وجَدَ الفنّان "حكمت داوود" في الأزياء حالةً ثقافيةً خاصةً تستمد روحها وشكلها وزخارفها ومنمماتها من البيئة التي يعيشها الإنسان، ومن هذا المنطق دخل هذه المهنة فأبحر في تفاصيلها، وتعمّق بتاريخها، فتُوّج في ساحة الدراما السورية المصمم الأميز لأزيائها.

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 14 تموز 2020 التقت الفنان "حكمت داوود" لتسمع منه الركائز التي صنعت نجاحه كمصمم للأزياء في الدراما السورية، فيقول: «أحببت الأزياء منذ صغري، وسؤال ملح عنها استحوذ على اهتمامي الكبير: لماذا تنوعت واختلفت الأزياء التي يرتديها الناس؟. ومن خلال الدّراسة والبحث تجسد لدي الجواب جلياً، وفي مدينتي "القامشلي"، كانت حالة الجمال المتناغمة ما بين أزياء الأكراد والآشوريين، السريان والتّركمان وغيرهم، وفي "دمشق"، حيث البيوتات المحنية الحاضنة لبعضها، وجدت زياً مختلفاً، وكذلك في ريفها، وباتت الأزياء وأشكالها مفتاح معرفتي بالناس والبيئة التي ينتمون إليها بمجمل تفاصيلها، وبما تعكسه على طباعهم وشخصياتهم.

عرفته منذ سنوات طويلة، ومن خلال أعماله المميزة التي لفتت انتباهي بتصميها من جهة، وبطريقة تناوله لها من جهة أخرى، فهو يبحث فيها ويجتهد باكتشاف تفاصيلها وإنجازها، ويعطينا روح المرحلة التي تُقدم فيها، بما تنقله من دلالات ورموز وإشارات، وحتى فلسفة هذه المرحلة. الاهتمام بتفاصيل العمل الفني بكل عناصره، وتقديم الصورة الجميلة التي هي أساس بالغ الدلالة، وتحمل رسائل شديدة التأثير في المشاهد، تُحمّل فنان الأزياء والأكسسوارات والديكور جزءاً كبيراً من مسؤولية خلق حياة حقيقية بالعمل الدرامي، والفنان "حكمت" نجح بالتّصدي لأكثر من مهمة صعبة بهذا الخصوص، وحقق حضوراً، فهو إضافة جميلة جداً لصنّاع الأزياء في الدراما والسينما والمسرح السوري

وأخذت حلقة البحث تتسع لدي، وتأخذ سبلاً متنوعة، منها ما حظيت به من خلال العلاقات الاجتماعية، خاصة مع كبار السّن، وكان سؤالي المعتاد لهم عن الأزياء وتفاصيلها وأقمشتها وطبيعتها ومنمنماتها، وسؤالي للأصحاب والأقارب في الخارج عن كتب ومنشورات أزياء البلد حيث يقيمون، فتكونت لدي مكتبة خاصة، زاد في غنى محتواها مواكبتي البحث في الإنترنت مع بدايات وجوده، حيث أتاح لي الفرصة الواسعة بالاطلاع على أزياء شعوب العالم، فتجمعت الصّور عندي على الأقراص المضغوطة، لأطبعها وأجمعها، وأضيفها إلى المكتبة».

الفنان جرجس جبارة

وعن دخوله مضمار العمل في أزياء الدراما يتابع: «من خلال الدّوريات التي كنت أكتب فيها قصائد نثرية خلال دراستي الفلسفة بجامعة "دمشق"، طالعتني إحدى صديقاتي بملاحظاتها بأن هذه الكتابات تشبه حالة تصوير سينمائي، ومن المجدي أن أعمل على توظيفها في الدراما، وفعلاً دخلت هذا المجال مبدئياً كمساعد مصمم أزياء عام 1990 بمسلسل "هجرة القلوب إلى القلوب"، وتوالت الأعمال، وتعددت وتنوعت بين القديم والحديث، منها مسلسلات "ليالي الصالحية"، "باب الحارة" بأجزائه كاملة، ومسلسل "ضيعة ضايعة".

أعتمد في عملي وبشكل أساسي على توسيع معرفتي بالتاريخ، وأهتم كثيراً بالقراءة العميقة والمفصّلة للنص، بالإضافة للفترة التاريخية التي يتناولها النص، وأعود إلى كتب ووثائق هذه الحقبة، وكذلك صور ورسوم المستشرقين، فتتشكل عندي التصورات الأولية لكل شخصية في العمل، وبعد طرحها ضمن جلسات نقاش مع الممثل والمخرج والمنتج والمساعدين تتبلور بإطارها النهائي».

الدكتور عجاج سمير الحفيري

الفنان "جرجس جبارة" حدثنا عن معرفته بالفنان "حكمت" فقال: «في عام 1997 ومن خلال مشاركتي بمسلسل "البحر أيوب" تعرفت على الفنان "حكمت" كمصمم للأزياء، عرفته فناناً يقرأ الدّراما بشكل علمي، يدرس الشخصية بكل أبعادها، ومن ثم يصمم الزّي المناسب لها وللحقبة الزمنيّة التي تدور بها أحداث المسلسل مستنيراً بآراء كل من له علاقة بهذا العمل، ويتشاور مع مصمم المكياج عن شخصية الممثل وطبيعة اللون المستعمل، وكذا الحال مع مصمم الدّيكور، بحيث تكون ألوان أزيائه لوحةً جميلةً تغني العمل وتحافظ على مصداقية الحقبة، فهو يتعامل معها بإخلاص، فوجوده يشكل إضافة مهمة للعمل، ويعدُّ أحد الأعمدة المهمة في نجاح المسلسل، بالمختصر الفنان "حكمت داوود" علامة فارقة بالدراما السورية، وهو رقم صعب نفتخر بوجوده، كما أنه فنان تشكيلي ومصور فوتوغراف محترف، وقناص اللحظة، يلتقط الكادر لوحة فنية ذات أبعاد فكرية مهمة».

الدكتور "عجاج سمير الحفيري" أستاذ التّمثيل والإخراج في المعهد العالي للفنون المسرحية، تحدث عن معرفته بالفنان "حكمت" بالقول: «عرفته منذ سنوات طويلة، ومن خلال أعماله المميزة التي لفتت انتباهي بتصميها من جهة، وبطريقة تناوله لها من جهة أخرى، فهو يبحث فيها ويجتهد باكتشاف تفاصيلها وإنجازها، ويعطينا روح المرحلة التي تُقدم فيها، بما تنقله من دلالات ورموز وإشارات، وحتى فلسفة هذه المرحلة.

الفنان داوود في مشغله

الاهتمام بتفاصيل العمل الفني بكل عناصره، وتقديم الصورة الجميلة التي هي أساس بالغ الدلالة، وتحمل رسائل شديدة التأثير في المشاهد، تُحمّل فنان الأزياء والأكسسوارات والديكور جزءاً كبيراً من مسؤولية خلق حياة حقيقية بالعمل الدرامي، والفنان "حكمت" نجح بالتّصدي لأكثر من مهمة صعبة بهذا الخصوص، وحقق حضوراً، فهو إضافة جميلة جداً لصنّاع الأزياء في الدراما والسينما والمسرح السوري».

الفنان "حكمت داوود" من مواليد "القامشلي" عام 1965، مقيم ويعمل في "دمشق".