تنقّل "زكريا الصّافي" منذ الصّغر بين العديد من الورش بقصد تعلم حرفتها والأخذ بأصولها إلا أن ثبت به المقام واختار حرفة الموزاييك والصّدف لتكون عالمه الذي يعيش لأجله.

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 5 كانون الأول 2019 التقت خلال زيارة لها لـ"بيت الشّرق" للتراث، حرفي الموزاييك "زكريا الصّافي" حيث المكان الذي وجد فيه الملاذ الآمن لولادة تحفه وتكوينها بدقة وحرفية، حيث قال: «حسب ما نشأت عليه الأسر في "الشّام" نشأت وتربيت، ومع سنوات دراستي الأولى توجب علي البحث عن صنعة أمارسها وأعمل بها في العطل المدرسية، فتنقلت بين ورش كثيرة بحرفها من لحام الحديد، النّجارة العادية، ومن باب المصادفة ترافقت وصديق لي إلى ورشة موزييك للحرفي المعلم "أنطون سليم الألماظ" رئيس الجمعيّة الحرفيّة آنذاك فأحببت حرفة الموزاييك وما تقوم عليه هذه الحرفة، وأقبلت على تعلمها بشغف، وتعمقت بتفاصيلها ومراحل العمل بها، فكنت أتابع تعليمات معلمي، وأنفذها بحذافيرها متجنباً الوقوع بسهو أو خطأ يكدره وأنا الذي واظبت على إرضائه واحترامه كما هي العادة، فهو المعلم وربّ العمل في المهنة التي اعتمدها واشتغلت بها وحفظتها بكل تفاصيلها من حيث الأخشاب المنتقاة في نوعها ولونها، ووقت قطعها والمشرّحة بأشكال هندسيّة مختلفة ومنتظمة لها سمكات تبدأ من 1.5 ملم وتصل إلى 6 أو 7 ملم، وكذلك طرق صفّها نجمات ومضلعات لترسم لوحات نطبقها قطع ونجمعها ونطعّمها بصدف نقصّه ونبرد أطرافه لتكون تحفاً جميلةً لاقت إعجاباً كبيراً وخاصة في سبعينيات القرن الماضي، حيث أخذت الحرف على اختلاف أنماطها الفرصة الذهبية بالحضور والانتشار سواء بين أبناء البلد أو زوّارها من السّواح والمغتربين، وكذلك في الإقبال الكبير للشباب على امتهان هذه الحرف».

بعد عدة سنوات أخذت أشق طريقي خارج ورشة المعلم "الألماظ" في عدة ورشات مفتخراً كوني واحداً ممن أخذوا المهنة عنه، وهو الحرفي الفنان، وتابعت المسير وراء طموحي الكبير، وافتتحت ورشتي الخاصة بي لأكون أصغر حرفي موزاييك بعمر سبعة عشر عاماً، وأخذت أنوّع في العمل وافتتحت المجال لخيالي للإبداع في هذه المهنة، وتجاوزت المجال التّقليدي فاجتهدت وعملت بالمجال المنحني حيث أنتجت أول قطعة (فاز) موزاييك بعد تجارب ومحاولات كثيرة لأكون أوّل من أنتجها وطّور في صناعتها حتى تمكنت من إنتاج واحدة بطول مترين ونصف المتر وقطر 90 سنتمتراً، وعددها 8 حيث وضِعت في قاعة "الذهب" في مول "دبي"، وتعددت الأعمال وشاركت بمعارض عالمية عديدة واستحوذت على اهتمام الكثيرين، وفي بلاد عدة لتحضر بطابعها الدّمشقي في "تركيا" و"ألمانيا" وغيرها، ولي عمل أعتز به وهو تصميم ديكور كامل من الموزاييك لشقة في "دمشق"

ويتابع "زكريا" القول: «بعد عدة سنوات أخذت أشق طريقي خارج ورشة المعلم "الألماظ" في عدة ورشات مفتخراً كوني واحداً ممن أخذوا المهنة عنه، وهو الحرفي الفنان، وتابعت المسير وراء طموحي الكبير، وافتتحت ورشتي الخاصة بي لأكون أصغر حرفي موزاييك بعمر سبعة عشر عاماً، وأخذت أنوّع في العمل وافتتحت المجال لخيالي للإبداع في هذه المهنة، وتجاوزت المجال التّقليدي فاجتهدت وعملت بالمجال المنحني حيث أنتجت أول قطعة (فاز) موزاييك بعد تجارب ومحاولات كثيرة لأكون أوّل من أنتجها وطّور في صناعتها حتى تمكنت من إنتاج واحدة بطول مترين ونصف المتر وقطر 90 سنتمتراً، وعددها 8 حيث وضِعت في قاعة "الذهب" في مول "دبي"، وتعددت الأعمال وشاركت بمعارض عالمية عديدة واستحوذت على اهتمام الكثيرين، وفي بلاد عدة لتحضر بطابعها الدّمشقي في "تركيا" و"ألمانيا" وغيرها، ولي عمل أعتز به وهو تصميم ديكور كامل من الموزاييك لشقة في "دمشق"».

الدكتور خالد فياض

تحدث الدكتور المختص في التّراث "خالد فياض" عن حرفة الموزاييك، وعن الحرفي المتميز "زكريا الصّافي" فقال: «إذا أردنا ان نتعرف على حرفة الموزاييك سيكون لنا عودة عميقة في التّاريخ، فالموزاييك الخشبي أُخذ عن الموزاييك الحجري العائد للحضارة الآرامية الموجود منها قطع في متحفي "دمشق" و"حلب"، استمرت هذه الحرفة بالتناقل على أيدي حرفيها، وأبدع في تطوريها الحرفي "جورجي البيطار" وهو يعدّ الأب الروحي لهذه الحرفة والمعلم لكثيرٍ من الحرفين في "دمشق" وريفها بالأخص "الغوطة الشّرقيّة" حيث يوجد خشب الجوز وقشره، وخشب الليمون والزيتون والشوح، وظهر الكثير من مبدعي هذه الحرفة مثل "غطاس حلبي"، و"خليل حداد"، و"حبيب السلمان" وسلموا رسالتهم حتى وصلت رايتها إلى أيامنا هذه، وتوضعت بين أيدي ما يقارب خمسة آلاف حرفي، و"زكريا الصّافي" الملقب بـ"أبو النور" أحدهم، وهو فنان مبدع أنتج قطعاً فريدة يكمن سر جمالها في تداخل أشكالها الهندسية، فتميز عن أقرانه بفنياته العالية وموهبته التي يشهد لها كبار حرفي الموزاييك وملكاته العقلية القوية في تطوير هذه الحرفة، فهو الوحيد الذي تمكن من عمل حركات لف على الخشب وإعطائه حركةً دائريةً كاملة، واستخدمها في الموزاييك المعروف بأشكاله الهندسية فقط، ووجوده بـ"بيت الشرق" للتراث مكسبٌ كبيرٌ يحقق بعضاً من طموح البيت في المحافظة على هذه الحرفة والإقلاع بها بشباب يأخذ أصولها منه».

يذكر أنّ "زكريا الصافي" من مواليد عام 1961، يعمل في حرفة الموزاييك منذ خمسين عاماً.

الموزاييك ديكور في أحد بيوت دمشق
فاز بقاعة الذهب في مول دبي