باتت "الصناعات اليدوية" مهنةً محببةً لدى الكثير من الشباب، فهي من جهة تمثل استثماراً لإمكانيات وإبداعات هؤلاء الشباب، ومن جهة ثانية مصدراً للدخل، ولا سيّما لمن لا يزال يتابع تحصيله العلمي أو تخرّج من جامعته ولم يجد فرصة عمل مناسبة.

حبّ الأعمال اليدوية وامتلاك مهارات تصنيعها -قبل فكرة تحويلها إلى مصدر رزق- الأساس الذي تقوم عليه مثل هذه المشاريع المتواضعة، فالشاب "حسن شباط" الذي يعمل ضمن فريق للمشغولات اليدوية يؤكد في حديثه لمدوّنة وطن"eSyria" أن البداية كانت من ذاته، حيث كان يحب صناعة الإكسسوارات الغريبة وابتكار الأشكال التي يصعب عليه إيجادها في الأسواق بشكل جاهز، ثم تبعت ذلك مرحلة صناعتها وتقديمها لمحيطه وللمقربين فنالت إعجابهم، ما شجعه على توسيع دائرة مشغولاته اليدوية وتسويقها مستفيداً من "الفيسبوك" في ذلك، حيث أسس صفحة لمشروعه وانطلق منها إلى محبي عالم "hand made".

أما "حنان ابراهيم" فتشير إلى إن بدايتها مع هذا العمل كانت من إعجابها بالسيدات اللواتي يحكن الصوف، إضافة إلى حبها لعالم الإكسسوارات واهتمامها الشخصي به، لافتةً إلى أن البعض يستغرب غلاء أسعار "الصناعات اليدوية" مقارنةً بالأشياء الجاهزة التي تباع في الأسواق، خاصة في الآونة الأخيرة، وأرجعت السبب في ذلك إلى غلاء المواد الأولية اللازمة لمثل هذه الصناعات، من خيطان الصوف إلى الأحجار اللازمة للخواتم والسلاسل المعدنية التي تصنع منها القلائد، وغيرها.

إكسسوارات يدوية

وتضيف:إن هذا يشكل تحدياً لجميع العاملين في هذا المجال، كون الأسعار يجب أن تبقى مدروسة، وعليه فإن مهمة الصانع تكمن في تحقيق توازن بين تكلفة القطعة وسعر مبيعها للزبون، وهو ما قد يجعل هامش الربح يبدو قليلاً، ومع أن هذا الأمر يضمن المحافظة على الزبائن، إلا أنه في المقابل تفقد "الصناعات اليدوية" ميزتها كمصدر للدخل وتتحول إلى مجرد هواية قد تؤدي إلى بعض الكسب المادي.

وتمثل مواقع التواصل الاجتماعي منصات تسويق مجدية لمجموعات الشباب فالاعتماد على تلك المواقع أساسي وكثيراً ما نرى منشورات مرفقة بصور لمصنوعات يدوية تنشر من قبل صانعها، تجذب الاهتمام وتحقق نسبة متابعة كبيرة تظهر من خلال التعليقات والمراسلات، ما يشير إلى وجود جمهور حقيقي لها.

لوحات تذكارية مصنوعة يدوياً

"أريج غرة" و"رؤى ظاظا" طالبتان في كلية "العلوم" بدأتا العمل على مشروعهما الخاص في صناعة كل ما يخص الهدايا، من إكسسوارات، ولوحات تذكارية مصنوعة بالمسامير والصوفيات من رأس مال صغير، قامتا بشراء بعض المواد لتصنيع الإكسسوار ومن ثم بيعه بمربح بسيط، وعلقت أريج على طريقتهما في التسعير قائلةً إنها تضع نفسها مكان الزبون وهذا ما يدفعها لوضع أسعار مقبولة تتناسب مع القدرات الاقتصادية المتواضعة لأغلب الزبائن، ومن ناحية أخرى فإن تسعير القطع الصوفية يرجع إلى سعر الخيطان، ويضاف إليه هامش ربح بسيط، وهو أحياناً ليس أكثر من ثمن الجهد اليدوي الذي بذله الصانع أثناء الحياكة.

ودائماً ما تقترن الصناعات اليدوية المنزلية بفكرة التسويق عبر الشحن في حال وجود الزبون خارج المحافظة، أو خدمة التوصيل إذا ما كان البائع والشاري في المحافظة أو المنطقة ذاتها بشكل أدق، وهنا تقول "أريج" إن غلاء أجور النقل يحتم على الصانع أن يفرض قيمة إضافية على قيمة القطعة حين يقوم بتوصيلها، ما يرفع سعرها بشكل خارج عن إرادته.

إكسسوارات خاصة بالمفاتيح مشغولة يدوياً

"ثراء الحسن" من مقتني الإكسسوارات اليدوية تحدثت عن سبب تفضيلها لها على الإكسسوارات الجاهزة بالقول إنها تشعر بروح الصانع في كل قطعة، وعندما تختار بنفسها شكل القطعة التي تود شراءها فإن ذلك يجعلها ترتبط بها أكثر كونها صممت خصيصاً لها، كما تتيح المصنوعات اليدوية تفرد الزبون بشكل مقتنياته، حيث لا يقع في فخ التكرار أو التطابق مع الآخرين، فالكثير من الإكسسوارات الجاهزة قد يرتدي منها كثيرون في آن معاً، حسب تعبيرها.

وإلى جانب فكرة التسويق الإلكتروني بشكل خاص، تحضر البازارات الدورية التي تقام في المحافظات، أو معارض الصناعات اليدوية، كبوابات لحجز طاولات تسهل عملية البيع المباشر بين الصانع والزبون، أو عرضها في محال تجارية مقابل نسبة يحصل عليها مالكها بعد بيع كل قطعة.