«أمام ما يواجهه العالم من متغيرات اقتصادية خطيرة نحن بحاجة اليوم إلى هدوء وتفكير لكي نتلمس طريقنا في المرحلة المقبلة، ولاسيما أن المشاركين في هذه الجلسة هم الممارسون للعملية الاستثمارية والمشرفون عليها والمتابعون لها في سورية».

بهذه الكلمات توجه "عبد الله الدردري" نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية لحشد من رجال الأعمال والمستثمرين.. الذين جلسوا مع المسؤولين في هيئة الاستثمار السورية على طاولة واحدة يوم الأربعاء 18/2/2009 في جلسة حوار مشتركة بهدف دراسة واضحة للمعوقات التي تعترض سبل تطوير العملية الاستثمارية، وزيادة عوامل الجذب الاستثماري الذي من شأنه أن يوصل سورية إلى مصافي التنافسية العالمية التي تستحق أن تكون فيها.

في ظل الأزمة المالية العالمية لا بد من التركيز على نقطتين هامتين: لا ضمان ولا أمان للصناديق العربية التي تودع أموالها في الخارج، ولا ضمان لاستثمارات عربية في بورصات الخارج، وعلينا ترتيب البيت الداخلي لتحريك الاستثمارات العربية والأجنبية وبالذات السياحية لاستقبال هذه الاستثمارات

وقال "الدردري" في تصريح للصحفيين: «الحكومة السورية تقوم بعدة إجراءات لضمان جذب الاستثمار كإزالة العقبات الإدارية والإجرائية والتنظيمية التي تقف في وجه الانطلاق الكامل لعملية الاستثمار، ومن هذا المنطلق أصدرت الحكومة ‏عدداً كبيراً من القوانين، لكن الأهم هو معرفة إن كانت بيئة الأعمال مناسبة وممكنة، وأن مجموعة القرارات التي صدرت مؤخراً تساهم في تعزيز التنافسية الصناعية ليس بأسلوب الحصر والاحتكار بل بأسلوب تنافسي دون قيود، إضافة إلى الحوارات التي أجريت مع الصناعيين لمعرفة المشاكل التي يعانون منها والعمل على إزالتها في ظل لعبة ليست عادلة تسود في الأسواق العالمية إلا أن علينا أن نعرف كيف نتصرف حتى نكون المستفيدين منها».

"عبد الله الدردري"نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية

وكان نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية طرح خلال الجلسة جملة من التساؤلات التي يجب أن يكون هناك تصور واضح حولها كالسياسات الكلية، وإن كان هناك حاجة للمزيد من التشريعات والقوانين بهذا الخصوص، وكيف نحقق تنافسية الصناعة وحمايتها من الممارسات غير العادلة من قبل التجارة الدولية، وفي الوقت نفسه لا نقوم بممارسات حمائية تكون نتائجها إغلاق الأبواب في وجه الصناعة السورية؟ كما توجه بسؤال إلى المشاركين في الجلسة: ماذا نريد من الاستثمار في سورية خلال هذه المرحلة؟ هل نريده أن يستمر بالوتيرة القائمة سابقاً من ناحية الكم والنوع والتوزع القطاعي والجغرافي، أم نريد تغييراً هيكلياً بالتنفيذ ومستوى القيم المضافة والتوزع الجغرافي والتوجهات العامة للاستثمار.؟ وما هو الإطار القانوني للاستثمار رغم أن المرسوم 8 و9 جديد لكن هل هما كاملان أم يحتاجان تطوير. ‏

وأوضح الدردري أن الحكومة أقرت صيغة جديدة للشراكة بين العام والخاص تتيح كل نماذج العقود الجديدة من Boo - Bot.. وغيرها، وأن رئيس مجلس الوزراء وقع عليها منذ يومين، ولهذا الموضوع علاقة بتحسين بنية الاستثمار وجعلها جاذبة وجذب المال الخاص لتدعيم البنية التحتية والمرافق العامة والخدمات، الأمر الذي يحتاج إلى أسلوب تفكير جديد وتمويل المشروعات الإستراتيجية، وأتمنى أن تخرج الندوة بجملة من توصيات تصاغ على شكل قرارات على الأقل من قبل مجلس إدارة هيئة الاستثمار فالتأمل الطويل لم يعد يجدي نفعاً.

علي الحديثة.

وغادر بعدها "عبد الله الدردري" جلسة الحوار في فندق أمية متجهاً إلى لقاء آخر مع وزير الاقتصاد السلوفاكي بما يسهم كما أوضح في فتح أسواق جديدة أمام المنتجات السورية.

ورأى د."أحمد عبد العزيز" رئيس هيئة الاستثمار السورية وعلى خلفية ما تم تحقيقه بأن هذا الاجتماع بداية لحراك حقيقي بين القطاعين العام والخاص وقال: «إذا استطعنا في كل اجتماع أو لقاء الخروج بقرارين أو ثلاثة فإننا سنسهم في معرفة كافة المشكلات الصغيرة والكبيرة والتي تعترض العملية الاستثمارية ونحاول إيجاد الحلول الجذرية لها، وأعتقد أن الميزة في القوانين الاستثمارية السورية قابليتها للتعديل، واتخاذ كل ما يلزم للانطلاق بالاستثمار وجذبه إلى سورية».

جانب من الحضور

يذكر أن الهيئة السورية للاستثمار قامت خلال الفترة الماضية بجملة من الإجراءات التي من شأنها تعزيز العملية الاستثمارية ومن ذلك إطلاق خدمة النافذة الواحدة..إطلاق الخارطة الاستثمارية السورية نهاية العام الماضي، كما أن رئاسة مجلس الوزراء أقرت خلال الأيام الماضية إحداث فروع للهيئة في كافة المحافظات السورية ‏

وخلال حواره معنا قال "علي الحديثة" مدير مؤسسة الحديثة للاستثمارات الاقتصادية والخبير الدولي بعقود الاستثمار: «في ظل الأزمة المالية العالمية لا بد من التركيز على نقطتين هامتين: لا ضمان ولا أمان للصناديق العربية التي تودع أموالها في الخارج، ولا ضمان لاستثمارات عربية في بورصات الخارج، وعلينا ترتيب البيت الداخلي لتحريك الاستثمارات العربية والأجنبية وبالذات السياحية لاستقبال هذه الاستثمارات».

أما جذب المستثمرين فيأتي عبر: «أعتقد أن كثرة إصدار القوانين وتغييرها ليس جاذباً للاستثمار..إلا أن يكون هناك شرط يحمي ما تحقق من القوانين السابقة، والمستثمر الحقيقي يريد الدولة التي تحترم القانون، وكلما كنا جديين نكون في بيئة استثمارية جادة، وأهم الأركان التي تجعل من الدولة ضامنة للاستثمار الاستقرار السياسي والأمني إضافة للبنية القانونية للاستثمار، ويجب أن تحتوي جملة من الامتيازات والحوافز، إضافة إلى الضمانات المقدمة للمستثمر وعدم مصادرة مشروعه أو الحجر عليه إلا بقرار محكمة».

وذكر "الحديثة" ‏أن هناك مناطق حرة في سورية تعتبر ركناً أساسياً من أركان الاستثمار.. لكن يجب أن تكون آمنة وفيها سهولة للتحرك، وان تكون علاقتها بهيئة الاستثمار قائمة على التنسيق المشترك.

وتحدث د."شبلي أبو فخر" معاون وزير الاقتصاد الأسبق، عن الأزمة المالية التي عصفت بالأوضاع المالية وألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي خلال العام الماضي، وأن آثارها لا تزال تهلك العديد من الدول وهي تدعونا إلى زيادة الرقابة المالية والمصرفية. ‏

وتوقع "أبو فخر" زيادة الاستثمارات في سورية بعد حزمة التشريعات، واستكمال التوقيع النهائي على اتفاقية الشراكة والانضمام لمنظمة التجارة الحرة، وتفعيل النافذة الواحدة، وإلغاء دور الوسطاء والسماسرة. ‏

مشيراً إلى ضرورة وجود ملحقين تجاريين في كافة السفارات السورية، والتوزيع العادل للاستثمارات لاسيما المناطق النائية بمنح مزايا وإعفاءات أكثر بما يخدم التنمية