اشتهر الطب العربي في جميع أنحاء العالم، فالعطار كان ومازال ملجأ للكثيرين للشفاء من معظم الأمراض، وعلى الرغم من وجود الطب الحديث إلا أن كنوز الطبيعة لا يمكن الاستغناء عنها.

ولمعرفة المزيد عن مهنة العطارة ومدى الاستفادة منها، التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 13 كانون الثاني 2015، "بسام أوفاي" الذي لجأ إلى "الطب العربي" لمعالجة مرضه، والذي أفادنا بالقول: «أصبت بمرض "الغرغرينا" في ثلاثة أصابع وفي بداية المرض عرضت حالتي على الكثير من المستشفيات والأطباء، وقرروا قطع ثلاثة أصابع، بعدها عرضت حالتي على العطار في الحي؛ والمشهور بخبرته الغنية المستمدة من دراسة عميقة، والمعروف بعلاجه لحالات كثيرة عند أبناء الحي مثل العقم والسكري وغيرها الكثير، والحمد لله استطعت إنقاذ ما تبقى من أصابع يدي، وشفيت كلياً من هذا المرض، وكانت المادة الرئيسية للعلاج هي العسل».

الجواب ببساطة هو عدم المعرفة أو المعرفة السطحية والناقصة لهذه الأنواع المختلفة من فنون الطب التي لم تدرس في جامعاتنا، فكل دراستنا تتجه نحو الطب الغربي الحديث فقط، وكما يقول المثل: (المرء عدو ما يجهل)، ورغم ذلك فإن عدد الأطباء والعلماء الذين ينادون ليصبح الطب البديل جنباً إلى جنب مع الطب الغربي في تزايد مستمر

كما كان لنا لقاء مع العطار "بيبرس دوغوظ" الذي يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من ثلاثين عاماً؛ فحدثنا عن تفاصيلها وتاريخها بالقول: «هذه المهنة قديمة قدم التاريخ، أطلق عليها الكثير من التسميات، مثل: "الطب النبوي"، و"الطب العربي"؛ فمعظم أصول "العطارة" كانت شرقية هندية، صينية، إيرانية، فارسية، ومنها ما هو مصري أو مغربي أو يمني، وأول من عمل بها "ابن سينا"، حتى إن كتب "ابن سينا" و"الزهراوي" من أهم المراجع الطبية لدى الغرب، كما أطلق عليها "الطب البديل"، ولكني أراه "الطب الأصيل"، فهي كانت أصلاً طباً قديماً، جربها أجيال من الأجداد، وتوارثها أبناء وأحفاد، ومارسوها من خلال تجارب وثقة من مجرب، وكما يقال: "ليس كل من باع مواد العطارة أصبح عطاراً"؛ فهذه المهنة تحتاج إلى علم ودارسة أولاً، فهناك الكثير من المراجع عن الطب البديل المتواجدة منذ مئات السنين، ومن ثم خبرة عميقة جداً، وقديماً عبرت عن الطب بوجه كامل، فالعطار كان ومازال يجمع بين مهنة الطبيب والصيدلي، فهو قادر على وصف وإعطاء دواء، وفق أعراض المريض وتوصيف المرض، ولا يقتصر ذلك على وصفات جاهزة، فكلما تعمقت بهذا العلم استطعت خلط الأعشاب والبذور أو الجذور، فيخرج منها دواء جديد مركب، يعطي فوائد جديدة».

أحد المراجع

ويضيف: «الآن هذه المهنة تتوسع على الرغم من وجود الطب الحديث، إلا أنه لا يمكن الاستغناء عنها؛ لاستفادة الناس منها، وخاصةً أن الطب الحديث عجز عن علاج كثير من الأمراض وأصبح يطلق عليها وصفة مستعصية، إضافة أن الكثيرين أصبحوا يهربون من المواد الكيميائية ذات المضاعفات والآثار الجانبية، ويبحثون في العطارة عن العلاج الطبيعي، والنساء أغلب الأحيان يفضلن الطبيعة بالحفاظ على جمالهن، غير أن انخفاض تكاليف المواد الطبيعية بالنسبة لمرادفتها الكيمائية يساهم في ذلك أيضاً».

يتابع حديثه بالقول: «"سورية" بلد غني بالعلم والخبرات والعطاء، حتى الطبيعة لدينا غنية، نسبة كبيرة من الأعشاب الطبية في العالم موجودة فيها، أي بما يعادل 60%، كما نتلقى طلبات من دول غربية لأعشاب طبية متواجدة في بلدنا، وذلك لأن الأرض السورية أرض خصبة تمر عليها الفصول الأربعة، فهناك أعشاب لا تنمو إلا بجو بارد وأخرى معاكسة تماماً، فالأعشاب التي تنمو تلقائياً لها فوائد أكبر من التي تزرع وذلك يؤثر في الفائدة العلاجية، وهناك الكثير من المناطق التي تكثر فيها النباتات الطبية كالساحل السوري، "الجولان، درعا، السويداء"، وغيرها الكثير».

الأعشاب الطبية

الكثيرون من الأطباء لا يؤمنون بالطب العربي، ويرونه غير قادر على العلاج، وعن ذلك يقول "دوغوظ": «الجواب ببساطة هو عدم المعرفة أو المعرفة السطحية والناقصة لهذه الأنواع المختلفة من فنون الطب التي لم تدرس في جامعاتنا، فكل دراستنا تتجه نحو الطب الغربي الحديث فقط، وكما يقول المثل: (المرء عدو ما يجهل)، ورغم ذلك فإن عدد الأطباء والعلماء الذين ينادون ليصبح الطب البديل جنباً إلى جنب مع الطب الغربي في تزايد مستمر».

وعن الرأي الطبي للعلاج بالأعشاب الطبيعية يقول دكتور الأمراض الداخلية "عماد شمس الدين": «لقد كان للطب البديل دور مهم في تطور الطب الحديث، فأغلب الأدوية الحديثة في مجال الطب تعد الابن الشرعي لطب الأعشاب القديم، حيث كان مصدرها تجارب الإنسان القديمة بين الخطأ والصواب، حيث لم يكن لديه التقنية التي تمكنه من معرفة المركبات الكيميائية للعشبة وأضرارها ومنافعها على المدى القصير والبعيد، ولم توجد كذلك الخيارات البديلة لتلك الأعشاب».

يتابع: «الطب البديل مكمل للطب الحديث، ويهدفان إلى خدمة المريض وعلاجه، وقد أثبت علمياً بالدليل القاطع أن فائدته أكبر من ضرره من مصادر معتمدة وموثوقة عالمياً ووثقت فعاليتها على آلاف الأشخاص، ولكن يجب الحذر الشديد عند استخدام الأعشاب لمن لديه أمراض قلب؛ لأن أمراض القلب هي من أخطر أمراض الجسم وتتعلق بالحياة، حيث يجب أخذ رأي الطبيب، هناك كثيرون من الناس يعتقدون أن الأعشاب كلها غير ضارة لأنها طبيعية، والحقيقة إن ذلك مفهوم خاطئ لأن بعض الأدوية والأعشاب سموم خالصة، فهي تؤخذ بالقدر الذي يحتاجه الجسم وتبعاً لحالته المرضية، ونجاح العلاج بالأعشاب يعود إلى خبرة وعلم العطار ومدى وعيه بفوائد العشبة التي يعطيها، فلقد أثبت فائدته في علاج الكثير من الأمراض، ويظهر ذلك في عودة هذا النوع من الطب إلى جانب الطب الحديث في أوروبا، مثل الوخز بالإبر الصينية وغيرها».