حرفة تدل على عراقة وأصالة وإبداع الدمشقيين، تعود إلى مئات السنين، إذ تبدع الأيدي في تصميم ورسم أجمل لوحات الفنية ذو أشكال هندسية جميلة وزخارف متنوعة، تدل على الحس الفني والذوق الذي يتمتع به صانعها.

مدونة وطن "eSyria"التقت بتاريخ 26 شباط السيد "محمد الحلاق" الذي يعمل في محل لبيع البسط اليدوية الجديدة والمستعملة، فحدثنا بالقول : «أعمل منذ ما يزيد عن الخمسة عشراً عاماً في بيع البسط المستعملة والجديدة، هذه البسط مصنوعة يدوياً وبامتياز حيث أقوم بشراء البسط المستعملة وتنظيفها وبيعها من جديد، تقوم صناعة البسط على عدد مراحل تبدأ بالحصول على الصوف وجز الصوف، ثم تنظيفها بالماء جيداً لتخلص من الأوساخ والشوائب العالقة بها، وغزل الصوف ليصبح خيوط ذو ثخانات مختلفة، ثم يصبغ بالألوان، وأغلب الألوان المستخدمة كيميائية، ولكن فيما سبق كنت تستخدم الألوان الطبيعية، ثم يبدأ الحرفيون بصناعة مختلفة أنواع البسط بأحجام مختلفة وألوان متعددة، وأكثر من يعمل بهذه الحرفة هم النساء الريفيات لتوافر أصواف الأغنام والأوبار والقطن حيث يصنعون البسط والسجاد إما بواسطة الأنوال اليدوية الخشبية، أو يقومون بحياكة الخيوط وفوقها يبدعون بالتطريز أشكال هندسية مختلقة، وتستعمل الصنارة لصناعة السجاد والبسط أيضاً، تستخدم البسط في الماضي لتزيين المنازل أو بديلاً عن السجاد، وبعد استعمالها تباع لمحلات السجاد والبسط، ومحلات الشرقيات، أما الآن أصبحت البسط عبارة عن تحف فنية يقوم السائحون باقتنائها فهي تظهر مدى براعة الحرفيين السوريين وقدرتهم على الإبداع في جميع الحرف اليدوية».

يفتخر متحف الفن والصناعة في "فيينا" بامتلاكه مجموعة من السجاد الدمشقي الذي يتميز عن السجاد الفارسي والسجاد التركي بخصائص في طريقة الحياكة وفي ألوان الصوف، وفي رسومه الهندسية المترابطة كبلاطات منسقة تحتوي عروقاً وشجيرات وعناقيد ذات ألوان حمراء وزرقاء وخضراء وصفراء، ولكل لون درجات وأطياف مما يجعل هذه الرسوم ذات أبعاد وأعماق، وقد كانت البسط المصنوعة من خيوط الوبر منتشرة في بلاد الشام، وكانت "القلمون" مركز صناعة البسط، وكانت البسط اللبادية من صناعة المدن المحيطة بالبادية

الحرفي "أحمد حكيم" يعمل في صناعة البسط حدثنا بالقول: «تدربت على يدي العم "إبراهيم الأيوبي"، وتعلمت منه كيفية العمل على نول وصناعة البسط والسجاد، الدافع الأساسي الذي جعلني أتعلمها هو المحافظة عليها من الانقراض واعترافاً مني بجماليتها، تتطلب هذه الحرفة الكثير من الصبر والجهد لإخراج أجمل القطع والمنسوجات التي تمتاز بجودتها العالية ودقة إتقانها وحرفية صانعها وجماليتها، ويوجد أنواع مختلفة من البسط منها البسط العجمية والبسط البدوية، ويستخدم النول لصناعة السجاد والبساط حيث يتألف من مطواية عليا تستعمل لوضع خيوط السدي عليها من خلال تركيب خيوط الصوف البيضاء أو خيوط القطن البيضاء وتنظيمها بشكل طولي (خيوط الأرضية) ويوضع فوقها الخيوط الملونة المراد حياكتها، إما السفلى فهي لشد البساط أو رخيه، والمكوك، والمسدية، ومشط لتمشيط خيوط الصوف، ودعاستين؛ الدعاسة اليمين تقوم بفتح الخيوط، أما الدعاسة اليسرى تقوم بشد الخيوط، ويصنع البساط من خيوط الصوف أو القطن أو الحرير، وقد تتداخل الخيوط الثلاثة لتصنع أجمل اللوحات الفنية تأخذ طابع التراث السوري، يختلف سعر البساط بحسب المواد المصنوع منها وحجمه، حيث تتراوح أسعار البسط المصنوعة من الحرير من ثلاثة عشر ألف ليرة سورية إلى العشرين ألف ليرة سورية، أما المصنوعة من الصوف فهي أغلى، ويحدد سعر البساط المواد المصنوع منها، وعدد الألوان المستخدمة، والزخارف والنقوش الموجودة به، ويستغرق إنجاز بساط ثلاثة أيام أو أربعة إذا كان قليل الألوان، وقد يستغرق أسبوع أو أكثر إذا كان كثير الألوان والأشكال، وتختلف البسط المصنوعة يدوياً عن البسط المصنوعة بواسطة الآلات الحديثة حيث اليدوية تكون الخيوط منظمة ومنسقة ومرتبة بشكل جيد ويستخدم الحرفي مهارات جديدة ويضفي على البساط أجمل النقوش والزخارف ورسومات».

السيد محمد الحلاق

وتحدث الدكتور "عفيف البهنسي" في كتابه "الأثر الفني بين التطبيق والتشكيل" عن السجاد والبسط بالقول: «يفتخر متحف الفن والصناعة في "فيينا" بامتلاكه مجموعة من السجاد الدمشقي الذي يتميز عن السجاد الفارسي والسجاد التركي بخصائص في طريقة الحياكة وفي ألوان الصوف، وفي رسومه الهندسية المترابطة كبلاطات منسقة تحتوي عروقاً وشجيرات وعناقيد ذات ألوان حمراء وزرقاء وخضراء وصفراء، ولكل لون درجات وأطياف مما يجعل هذه الرسوم ذات أبعاد وأعماق، وقد كانت البسط المصنوعة من خيوط الوبر منتشرة في بلاد الشام، وكانت "القلمون" مركز صناعة البسط، وكانت البسط اللبادية من صناعة المدن المحيطة بالبادية».

الحرفي أحمد حكيم