تحتاج إلى دقة عالية في العمل وتركيز كبير، توارثتها عائلات دمشقية أباً عن جد، وقد شهدت في الفترة الأخيرة تناقصاً في عدد العاملين فيها بسبب قلة واردها المالي مقارنة ببقية المهن اليدوية التي تعطي وارداً أكبر، وما تزال أربع ورشات كبيرة في سوق "المناخلية" تعمل على تأمين احتياجات المدينة، عدا المحال القليلة المنتشرة في الأحياء.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 23 شباط 2015 "أحمد كلش"، وهو حرفي ممتهن لصناعة المفاتيح منذ 30 عاماً، فحدثنا عن مراحل تصنيع المفاتيح قائلاً: «ورثت هذه المهنة عن أبي الذي بدوره ورثها عن جدي منذ 30 عاماً، قديماً كنا نصنع هذه المفاتيح يدوياً، وكان تصنيعها يتم إما باليد أو عبر سكبها عند مهني آخر ويدعى (السكاب)، ومن ثم يتم حفر الأسنان التي تميز مفتاحاً عن آخر، وأيضاً كنا نحمي المعدن على النار، ومن ثم نسكبه ونضعه في قالب ليطابق القفل، وكنا نطلق عليها (غالات موردة)، فكل مراحل العمل كانت تجري يدوياً من تلحيم، ودق، ولف حلقة بشكل فني على ساعد المفتاح، ولكن في الوقت الحالي وبعد ظهور أنواع من المفاتيح صغيرة الحجم يعادل طولها ثلث المفتاح القديم أصبحنا نصنع فقط النسخة الأصلية منه يدوياً، بينما نصنع النسخ الاحتياطية على الآلة والمبرد».

في عملنا لذة وإثبات للذات من خلال إنتاج أشياء مفيدة للناس، يستعملونها في حياتهم اليومية، وفي هذا الوقت تناقض عدد العاملين في هذه المهنة بسبب عملها الطويل والمضني، حيث إن هنالك 4 ورشات أساسية لتصنيع المفاتيح تعمل في سوق "المناخلية" في "دمشق"، والعامل في هذه المهنة أصبح يمتهن صناعات ومهناً أخرى تدر أرباحاً أكثر منها، فالعمل في تصنيع المفاتيح لا يعطي مردوداً مادياً جيداً، فبالكاد يصل مرتب العامل إلى 15 ألف ليرة سورية في كل شهر، وهذه مشكلة كبيرة، بسبب توجه الناس إلى استخدام التقنيات الحديثة كالمفتاح البصمة والأرقام السرية في أقفال منازلهم وفيلاتهم ومكاتبهم

ويضيف "كلش" قائلاً: «هي مهنة قديمة جداً، وقد تطورت عبر السنين من الطرائق اليدوية ومطابقة أسنان المفاتيح بعضها مع بعض حتى وصلت إلى شكلها الآلي اليوم، بألوانه الكثيرة وبأشكال وأحجام وتصاميم مختلفة، ودخول الآلة على مهنة صناعة المفاتيح ونسخها وفر إمكانات عديدة فقد تطورت أشكال المفاتيح؛ وأصبحت إمكانية تشابهها وتقليدها صعبة من خلال تعدد الأشكال والمسننات التي تميز مفتاحاً عن آخر، ومن أشكالها ما هو مضلع، ومقلوب الأسنان، ومتصالب ولها أشكال ناعمة أحياناً وجميلة حتى إن الموضة دخلت خط الصنعة فتعددت ألوانها منها الكروم والذهبي والفضي، وأساس تصنيع المفاتيح هو بمعاكسة الأسنان بين المفتاح ومكانه في القفل على نحو تتكامل وتتداخل بعملية يسمونها (التعشيق)، وعندها يتم فتح القفل بالباب أو الخزنة، وقد اشتهرت أسر دمشقية مثل: "الزيبق، درا، حمامي، كلش"».

المفاتيح بألوانها وأشكالها

ويتابع حديثه قائلاً: «كل ما نحتاجه للعمل هو مجموعة "المبارد" الخاصة بنا، إضافة إلى المادة الخام التي هي في أغلب الأحيان تكون مستوردة ومنها ما هو وطني، حيث يأتي المفتاح سادة من دون أي نتوءات، ثم يأخذ شكله المعروف حين يأتي الزبون ويطلب نسخ مفتاحه فتقوم بحفر المفتاح الخام بشكل مطابق للمفتاح المطلوب، وكان يتم ذلك قديماً بجمع المفتاح المطلوب نسخه، إلى جانب مفتاح آخر عبر ملزمة يدوية، ويتم حفر النتوءات اللازمة بواسطة مبارد من الفولاذ يدوية حتى تتطابق فيما بينها، وهو عمل دقيق في أغلب الأوقات نستخدم فيه المقاييس (بالديزييم)، أما الآن فقد تطور العمل ودخلت آلة فرز المفاتيح التي سهلت عملية النسخ ووفرت الجهد والوقت، فضلاً عن دقة عملها».

هي هواية وليست عملاً، هكذا يراها "عبود بهلوان" الذي يقول: «في عملنا لذة وإثبات للذات من خلال إنتاج أشياء مفيدة للناس، يستعملونها في حياتهم اليومية، وفي هذا الوقت تناقض عدد العاملين في هذه المهنة بسبب عملها الطويل والمضني، حيث إن هنالك 4 ورشات أساسية لتصنيع المفاتيح تعمل في سوق "المناخلية" في "دمشق"، والعامل في هذه المهنة أصبح يمتهن صناعات ومهناً أخرى تدر أرباحاً أكثر منها، فالعمل في تصنيع المفاتيح لا يعطي مردوداً مادياً جيداً، فبالكاد يصل مرتب العامل إلى 15 ألف ليرة سورية في كل شهر، وهذه مشكلة كبيرة، بسبب توجه الناس إلى استخدام التقنيات الحديثة كالمفتاح البصمة والأرقام السرية في أقفال منازلهم وفيلاتهم ومكاتبهم».

عبود بلهلوان
سوق المناخلية حيث تتوزع محال المفاتيح