تفسح مهنة التنجيد مساحة كبيرة ومجالاً واسعاً للإبداع ولإطلاق العنان للعاملين فيها، بخيوط الألوان الزاهية وقماش الخام الأبيض والحرير، يصنع أجمل المفروشات المنزلية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 5 آذار 2015، الحرفي "يوسف الشعار" ليحدثنا عن تفاصيل حرفة التنجيد؛ فبدأ حديثه بالقول: «أعمل في هذه الحرفة منذ 55 عاماً، وهي مهنة متوارثة في العائلة، و"التنجيد" عبارة عن صنعٍ للأثاث المنزلي القديم وإصلاحه، وصناعة اللحاف والفراش والمخدات بأحجام مختلفة ورسومات متنوعة.

بدأت تتناقص هذه الحرفة لوجود بدائل أخرى كالإسفنج وفراش النوابض (Sleep Comfort)، وقد لعبت عدة عوامل دوراً في ابتعاد العاملين بهذه المصلحة عنها، فهي تؤثر في الصحة فتسبب الربو نتيجة كثافة الغبار الخارج من الصوف أو القطن المندوف، وتؤدي إلى حدوث آلام وأوجاع في الظهر والكتفين

نستعمل في عملنا أدوات بسيطة وهي: "القوس، ماكينة الخياطة، خيوط، إبر مختلفة الأحجام، مسلات، كشتبان"؛ وهي لوضع الإبرة أثناء الخياطة فيها لحماية أصابع اليد من الجروح والخدوش، ولكن تطور الحياة أدى إلى دخول الآلات إلى الحرف، فبدلاً من استخدام القوس؛ تستخدم ماكينة خاصة لندف الصوف والقطن تعمل على الكهرباء، في البداية يتم إحضار الفراش المراد تنجيده وإخراج الصوف من داخله، ويتم ندف الصوف قديماً باستعمال القوس، أما الآن فنستخدم المندفة الكهربائية توفيراً للوقت والجهد، ويخيط قماش الحرير الملون أو الساتان بألوان زاهية كاللون الزهري والذهبي والأزرق فوق القماش الخام الأبيض أو الأصفر، ثم يوضع الصوف في القماش ويفرد، لنبدأ عملية خياطة الحواف، وبعد ذلك نقوم بعملية تطريز الأشكال الهندسية والرسوم على الحرير، مثل شكل النجمة، والأشكال الهندسية كالمربعات والمثلثات والمستطيلات والمضلعات، والخاتم، والبيضة، والنجمة، والقيام بصناعة لحاف مطرز ومشغول بطريقة جيدة يحتاج إلى يوم كامل، وإذا كان قليل التطريز يحتاج إلى خمس ساعات، وينجد اللحاف بألف أو ألفين ليرة سورية، أما المخدة فتنجد بربع ساعة فقط وتكلفة تنجيدها مئة ليرة سورية، والفراش صغير المساحة يحتاج إلى ساعة، أما الكبير فيتطلب ثلاث ساعات لإنهاء تنجيده، ويختلف سعر تنجيد الفراش حسب طوله وعرضه».

لوحية فنية تعبق بالدفء

تابع: «بدأت تتناقص هذه الحرفة لوجود بدائل أخرى كالإسفنج وفراش النوابض (Sleep Comfort)، وقد لعبت عدة عوامل دوراً في ابتعاد العاملين بهذه المصلحة عنها، فهي تؤثر في الصحة فتسبب الربو نتيجة كثافة الغبار الخارج من الصوف أو القطن المندوف، وتؤدي إلى حدوث آلام وأوجاع في الظهر والكتفين».

ومن الزبائن المداومين على محال التنجيد؛ كان لنا لقاء مع "محمد المهايني" الذي حدثنا بالقول: «تكمن أهمية هذه الحرفة في عراقتها واتصالها بالماضي، حيث كان أهالي الحي يقومون بإعطاء أثاث منازلهم المصنوع من الصوف والقطن للمنجد ليقوم بأداء عمله، أقوم بتنجيد أثاث منزلي من "ساندات" (مخدات) للحصول على الراحة أثناء النوم، إذ إن الفراش المصنوع من الصوف الطبيعي والقطن أفضل -برأيي- من الفراش المصنوع حديثاً من المواد الصناعية كمادة الديكرون أو الإسفنج، لأن الصوف عبارة عن مادة طبيعية تعطي الدفء في فصل الشتاء واستخدامه أكثر صحةً، بينما تلك المصنوعة من المواد الصناعية تتلف في مدة أقصر بكثير من المواد الطبيعية، ولا يمكن إصلاحها وتبقى لعدة سنوات فقط، في حين يمكن تنجيد فراش ولحاف الصوف (أي صيانتهما)».

الحرفي "أبو خالد خباز"

الحرفي "أبو خالد خباز" حدثنا عن الحرفة بالقول: «أعمل في هذه الحرفة منذ 35 عاماً، لم أعلم أولادي هذه الحرفة لأنها شبه منقرضة، فحرفة التنجيد بسيطة جداً لتوافر موادها وأدواتها بكثرة، قديماً قبل مئة عام كانت نسبة كبيرة من النساء يعملن في التنجيد وتدر عليهن مالاً كافياً، ثم أصبح هناك محال خاصة للتنجيد، فبقدر ما هي بسيطة؛ تعطي الصنعة صاحبها قدرة عالية من الإبداع والتفنن في تطريز أجمل الأشكال، حيث أقوم حالياً بمزج القديم والحديث من خلال تغليف الفراش السوبر بقطن طبيعي، وذلك لعزل حرارة الإسفنج بالكامل مع وضع خام أبيض، وثم أقوم بصناعة وجه خارجي بشكل حديث ووضع سحاب، إذا قمنا بإعطاء الخياط مهمة صناعة اللحاف فإنه يحتاج إلى وقت كبير لعمله فقط وتطريزه، وتحتاج الحرفة إلى الدقة في العمل والأمانة والأخلاق الجيدة من خلال التعامل مع الناس بطريقة جيدة، ولكن من المحزن عدم الاهتمام بهذه الحرفة من قبل المجتمع، على الرغم من الأهمية الكبيرة للتنجيد العربي حيث انفصلت العديد من الحرف منه كصناعة الستائر وتنجيد المفروشات الجاهزة، فأصبح هناك محال خاصة لبيع الستائر والأثاث المنزلي».

السيد "محمد المهايني"