مهنة قديمة عادت للحياة من جديد، بعد أن انتقل اقتناء الدراجة الهوائية من وسيلة لدى فئة صغيرة من الناس إلى وسيلة نقل أساسية لدى الكثيرين، كحل لما يعانيه المواطن من صعوبات في المواصلات، ومن ثم نشطت الحاجة لشراء الدراجات الهوائية وصيانتها.

بتاريخ 2 كانون الأول 2014، التقت مدونة وطن "eSyria" السيد "حسان اللبابيدي" الذي يملك محلاً لتصليح وصيانة الدراجات الهوائية، فقال لنا عن هذه المهنة: «نحن نعمل فيها من زمن أجدادي، وبوجه عام مهنة "البسكليتاتي" تختلف اليوم عن السابق من كل النواحي، فقديماً كان نطاق هذه المهنة أو الأشخاص الذين يقتنون دارجة الهوائية يقتصر على ذوي الدخل المحدود كالعامل البسيط وصبي اللحام والنجار والحداد، كوسيلة نقل مجانية، أو بعض العائلات الميسورة الحال ممن يقومون بشراء الدراجات لأولادهم عند النجاح في مرحلة دراسية معينة، حيث كان زبائن هذه المهنة من الضواحي والقرى القريبة من "دمشق"، فقديماً كان السوق المختص بالدراجات في "شارع النصر" جانب القصر العدلي، حيث تتضمن المهنة بيع القطع وتصليحها وصيانة الدرجات، وكانت المحال حينها تفتح أبوابها عند الساعة السادسة صباحاً ولغاية الساعة العاشرة صباحاً فقط، فقد كان جلُّ زبائننا من أبناء القرى والريف الذين يزورون العاصمة صباحاً، كما كانت جودة التصنيع أفضل بكثير مما هي عليه اليوم، فكانت الدراجة تعمر لدى أصحابها سنوات طويلة».

هذه المهنة لا تندثر، على الرغم من أنها تراجعت في كثير من الفترات، إلا أن "سورية" ما تزال في مقدمة الدول التي تحوي شوارعها أعداداً كبيرة من الدراجات الهوائية مقارنةً بالدول العربية المجاورة، ويعود ذلك إلى اختلاف طبيعة البيئة وطرائق التفكير والجو المعتدل والتضاريس المستوية التي تتمتع بها بلادنا

وعن الاختلاف الذي طرأ على هذه المهنة يخبرنا بالقول: «الآن اختلف الموضوع جذرياً، فالوقت اختلف والثقافة الاجتماعية اختلفت أيضاً، إضافة إلى أن ركوب الدراجة الهوائية أصبح الحل الأمثل لأزمة المواصلات التي يعاني منها المواطن، كما أن الشرائح الاجتماعية التي تقتنيها توسعت أكثر، فأصبح يُعتمد عليها كوسيلة نقل أساسية من قبل الطلاب والموظفين والأطباء أحياناً؛ وأصحاب المحال التجارية والمهن الحرة، وهو ما أثَّر إيجاباً في حركة السوق بوجه عام وبعودة ازدهار المهنة من جديد، فسابقاً كان الاعتماد على موسم الصيف فقط، ويتحسن مستوى العمل مع تحسن الطقس، أما الآن فقد أصبح العمل مستمراً على مدار العام».

أثناء القيام بالعمل

ويضيف: «هذه المهنة لا تندثر، على الرغم من أنها تراجعت في كثير من الفترات، إلا أن "سورية" ما تزال في مقدمة الدول التي تحوي شوارعها أعداداً كبيرة من الدراجات الهوائية مقارنةً بالدول العربية المجاورة، ويعود ذلك إلى اختلاف طبيعة البيئة وطرائق التفكير والجو المعتدل والتضاريس المستوية التي تتمتع بها بلادنا».

أما عن تعلم هذه المهنة فيخبرنا "عامر شوشرة" أحد العاملين في هذه المهنة بالقول: «أنا أعمل في هذه المهنة منذ 25 عاماً، فهي سهلة التعلم، وكحد أقصى يكفي أن تعمل مدة 6 أشهر في أحد محال التصليح المتخصصة لتتقن أسرار المهنة، إلا أن أغلب أفراد الجيل الجديد لا يرغبون بتعلمها على الرغم من أهميتها، ففي الخارج يتم الاعتماد الكلي على الدراجات، و"سورية" اليوم تمشي على ذات الطريق، وأرى أنها ستغدو محتاجة لتقنيين مختصين بأعمال الصيانة، على الرغم من وجود سوق رئيس في شارع خالد بن الوليد، والكثير من محال التصليح والصيانة على امتداد مناطق "دمشق"».

ويختم بالقول: «أتوقع -مع انتشار ثقافة ركوب الدراجات- الكثير من التطور لهذه المهنة، فالتقدم الذي اجتاح صناعة وسائل النقل طال الدراجة الهوائية أيضاً، فلا بد من توجهٍ جاد لتعلم هذه المهنة من قبل جيل الشباب، فهي -على بساطتها- تدر على العاملين فيها أرباحاً جيدة، وأنا شخصياً أعتبرها مهنتي الأساسية وأعيل أسرتي بما أجنيه من هذه المهنة؛ فلا أجد نفسي مضطراً لعمل آخر بوجودها».

بقي أن نذكر، أن استخدام الدراجات الهوائية ازداد في مدينة "دمشق" بنسبة تفوق 60% خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إلا أنها تحتفظ بريادة قديمة على باقي المحافظات فيما يخص رواج استخدام التنقل بواسطة الدراجات الهوائية.