ورثت عائلة "جورج زيتون" مهنة الحفر والنقش على الخشب وأبدعت فيها، لتسهم بذلك، وإلى جانب عائلات دمشقية أخرى، في المحافظة على المهن التراثية السورية، إلا أنّ ابنها "جوزيف" اختار طريقاً آخر لا يقل أهمية عما أنجزته العائلة سابقاً.

لم يتوقف حبّ التراث لدى "جورج زيتون" عند ممارسة مهنة ما، وإنما أتاح الفرصة لابنه "جوزيف" ليتلمس طريقه ويتابع شغفه في توثيق تاريخ البلاد ومؤسساتها، "جوزيف" الحاصل على الإجازة من كلية الحقوق في جامعة دمشق عام 1977، شغل عدة وظائف في وزارة الدفاع ورئاسة مجلس الوزراء أهمها كما يقول في حديثه لمدوّنة وطن "eSyria": عام 1987 عندما تمّ تفعيل مكتب التّوثيق والأرشفة في رئاسة مجلس الوزراء، وكنت آنذاك معاوناً لمدير المكتب، حيث أُتيحت لي فرصة جمع كل الوثائق المتعلقة بتاريخ البلد من الجهات العامة، المكتبات، والأرشيفات القديمة، فعملت على تصنيفها وأرشفتها، وهذا ما سهل عملية طباعة مجموعات القوانين والأنظمة ذات البعد التّاريخي بدءاً من دخول "الملك "فيصل" إلى مدينة "دمشق"، مروراً بوثيقة "كاترو" واستقلال "سورية" وما بعدها، تقدم وزير الدولة لشؤون الرئاسة "أنطوان جبران" المتابع معنا لهذا العمل بهذه المطبوعات والكتب لصديقه بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس "اغناطيوس هزيم" الذي أعجب بهذا العمل، وسأله أن يرشح له من يقوم بعمل مشابه معهم في تنسيق مكتبة البطركية ووثائقها».

عرفته في صغري قائد كشافة، ومع دخولي البطركية في التّسعينيات التقيته أميناً لوثائق البطركية ومرتلاً في كنيسة "الصليب" ومار "جرجس"، ومدرساً في مدرسة "الآسية"، وبحكم دراستي للهندسة التقيته كمسؤول فرز المهندسين في رئاسة مجلس الوزراء أطلب مساعدته بما يناسب ظرفي كوني طالب لاهوت وخدمني بطريقة جميلة، ومن بعد تكررت لقاءاتنا في الكنيسة والكشافة، وأُعجبت باجتهاده وجلادته في العمل وكان مرجعي في تاريخ الكنيسة ووثائقها، استطاع إثبات وجوده وترك بصمته في الأعمال التي خاض غمارها، وإلى الآن مثابر في عمله

قدّم الوزير "أنطوان جبران" ابن البطركية "جوزيف زيتون" للبطريرك "اغناطيوس هزيم" فكانت الفرصة الثانية الذي جعلته يطلع على كنوز تلك المكتبة بما فيها من وثائق ومخطوطات قيّمة تعود لما بعد 1860 ميلادي تنتظر التّنسيق والتّصنيف والتّكشيف (الإضاءة عليها)، فكانت كما قال الجنة التي تمناها، وزاد من حماسه في العمل متابعة البطريرك اليومية له ومناقشته، فاجتهد في البحث والتقصي بكل السبل التي تتاح له، وكان له بعد شهر تماماً أن قدم بحثه عن الشهيد "يوسف مهنا حداد" وعُرض على الجهات المعنية وأُعيدت صياغته، وعليه أُعلنت قداسة الشهيد "يوسف مهنا حداد"، ومن ثم تتالت الأبحاث وتنوعت، والتقت مع عمل مركز الدّراسات الأنطاكي لجامعة "البلمند" في "لبنان" وكانت العون لعدد من الباحثين والدارسين فيها، ولاقى هذا العمل اهتمام الجامعة التي ساهمت عبر إدارتها بتشجيع "جوزيف" في التقدم لأخذ الدكتوراه فكان ذلك عام 2004 عبر بحثه (تاريخ دمشق المسيحي)، علماً أنه حاصل سابقاً على دكتوراه في القانون الدولي العام من جامعة "يريفان" الحكومية في أرمينيا على بحث حمل عنوان (التّوفيق بين المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية كجامعة الدول العربية).

الأب يوسف ناصر

الأب "يوسف ناصر" رئيس المكتب البطريركي في

بطريركية انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس تحدث عن معرفته بالدكتور "جوزيف" فقال: «عرفته في صغري قائد كشافة، ومع دخولي البطركية في التّسعينيات التقيته أميناً لوثائق البطركية ومرتلاً في كنيسة "الصليب" ومار "جرجس"، ومدرساً في مدرسة "الآسية"، وبحكم دراستي للهندسة التقيته كمسؤول فرز المهندسين في رئاسة مجلس الوزراء أطلب مساعدته بما يناسب ظرفي كوني طالب لاهوت وخدمني بطريقة جميلة، ومن بعد تكررت لقاءاتنا في الكنيسة والكشافة، وأُعجبت باجتهاده وجلادته في العمل وكان مرجعي في تاريخ الكنيسة ووثائقها، استطاع إثبات وجوده وترك بصمته في الأعمال التي خاض غمارها، وإلى الآن مثابر في عمله».

رئيس رهبنة دير القديس "جاورجيوس" الرّهباني في "صيدنايا" ورئيس دير "الشّاروبيم" الارشمندريت "يوحنا التلي"، والذي شاركه منذ منتصف الثمانينيات في كل المؤتمرات والدّراسات والأبحاث، يعتبر الدكتور "جوزيف" رجلاً موسوعياً شاملاً في تاريخ سورية وتاريخ كرسي أنطاكية المقدس، تمكّن من تحويل المكتبة البطريركية من مجرد رفوف عليها كتب ووثائق مدفونة إلى مركز دراسات، ولُقّب بأمين الوثائق البطريركية الأنطاكية، كما لقبه الكثيرون بخليفة مؤرخ الكرسي الأنطاكي المقدس الدكتور "أسد رستم" ذلك أنه تولى التأريخ الرصين بعد توقفه برحيل د. "أسد" لعدة عقود.

من الجدير بالذكر أنّ الدكتور "جوزيف زيتون" من مواليد "دمشق" عام 1952، عضو أكاديمي في جامعة "البلمند" الأرثوذكسية، وعضو مركز الدّراسات والأبحاث الأنطاكية في الجامعة.