من حبوب السمسم الصغيرة تستخرج أنواع شتى من الأصناف، فالحلاوة رفيقة وجبة الفطور وزيتها دواء للصدر، وقليل من السكر والتحضير تغدو صنفاً لطيفاً من الحلويات، وتنتشر صناعتها بكثرة في "دمشق".

مدونة وطن "eSyria" التقت السيد "جهاد دعبول" أحد مصنعي الحلاوة في "باب الجابية"؛ الذي قال: «اكتسبت هذه الحرفة من والدي؛ الذي بدوره اكتسبها من جدي؛ فنحن نعمل فيها منذ 70 عاماً، وأخذ حرفته عن أبيه الذي يعد من أوائل الدمشقيين الذين امتهنوا صناعة الحلاوة في "دمشق"، وقد أضاف إليها أصنافاً وأنواعاً أخرى، فلا تمر في شارع أو أمام "بسطة"، أو محل إلا وتشاهد الحلاوة تتصدر الواجهة».

هي كغيرها من المأكولات يمكن التجريب والتطوير فيها، إذ أضيف إليها جوز الهند والشوكولا والكاكاو، وكل صنف له متذوقوه، وهناك طلبات من بعض الزبائن (تواصي) لتحضيرها بالسمن البلدي؛ وهذه عادة تكون مرتفعة الثمن وغنية جداً بالسعرات الحرارية وتتميز بمذاقها اللذيذ

وأضاف "دعبول": «ننتج الحلاوة الطحينية وأنواعاً أخرى من مشتقاتها؛ كـ: "ناطف المعمول، والحلاوة الشوشية، والحلاوة "الدايت"، إضافة إلى الطحينية وزيت السيرج"؛ الذي يستفاد منه في علاج بعض الأمراض الصدرية، كما تعد الحلاوة الشامية أو "الطحينية" حلوى شتوية؛ حيث يكثر طلبها في الشتاء لأنها قيمة غذائية عالية تمنح الطاقة والدفء وتتصدر موائد السوريين. وهي من المهن المربحة التي تدر دخلاً لكونها تحتاج إلى مجموعة من الحرفيين والعمال».

أحد محال البيع

وعن تحضيرها والمواد الأولية في تصنيعها؛ قال السيد "محمد حوارنة" صاحب محل في "باب الجابية": «في البداية نأتي بالسمسم الخام وننقعه بالماء، ومن ثم نقشّره ونغربله، وبعدها نحمصّه ونطحنه لتخرج الطحينة، وبعد تحضيرها نبدأ بتحضير حلاوتها التي تتم كما يلي: نأتي بالسكر الذي نقوم بغليه ليتحول إلى قطر، بعد ذلك نضعه في آلة الخلط ونضيف إليه مادة عشبية تسمى "العصلج" نقوم بطحنها وغليها ونستفيد من مائها فقط، وتضاف بنسب محددة لتبقى فيها مع القطر مدة معينة، نضيف بعدها حمض الليمون بمعيار محدد وبدقة».

ويضيف: «يقوم "العصلج" بتحويل القطر الأبيض الشفاف إلى مزيج يدعى "ناطف" لونه أبيض "حديدي" مثل الكريما، ومن دون "العصلج" لا يمكن أن تحصل عملية التحول هذه، بعد ذلك نبقي الخليط مدة معينة أيضاً لتنتهي عملية الطبخ ونقوم بعدها بأخذ 50% من المزيج "الناطف"، و50% من الطحينة، ونضع الكمية كلها في "عجّانة" ويخلط المزيج تزامناً مع إضافة المنكهات كالفانيليا وماء الزهر والعطور؛ لتصبح حلاوة الطحينية جاهزة للتعبئة في عبوات خاصة بأوزان مختلفة تبدأ من 500 غرام وتنتهي بـ2كغ، وذلك حسب رغبات الزبائن، ولزيادة متعة مذاقها نزين وجه الحلاوة بالفستق الحلبي».

السيد محمد حوارنة

وعن الأصناف التي أدخلت إلى الحلاوة يضيف قائلاً: «هي كغيرها من المأكولات يمكن التجريب والتطوير فيها، إذ أضيف إليها جوز الهند والشوكولا والكاكاو، وكل صنف له متذوقوه، وهناك طلبات من بعض الزبائن (تواصي) لتحضيرها بالسمن البلدي؛ وهذه عادة تكون مرتفعة الثمن وغنية جداً بالسعرات الحرارية وتتميز بمذاقها اللذيذ».

وعن طريقة انتشارها في "دمشق" قال الباحث "خالد الحسين": «بعد انتشار حركة الإعمار والبناء في القرون الماضية في "دمشق" وتوسع النشاط العمراني ليشمل أغلب أحيائها؛ كان لا بد لعمال البناء أن يقضوا ساعات طويلة في الأعمال المتعبة والشاقة، ولا بد من تعويض هذه الطاقة التي يبذلونها؛ لاستمرار عملهم فانتبه أصحاب محال الحلويات إلى أن هؤلاء العمال لا يستطيعون شراء الحلويات الفاخرة لتعويض تلك السعرات، فابتكروا نوعاً جديداً من الحلويات أطلقوا عليه "حلاوة الطحينية" وباعوها للعمال بأسعار رخيصة؛ فكانت وجبة دسمة مؤلفة من خبز وحلاوة تحقق لهم الشبع وبسعر رخيص وتعوضهم الطاقة المبذولة في أعمالهم».

بعض أنواع الحلاوة

ومن الناحية الصحية قال: «تؤكل الطحينية في فصل الشتاء بكثرة لأنها ترفع من حرارة الجسم، وهناك من يأكلها مع الزبدة، كما أن لـ"سيرج" السمسم علاجاً خاصاً للأمراض الصدرية؛ فكان آباؤنا وأمهاتنا عند شرائهم علب الحلاوة يأخذون الورقة الملاصقة للزيت؛ التي تكون ملأى به، ويضعونها على صدر المريض ليشفى».