جمعَ بينَ التدريسِ والحرفة المتوارثة في العائلة، وأصرَّ ألّا يموتَ هذا التراثُ الذي كسبه عن أجداده وأورثه لأبنائه، فكان لنسج الحرير اليدوي نصيبٌ في المشاركة بقسم الصناعات اليدوية في "معرض دمشق الدولي" بدورته الـ61، وقدّم "محمد مسعود" شرحاً مفصّلاً عن مهنته لزوّار الجناح.

مدوّنةُ وطن "esyria" زارت بتاريخ 5 أيلول 2019 قسمَ الصناعات اليدوية في "معرض دمشق الدولي" والتقت "محمد سعود" مدير متحف الحرير الطبيعي في قرية "دير ماما" في مدينة "مصياف" حيث قال: «أنا مدرس لغة عربية متقاعد، ورثت حرفة نسج الحرير الطبيعي عن أبي منذ الطفولة والذي بدوره ورثها عن جدي، هذه الحرفة جزءٌ من حياتنا وكانت لقمةُ عيشنا مرهونةً بها حيث كان المنتج الوحيد في القرية هو منتج شرانق القز الذي نصنع منه الحرير، وقد كانت تنتج القرية في عام 1991 ما يقارب 12 طناً من "شرانق القز"، بينما الآن لا تنتج أكثر من 100 كيلو من هذه المادة، وبالنسبة لعمر الأدوات التي أستخدمها ومنها "النول" و"دولاب الحَل" فتزيد على 100 عام وما تزال تعمل حتى الآن، وقد كنت مصراً على الحفاظ على هذه الحرفة ومنعها من الاحتضار فعلّمتها لأولادي على الرغم من تحصيلهم الجامعي وعملهم الوظيفي لكي تستمر ولا تتوقف.

فوجئت بكيفية عرض قسم الحرير في المعرض لمراحل إنتاج خيط الحرير بدءاً بتربية دودة القز وصولاً إلى إنتاج خيط الحرير، مع أنّني أعرف أنّ هذه الحرفة قديمة ولكن لأوّل مرة أتعرف على مراحل إنتاج خيط الحرير على أرض الواقع، وقد أعجبتني المنتجات التي يقدمها هذا القسم، وأتمنى أن يستمر العمل بهذه الحرفة فلها رونقها وبريقها الخاص

أما عن مراحل صنع الحرير فنبدأ أولاً بتحمية بيوض دودة القز بدرجة حرارة معينة مدة ثمانية أيام حتى تتحول إلى دودة القز، ثم نقوم بإطعامها ورق التوت مدة ثلاثين يوماً حتى تتكون لديها الغدة الحريرية، وتبدأ بعدها بالبحث عن مكان لتعمل به، ونقوم بجلب نبتة "الشيح" من الجبل ونوزع الدود عليها بشكل متباعد، حيث يقوم الدود بإنتاج خيط الحرير ويدخل في مرحلة التحوّل إلى شرنقة، ويختلف إنتاج الشرنقة لطول الخيط حسب الاهتمام بها وتغذيتها، فمنها من ينتج خيطاً بطول 1000 متر ومنها من ينتج خيطاً بطول 600 متر ومنها أقل من ذلك».

شهادة شيخ كار بين لوحتين مصنوعتين من الشرنقات

وأضاف: «أما عن الأداة التي نستخدمها في البداية فهي تسمى "دولاب الحل" أو "دولاب سحب الخيط" وعن طريقه نستخرج خيوط الحرير، ومن ثمّ نستخدم أداة "دولاب الموسرة" ونلف من خلاله خيوط الحرير على "ماسورة" مصنوعة من القصب أو مادة البلاستيك، ومن ثمّ نعود ونلفها من خلال أداة تسمى "الطيار" على مواسير أخرى لكي تزداد الخيوط متانةً، ومن ثمّ المرحلة الأخيرة هي أداة "النول" حيث نقوم بنسج هذه الخيوط وحياكتها لنصنع منها الشالات الحريرية.

وبالحديث عن الصعوبات التي تواجه استمرار هذه الحرفة فتكمن أولاً في رش المبيدات الحشرية على الأشجار المثمرة القريبة من شجرة التوت والتي نستخدم أوراقها لإطعام دودة القز ما يؤدي إلى موت الدود، فضلاً عن قلّة الدعم الذي يقدم لنا سواءً كمربين لدودة القز أو كمنتجين لخيوط الحرير، كما أنّ الوضع الاقتصادي السيئ في ظل الأزمة التي يعيشها بلدنا قد أثر بشكل كبير في تسويق وبيع المنتجات الحريرية».

مراحل صناعة الحرير بدءاً من البيوض

"أمل أحمد" زوجة "سعود" وشريكته بالعمل قالت: «نحن عائلة نعمل معاً زوجي والأولاد كل فرد منا له اختصاص في مراحل العمل ونشكل سلسلة متكاملة، لننتجَ فيما بعد الشالات الحريرية واللوحات الفنية المصنوعة من الحرير، وهي حرفة تحتاج الصبر بسبب صعوبة العمل بها، وبسبب تعلقنا بهذا التراث الذي نفخر به ما زلنا نمارس هذه الحرفة حتى اللحظة، حيث انتقل الشغف لي ولأولادي بالعمل بها من زوجي، أما عن الصعوبات التي تواجهنا فهي الوقت الطويل الذي يحتاجه إنجاز القطعة الواحدة الأمر الذي يبرر ارتفاع ثمنها، وقلّة التسويق للمنتج الوطني».

"ريما نصلة" إحدى زائرات قسم الصناعات اليدوية قالت: «فوجئت بكيفية عرض قسم الحرير في المعرض لمراحل إنتاج خيط الحرير بدءاً بتربية دودة القز وصولاً إلى إنتاج خيط الحرير، مع أنّني أعرف أنّ هذه الحرفة قديمة ولكن لأوّل مرة أتعرف على مراحل إنتاج خيط الحرير على أرض الواقع، وقد أعجبتني المنتجات التي يقدمها هذا القسم، وأتمنى أن يستمر العمل بهذه الحرفة فلها رونقها وبريقها الخاص».

إحدى الأعمال من خيوط الحرير