ارتسمت في مخيلة الحرفي "هشام الأبرص" صور تلك القطع الزّجاجية الفرنسيّة تزهو برسوماتها وألوانها مع زيارته لـ"لبنان"، فكانت شعاعاً يتبع أثره ويخطّ درب مشروع مستقبله مبتدئاً بالبحث والعمل والتّجريب إلى أن اصطفّت قطعه الزّجاجيّة بالقرب من مثيلاتها في "فرنسا".

زارت مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 9 حزيران 2020 "التّكية السّلمانية" لتلتقي الحرفي "هشام الأبرص" في ورشته فقال: «في أواخر تسعينيات القرن الماضي ومع بداية انفتاح البلاد على الاستيراد، وفي عام 1998 تحديداً، أقدم والدي وهو تاجر أدوات منزلية على استيراد الأدوات المنزلية على اختلاف أنواعها من "مصر" وبلاد "المغرب" وكذلك "السعودية"، فقارنت ما رأيته من نقاء وألون زاهية للزجاج في "لبنان"، والمستورد من "فرنسا" مع ما استوردناه وخاصة من "مصر"، وأخذت بالسعي لأرى ما يمكن عمله للوصول إلى منتج مشابه، وكان العمل والتّجريب مع أحد المعارف بدءاً من ضرب قطع الزّجاج بالرمل الأبيض لفتح مسامات وإدخال اللون، واستخدمت كل ما لدي من إمكانات، وتابعت في التّجربة مع كل أنواع الألوان المعروفة من لكر وغيرها، إلى أن اكتشفت مادة ملونة تُعبئ المسامات على البارد وتعطي الألوان النّقيّة والثابتة وعلى كل أنواع الزجاج، الشّفاف منه وذو الشّوائب، وللبقاء ضمن ركب التّطوير وتلبيةً لرغبة الزّبائن والابتعاد بهم عن الملل اتجهت إلى تلوين الزّجاج وتذهيبه عن طريق الفرن الحراري الذي صنعه لي أحد الحرفيين بتقنية عالية، تضمن لي الحفاظ على اللون الذي أريده، ولا تشوه القطع الزّجاجيّة فيه، وادخلت المينا على قطع الزّجاج وهي المطلوبة بشكل واسع في أوربة كـ"فرنسا"، "ألمانيا"، و"ايطاليا" لما تحمله من جمال يخص العمل اليدوي فنافست كل القطع العربية بكل ما فيها من تقنية وإبداع متميز».

التقيت ابن عمي بعيداً عن أمور العائلة، دُهشت بما لديه من أفكار متطورة وعصرية أخذها من التراث فأضاف واجتهد في العمل عليها، فكانت جلسات الحوار وتبادل الأراء بتفاصيل وأسرار عمل كلٍ منا في الطباعة على القماش، والرّسم على الزّجاج، فأخذت منه واستفدت من مقترحاته وأفكاره لتطوير العمل وسبله، في حين استفاد مما لدي من معرفة بتحضير الطّباعة على الزّجاج ليدخل آلات الطباعة وليصمم واحدة يدوية تخدم عمله، ما كان له دّور في توسيع إنتاجه، وإتاحته لكل من أحبه ورغب باقتنائه

يتابع الحرفي "هشام الأبرص": «مع توقف الحركة السّياحيّة للبلد وضمن محدودية الإمكانيات الشّرائيّة في السّوق، كان لا بد من الوصول إلى منتج أقل تكلفة ومتاح لكل رواد السّوق المحلية، فكانت شراكتي مع "قاسم الزين" بآلة "الفاكيوم" في معمله والتي تعمل على تفريغ الهواء ضمنها وتبخير المواد الملونة لتعلق على الزّجاج، كما طرحت استخدام البلاتين في تزيين ورسم الزّجاج، ودخلت مجال الطباعة مع ابن عمي ليكون لي الإنتاج الوفير ولأكتسب المعرفة والخبرة الواسعة في الطباعة، وتشاركت مع الرّسامين الموهوبين والمحترفين بأفكارهم لتكون لوحات على قطعي الزجاجية، وعملت على نقل ما اكتسبته من معرفة وخبرة إلى كل الرّاغبين والسّاعين نحو تعلم الرسم على الزّجاج بتدريبهم على أصول هذا العمل وأساسياته من خلال دورات تعهدت بها وزارة السّياحة، وتجاوزت الرّغبة لدي مجال الرسم على الزّجاج وتوسعت لأدخل مجال صنع الفخار والرّسم عليه واستخدامه في ديكور الجدران وعزلها».

إبداعات الحرفي هشام تصطف وتمتع الناظر

"فؤاد الأبرص" ابن عم "هشام" وعن لقاءات غنية بحوارت العمل ونقاشه قال: «التقيت ابن عمي بعيداً عن أمور العائلة، دُهشت بما لديه من أفكار متطورة وعصرية أخذها من التراث فأضاف واجتهد في العمل عليها، فكانت جلسات الحوار وتبادل الأراء بتفاصيل وأسرار عمل كلٍ منا في الطباعة على القماش، والرّسم على الزّجاج، فأخذت منه واستفدت من مقترحاته وأفكاره لتطوير العمل وسبله، في حين استفاد مما لدي من معرفة بتحضير الطّباعة على الزّجاج ليدخل آلات الطباعة وليصمم واحدة يدوية تخدم عمله، ما كان له دّور في توسيع إنتاجه، وإتاحته لكل من أحبه ورغب باقتنائه».

تحدثت "ربا قطاع" خريجة الفنون، ومدرّسة التربية الفنية عن الفرصة الجميلة التي جمعتها بالحرفي "هشام" فقالت: «اعتدت التّردد إلى "التّكية السّليمانيّة" لتذوق بعض الفن والتّعرف على ما يقدم فيها من حرف وأعمال، وفي إحدى أروقتها ومن خلال بعض الأصدقاء علمت بدورات الرّسم على الزّجاج والفخار وتصنيع الفخار وكيفية تجميله من قبل الحرفي "هشام" فالتحقت بها ووجدت فيها المعلومات المفيدة والمهمة والتي قدمها لنا بأسلوب جميل ودربنا عليها بحرفية الأستاذ المتمكن مما لديه والعارف بتفاصيل عمله، فقد عُرف عنه استخدام تقنيات خاصة فيه لتزيين وتجميل الأعمال الفنية من الزجاج والفخار.

ربا قطاع

الحرفي "هشام" اسم كبير في السوق وبين الحرفيين والفنانين التشكيليين، فنان موهوب عمل على تنمية موهبته بعمله وجهده وإصراره على الوصول إلى أهدافه ليكون من أفضل الحرفيين والصناعيين وفناني الرسم على الزجاج».

جدير بالذكر أنّ "هشام الأبرص" ولد في حي "القيمرية" عام 1977.