دون أن يعرف الحب، وهنا أقصد الحب بشكله الشامل. أما التجربة مع الجنس الآخر فحتى الخيبات هنا بمقدورها أن تثري التجربة في مجال الرواية. الحب بكل أشكاله هو أكبر محرض للكتابة.

    في آخر اللقاء سألتها بماذا تحلم لكتابها؟ ولمستقبل الرواية والقصة القصيرة في سورية، فتمنت أن يصل كتابها إلى أكبر عدد من القراء و أن يشعر القارىء أنها تتحدث بلسانه وكأنها تعيش تجربته، وهي مؤمنة تماماً أنه طالما هناك كتّاب قادرون على حياكة رواية من ومضة تعبر دماغهم وتمس الحس الانساني بالصميم فإن مستقبل الرواية سيكون بألف خير.