تتميز بإتقان صناعتها ومتانتها مقارنة بأنواع الكراسي الأخرى، فهي تخلو من المواد اللاصقة، خفيفة الوزن وصغيرة الحجم؛ لذلك كان البيت الدمشقي يعتمد عليها بشكل كلي في الجلوس جانب البحرات وخارج الغرف.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 22 تشرين الأول 2014، صانع كراسي القش "محمد الخبير" الذي قال: «منذ عشرات السنين وأسرتي تعمل في مجال تقشيش الكراسي وترميمها وتصنيعها بشكل يدوي، ووالدي بقي يعمل في هذه المهنة لأكثر من ستين سنة، ومع عزوف الناس عن شراء هذا النوع من الكراسي توقف عملنا لفترة، قبل أن يعود لينهض مجدداً، خاصة أن الكثيرين من الناس أصبحوا يجلبون كراسيهم القديمة لكي نرممها لهم».

يعمل في المهنة حالياً عمال موسميون من طلبة المدارس الذين يستغلون العطلة الصيفية للعمل فيها، وهي بالأصل مهنة موسمية إذ إنها تنشط في فصل الصيف فقط، وتتوقف في فصل الشتاء، ذلك أن تصنيع هذه الكراسي يحتاج إلى طقس حار وجاف، ومعظم الناس يرغبون في صيانة كراسيهم مع بداية فصل الصيف للجلوس عليها

وعن صناعة كراسي القش وورشات تصنيعها، يشرح "الخبير" قائلاً: «يعمل في المهنة حالياً عمال موسميون من طلبة المدارس الذين يستغلون العطلة الصيفية للعمل فيها، وهي بالأصل مهنة موسمية إذ إنها تنشط في فصل الصيف فقط، وتتوقف في فصل الشتاء، ذلك أن تصنيع هذه الكراسي يحتاج إلى طقس حار وجاف، ومعظم الناس يرغبون في صيانة كراسيهم مع بداية فصل الصيف للجلوس عليها».

الكراسي منتشرة بمقاهي دمشق

ويضيف: «يصل خشب الزان إلى الورشة بقطعة واحدة ويجري نشره إلى قطع حسب أبعاد أرجل الكرسي وإطارها، وبعد ذلك توضع هذه القطع على براية ومن ثم على البخار، ولذلك يجري تطبيق الكرسي من دون الحاجة للصق بمادة الغراء، أما الأرجل فيصار إلى ربطها بواسطة البراغي (المسامير اللولبية) وباللف، وفيما بعد يصار إلى استخدام القش أو الخيزران، حسب رغبة الزبون، وتتنوع التصاميم المحلية، نذكر منها: "البلوني، الحمصي، الهزاز، الكعكة، المدور"، كذلك هناك "موديل" يدعى "العربي الصغير"؛ وهو منتشر بكثرة، وعادة ما يصنع من خشب الحور ومن قش "الحلف" الذي نأتي به من منطقة "دير الزور"».

ويتابع حديثه بالقول: «هناك عدة مراحل يمر بها الكرسي، في البداية يصار إلى قشط "الطارة" ونزعها لتؤخذ إلى التقشيش من جديد، وهذه مرحلة دقيقة وفنية تستغرق نحو ساعتين وتتم بواسطة السدي (التسدية) بالطول وبالعرض، ومن ثم تجرى عملية الرفو أو (الرتي)، كما يحصل مع نول النسيج اليدوي، حيث ننتج من القش رسوماً معينة لـ"طارة" الكرسي، وينتشر حالياً رسمة تسمى (الشمس) الذي يستخدم للأبواب التي توضع على (الشوفاجات) التي تعطي منظراً جميلاً».

الكرسي قبل تصنيعه

نلاحظ اليوم عودة الروح لهذه الكراسي من خلال المطاعم والمقاهي في كل أحياء "دمشق"؛ وعن هذا يقول "عمار قصار" مهني يعمل في صناعة الكراسي: «هناك عدة أسباب لعودة اهتمام الناس بهذا النوع من الكراسي، ومنها اكتشافهم فوائدها الصحية للإنسان بعكس الكراسي البلاستيكية التي تسبب لهم الضرر، وتأثر الناس بمسلسلات البيئة الشامية، إذ شاهدوا كيف كان الناس يجلسون في البيوت، وفي الدكاكين على كراسي القش، ولا سيما الصغيرة منها -من دون مسند- فصاروا يقلدون الممثلين في هذه الأعمال، ويستعيضون عن الكراسي البلاستيكية والجلد الصناعي بكراسي القش، أضف إلى ذلك افتتاح المطاعم والفنادق والمقاهي في "دمشق القديمة"، التي يحرص أصحابها على وجود كراسي القش انسجاماً مع طبيعة هذه المنشآت وتصاميمها ومواقعها في أمكنة تراثية».

ويتابع حديثه بالقول: «كراسي القش كانت من أساسيات البيت الدمشقي، حيث تتواجد جانب بحرة البيت، وداخل الغرف، ناهيك عن انتشارها في الدكاكين ومكاتب موظفي الدولة والشركات، غير أنها أخذت تفقد مكانتها خلال السنوات الأخيرة لمصلحة الكراسي البلاستيكية الرخيصة الثمن وكراسي الحديد والجلد وغيرها، ولكن مع استعادة كراسي القش شعبيتها، نهضت من جديد مهنة تصنيعها وصيانتها وترميمها، وأخذت تجتذب نسبة لا بأس بها من الشباب السوريين، وعاد أبناء أسر دمشقية كانت قد تخصصت بهذه المهنة إلى العمل بها من جديد، وهي مهنة رائعة ومربحة حيث إنها تدر المال الكثير لصناعها، فبسبب انتشارها في المقاهي أصبح الطلب عليها كبيراً، وليس التصنيع فقط بل الإصلاح أيضاً، فعمال ورشتي يتقاضون ما بين 40 إلى 53 ألف ليرة سورية كل شهر حسب عملهم».

محمد خبير