تمثل مورداً أساسياً، وأحياناً رديفاً لبعض العائلات، بالنسبة للتجار المخضرمين هي مثل مدرسة ابتدائية يتعلم فيها أولادهم أسرار التجارة، والكبار أنفسهم بدؤوا منها في حالات كثيرة، هي محال متنقلة بإمكانها استهداف التجمعات وأماكن الازدحام أنّى وجدت.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 10 أيار 2015، "أحمد السكري" صاحب معمل لتصنيع السكاكر وحلويات الأطفال، الذي قال: «انتشرت في "دمشق" "بسطات" مأكولات الأطفال لسببين: الأول قلة العمل في السوق؛ وهو ما دفع الشباب لإيجاد فرصة عمل تؤمن لهم دخلاً يومياً يعيلون فيه أسرهم، والثاني ارتفاع أسعار الحلويات كـ"البقلاوة والمعمول" وغيرهما، فوجد الدمشقيون البديل فيها لتعويض تلك الحلوى من خلال مأكولات الأطفال وتعويضاً للسكريات عند الكبار، فأصحاب "البسطات" يقومون بشراء المأكولات بأسعار رخيصة من المعامل، ثم يبيعونها بأسعار تختلف حسب أسعار المنطقة التي توجد فيها "البسطة"، من أهم إيجابيات "البسطة" أنها تجارة تذهب إلى الزبون وتلاحقه حيث يكون، ولا تنتظره حتى يأتي عن سابق تخطيط ودراسة، فهي بغنى عن الدعاية وتتكل بذلك على البضاعة ذاتها، منظرها ورائحتها، ولا تحتاج سوى ذلك».

تنتشر مأكولات الأطفال في الشتاء أكثر من الصيف، لوجود مدارس الأطفال، حيث يضطر الأهل لشراء ما يحتاج إليه أولادهم من مأكولات، حيث تقدر نسبة الربح لأصحاب "البسطات" ما بين 30%، و50%، ناهيك عن عدم التزامهم بضرائب وأجور كهرباء وعمال، فالمربح الذي يستخلصونه هو دخلهم، أما بالنسبة للمعامل المنتجة فيصل ربحها إلى 5%، فيما كانت سابقاً تتجاوز الـ15%

ويتابع "السكري": «من "البسطة" بدأت تجارات كثيرة رابحة، وعليها تعتمد تجارات رابحة أيضاً، فصاحب المصلحة بإمكانه أن يبيع بضائعه بالمفرق، وهو ما يدر عليه ربحاً أكبر من الجملة عن طريقها، والعلاقة بين أصحاب البسطات وتجار الجملة وثيقة نفعية بين الطرفين، وثمة الكثير من التجار الكبار يميلون إلى تلقين أولادهم دروس البيع والشراء عن طريق "البسطات"، فهي تصقل شخصية الطفل، وتنمي عنده موهبة التفاوض، وتعلمه كيف يتم تدوير رأس المال، ووضع فضل القيمة جانباً لذلك هي مثل مدرسة لهم».

أحمد سكري صاحب ورشة للسكاكر

وأضاف "السكري" قائلاً: «تنتشر مأكولات الأطفال في الشتاء أكثر من الصيف، لوجود مدارس الأطفال، حيث يضطر الأهل لشراء ما يحتاج إليه أولادهم من مأكولات، حيث تقدر نسبة الربح لأصحاب "البسطات" ما بين 30%، و50%، ناهيك عن عدم التزامهم بضرائب وأجور كهرباء وعمال، فالمربح الذي يستخلصونه هو دخلهم، أما بالنسبة للمعامل المنتجة فيصل ربحها إلى 5%، فيما كانت سابقاً تتجاوز الـ15%».

"طه العبودي" طالب إدارة أعمال سنة رابعة، قال: «استطاعت هذه المهنة الصغيرة أن تعيل الكثير من الأسر على أعباء الحياة، فالأسر السورية تواجه أعباء إضافية تتمثل بزيادة مصروف "خرجية" أولادها بنسبة 150% وخاصة بعد زيادة أسعار "الأكلات الطيبة" كما تسمى، فلم يعد هناك ما يباع بخمس أو عشر ليرات سورية، وأصبح سعر قطعة البسكويت الصغيرة 25 ليرة سورية كحد أدنى، وترتفع لتصل إلى 100 ليرة سورية، وبالنسبة لثمن كيس البطاطا الذي كان ثمنه 10 ليرات سورية أصبح 35 ليرة سورية، ناهيك عن الكثير من "الأكلات الطيبة" التي ارتفعت أسعارها؛ وهذا ما أدى إلى زيادة "خرجية الأولاد"».‏

ويشير "هاني العلي" صاحب "بسطة" في سوق "مدحت باشا" بالقول: «انتشرت "بسطات" مأكولات الأطفال منذ عشرات السنين لكن مجالها كان ضيقاً، والآن أصبح البيع والشراء هما الشغل الشاغل لجميع الناس كباراً كانوا أم صغاراً، فإن لم يكونوا بائعين فهم زبائن، وبائع "البسطة" كان يدور في أزقة وحارات "دمشق" وهو ينادي "غزلة بوشار، قباقيب غوار"، لكن اليوم تركزت "بسطات" مأكولات الأطفال في أماكن معينة ويتنافس القائمون عليها بشكل لافت للنظر؛ نتيجة ما وصلت اليه هذه المأكولات من أصناف عديدة ومتنوعة، عدا الإقبال الناتج عن ارتفاع أسعار المأكولات المغلفة».

طريقة عرض "البسطة" بأناقة لا متناهية وتوزيعها بشكل جميل أدى إلى التنافس بين باعة "البسطات"، وعن هذا يضيف "العلي" قائلاً: «أعمل في هذه المهنة منذ عشر سنوات تقريباً، فقد تنقلت كثيراً بين الحارات الدمشقية، فإن أردت زيادة هذا الدخل عليك أن تزين بسطتك وتنسقها جيداً لتشد انتباه الأطفال، وأن تجول الشوارع وتعمل لساعات طويلة، فهي مهنة مربحة تدر على العامل بها دخلاً يتراوح وسطياً بين 30-40 ألف ليرة سورية شهرياً، ولم تعد "البسطات" حكراً على أهل الحي الذين كانوا في الماضي يسيطرون عليها في المنتزهات وفي الشوارع الرئيسة والحدائق، فانتشر في شوارع "دمشق" العديد منها بعد أن أدرك أصحابها الدخل الذي يردهم، فنبيع فيها: "شطي مطي"، والبسكويت بأنواعه، والشوكولا، والسكاكر، و"الملبس، والقضامة، والجلاتين"، ونقوم بالتبضع كل مدة من سوق "البزورية"، ثم نعبئها في أكياس شفافة وبربطات متنوعة ونرتبها في "البسطة"».

طه العبودي