امتهنت الخياطة في سنٍّ مبكّرة، فعشقت التفاصيل الدقيقة لهذه المهنة، وحفرت اسمها في عالم التصميم حتى لقّبت بأصغر مصممة في العالم العربي، أقامت الكثير من عروض الأزياء التي حملت الهوية السورية، ولم تمنعها الحرب من الاستمرار ومتابعة أعمالها في "دمشق".

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع "منال عجاج" بتاريخ 15 حزيران 2020 لتحدثنا عن مسيرتها المهنية، فقالت: «خلقت وترعرعت في بيئة شامية محافظة جداً، حيث يهتمون بتعليم الفتاة حرفة مهنية منذ نعومة أظفارها لتستطيع تكوين نفسها وتصبح ربة منزل من الطراز الرفيع، فكنت أذهب لمعلمة الخياطة منذ عمر 13 سنة، وتفوقت في مدرستي بمجال الرسم والخياطة والتطريز، وبدأت العمل في سن مبكرة، وقمت بافتتاح مشغل خياطة وتعليم للفتيات ضمن منزل عائلتي في عام 1997، ثم سافرت إلى "الكويت" عام 1998 بعد زواجي، وعملت فيها في مجالي لمدة 4 سنوات، هذا العمل كان بداية القوة بالنسبة لي، ثم عدتُ إلى "سورية"، وكانت عائلتي الداعم الكبير لي رغم نشأتي في بيئة مقيدة للمرأة، فقررت أن أتابع عملي في "دمشق"، وافتتحت مشغلاً صغيراً في حي "الميدان" كان يضم 55 آلة خياطة، ولكنني أغلقته بعد عامين من الحرب على "سورية" بسبب الظروف القاسية، وهنا وجدت أن منزلي الكائن في "أبو رمانة" يصلح لكي يكون دار أزياء خاصة، حيث حملت الدار اسم "أتولييه منال عجاج"».

أنا أعمل بشغف كبير، وأستوحي تصاميمي من ذاتي، ولا أستطيع التوقف عن العمل ولو لفترة قصيرة، وفي ظل الجائحة اضطررنا للبقاء في المنازل دون ممارسة أعمالنا، فقررت افتتاح دورة تعليم للخياطة والتصميم مجانية، وتفاجأت بالعدد الكبير الذي شارك فيها، وكان حوالي 153 فتاة من كافة أنحاء العالم مثل "فرنسا"، "النمسا"، "الولايات المتحدة الأمريكية"، "سورية"، "مصر" وغيرها، وكانت جائزة المسابقة عبارة عن تقديم آلة خياطة حديثة لأكثر 20 مصممة مميزة في هذه الدورة، حيث تناولت وسائل الإعلام هذه المبادرة بشكل لم أتوقعه، ووجدت نتائج مبهرة في تصاميم الفتيات المشاركات، وكانت نسبة المتابعة ممتازة كونها عن طريق الإنترنت

وأكملت حديثها عن أعمالها في المغترب قائلة: «سافرت إلى "الإمارات" عام 2002، وعملت في إمارة "العين" في شركة أزياء، ثم افتتحت فرعاً عام 2005 ضمن "الإمارات"، وفي عام 2013 قمت بافتتاح فرع آخر في "دبي"، ثم انضممت إلى غاليري "لافييتلي" في "دبي مول" الذي يعد أكبر تجمع لأهم مصممي الأزياء العالميين، وقدمت الكثير من عروض الأزياء التي كانت تحمل الياسمين في طياتها، وكنت مصرّةً دوماً على إقحام "سورية" في كل عرض أقدمه، وأهم العروض كانت "أبجدية الياسمين 1" في "برلين" عام 2014، ويعد أهم عرض بالنسبة لي بسبب انقطاع العلاقات السورية مع البلاد العربية والأوروبية في تلك الفترة، إلا أنّ العرض جمع سفراء من كافة أنحاء العالم، واستطعت إثبات أن "سورية" تحمل جمالاً وفناً كبيرين، وتوالت العروض مثل "أبجدية الياسمين 2" في "بيروت"، و"أبجدية الياسمين 3" في "لوس أنجلوس".

صورة من مجموعة صيف 2020 الخاصة بمنال عجاج

والعرض المميز جداً في مسيرتي كان "ابتسامة الياسمين" الذي أقيم عام 2015 في خان "أسعد باشا"، وتم بيع جميع الفساتين رغم الظروف القاهرة التي كانت تمر بها البلاد، وعاد ريعه إلى جمعية "بسمة" لدعم مرضى السرطان، وحصلت على الكثير من الجوائز من خلال العروض المتوالية، وكان أهمها جائزة "أصغر مصممة أزياء" عام 2000، وجائزة مهرجان الشيخ "منصور بن زايد"، وجوائز في "لوس أنجلوس"، و"هوليود"، والكثير غيرها، كما حصلت على الدكتوراه الفخرية من المركز الثقافي الألماني، ودكتوراه فخرية مرفقة بشهادة تقدير من جمعية رجال الأعمال العربية الألمانية».

أما عن المسابقة التي أطلقتها "منال" في ظل الجائحة العالمية "كورونا"، فقالت عنها: «أنا أعمل بشغف كبير، وأستوحي تصاميمي من ذاتي، ولا أستطيع التوقف عن العمل ولو لفترة قصيرة، وفي ظل الجائحة اضطررنا للبقاء في المنازل دون ممارسة أعمالنا، فقررت افتتاح دورة تعليم للخياطة والتصميم مجانية، وتفاجأت بالعدد الكبير الذي شارك فيها، وكان حوالي 153 فتاة من كافة أنحاء العالم مثل "فرنسا"، "النمسا"، "الولايات المتحدة الأمريكية"، "سورية"، "مصر" وغيرها، وكانت جائزة المسابقة عبارة عن تقديم آلة خياطة حديثة لأكثر 20 مصممة مميزة في هذه الدورة، حيث تناولت وسائل الإعلام هذه المبادرة بشكل لم أتوقعه، ووجدت نتائج مبهرة في تصاميم الفتيات المشاركات، وكانت نسبة المتابعة ممتازة كونها عن طريق الإنترنت».

جيني إسبر بزي من تصميم منال عجاج

"جيني إسبر" ممثلة وفنانة سورية، قالت عن "منال": «تعاونت منذ زمن بعيد مع "منال" في اختيار العديد من تصاميمها لإطلالاتي، وأراها من أهم المصممين في الوطن العربي، والجميل في أسلوبها أنها لا تسعى فقط لإظهار جمال تصميمها؛ وإنما إظهار جمال الأنثى، وهي تجمع بين البساطة والعصرية بابتكار التطريزات واختيار أنواع الأقمشة والاهتمام بأدق التفاصيل، عدا عن جرأتها باستخدام الألوان القوية، فالكثير من المصممين يبتعدون عن الألوان الجريئة، وهذا ما يعجبني بتصاميمها الفريدة، حيث أرى الحياة بالألوان القوية مثل الأصفر والبرتقالي والأخضر، وأهم تعاون حصل بيننا كان في برنامج "رحلة الملايين" في الموسم الرمضاني الفائت، حيث لاقت إطلالتي -التي كانت جميعها من تصاميم "منال"- صدىً كبيراً لدى المتابعين الذين أبدوا إعجابهم الشديد بالأزياء وخصوصاً بعض الإطلالات الرمضانية والخاصة بأجواء رمضان مثل العباءات العصرية التي تحوي تطريزاً دقيقاً وجميلاً جداً، وكنت راضية جداً وسعيدة بكل زي تقدمه لي، ومتحمسة للزي الذي يليه».

"آيات كشكة" متدربة سورية بالدورة التي أقامتها "منال" عن طريق الإنترنت، قالت عن تجربتها: «"منال" راقية جداً في التعامل مع جميع المتدربات، بدأت معها ولم يكن لدي أدنى فكرة عن مجال الخياطة، ولكنها كانت سريعة الاستجابة لأي سؤال نقوم بطرحه، وكانت تعرض لنا التطبيق العملي عن طريق البث المباشر، وبسبب ظروف الحجر الصحي في "سورية" لم يكن لدي أي نوع من القماش، فبدأت التدريب على قطعة شيفون، ثم قماش قديم من المنزل، وكانت تقبل بأي شيء مقابل أن نقوم بالتجريب، ومع أول افتتاح للأسواق اقتنيت القماش، وتابعتنا خطوة بخطوة، وقمت بتصميم أول زي وكان عبارة عن ملابس العيد لفتياتي، كنت فخورة بنفسي وبها، لأنها كانت متفانية جداً وحريصة على إيصال المعلومة لنا بأي شكل من الأشكال، وكان مدى الاستفادة كبيراً».

تصميم للمتدربة آيات كشكة

يذكر أنّ "منال عجاج" من مواليد "دمشق" - "الميدان" عام 1978، وتقيم في "الإمارات".