كانت البداية لدى التشكيلية والحرفية "نجوى الشريف" عندما كُسرت في منزلها مزهرية مميزة بالنسبة إليها، فخطرت ببالها فكرة تكسيرها إلى قطع صغيرة، وإلصاقها على مرايا وصناديق خشبية لتبقى كذكرى، وتعرّف الفن بأنه حالة إبداعية متجددة مليئة بالشغف لإنجاز الجديد والمختلف، فهو مرآة يعكس من خلالها الفنان الواقع بمنظاره ورؤيته الخاصة.

وتضيف خلال لقائها بموقع مدوّنة وطن "eSyria" في المركز التربوي للفنون التشكيلية في منطقة "المزة" بـ"دمشق"، إن الفن هو هاجسها منذ الصغر، فقد بدأت برسومات على لوح الصف في المرحلة الابتدائية، وبمحاولات لصنع الألبسة لدمى ألعابها، لكن الظروف الحياتية منعت دخولها في هذا المجال مبكراً، فقد تزوجت بعمر الثامنة عشرة، ودرست علم النفس بجامعة "دمشق"، وخلال هذه الفترة مارست هوايتها بالعمل اليدوي، وبدأت بإنجاز أعمال يدوية كإعادة تدوير الأشياء القديمة بإضافة لمسات جمالية وفنية مبتكرة.

أعرفها منذ عدة سنوات، كانت لنا نشاطات فنية مشتركة، هي فنانة نشيطة تبحث دائماً عن الجديد والمختلف، امتلكت العديد من التقنيات الفنية، لديها شغف قوي وعين دقيقة بالعمل وتنتج أعمالاً غاية في الروعة والجمال

أما بالنسبة للرسم فكانت أول انطلاقة لها عندما دخلت ابنتها كلية الفنون الجميلة، وبدأت بالاطلاع على كتبها وتعلمت منها فنون دمج الألوان واختيارها والنحت معها، ولصقل موهبتها بطريقة أكاديمية، بدأت باتباع دورات بمركز "وليد عزت" للفنون التشكيلية، ودورات بمجال الحرف اليدوية بمراكز "اليونسكو" و"الهلال الأحمر" تعرفت من خلالها على مواد جديدة كالخشب والخيوط والأقمشة والورق وطريقة تلوين الزجاج والطباعة، وبدأت بإدخال تقنيات جديدة لأعمالها الفنية، ما أضاف لها الجودة والعراقة والجمال بآن واحد.

فسيفساء زجاجية من تصميمها

وتشير "الشريف" إلى أن اللوحة البيضاء هي مختبر أعمالها الفنية التي تحفز ريشتها وألوانها لإخراج مكنوناتها وهواجسها، ولكي تكشف عن عوالم موضوعاتها التي تجسدها بلوحاتها، وتتابع: «أعمالي تعكس رؤيتي الفنية للعوالم الإنسانية التي ظهرت بشكل كبير بلوحات أنثوية تعكس معاناة ونضال ودور المرأة في المجتمع، فبرأيي إن المرأة هي رمز الجمال والحياة والقوة، بالإضافة إلى لوحات عن الحارات الدمشقية والطبيعة والشخصيات الأدبية والفنية جسدتها بتقنيات عدة كالنحت والحفر والطباعة والحرق على الخشب والرسم على الزجاج بألوان متنوعة كالأكريليك والزيتي والمائي والكولاج، واستخدمت فيها ألواناً ترابية للتعبير عن الحزن والمعاناة، وألواناً حارة وصارخة لإظهار القوة بلوحاتي، فأنا أسعى دائماً للبحث عن الجديد والمختلف».

وعن مشاركاتها الفنية بيّنت أنها كانت منسقة للعديد من الفعاليات والمعارض الفنية، وشاركت بعدة معارض فنية وفعاليات ثقافية وجمعيات للمرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة كجمعية "سرطان الثدي" و"جذور" ومدرسة "الأمل" و"لمة أمل" ومجموعة "نون"، وشاركت مع فريق "bna" للرسم في عدة أماكن في "دمشق"، وكانت لها مشاركة بمهرجان "القلعة والعناب"، ومهرجان جمعية "شموع السلام" بمدينة "اللاذقية"، ومهرجان "أجراس الحب والجمال" مع جمعية "شموع السلام" بحديقة "تشرين" في "دمشق" عام 2020، وعدة مشاركات بورشات تدريب مع "الهلال الأحمر" و"اليونسكو" بـ"التكية السليمانية"، كما شاركت بمهرجان "عشتار" مع الفنان العراقي "باقر العبودي" في "لبنان" و"دبي"، وشاركت في منتدى فني في "جنوب لبنان"، وعدة مشاركات جماعية لتكريم عدد من الفنانين التشكيليين، وعدة معارض مع الاتحاد العام للحرفيين في معرض "دمشق الدولي".

من أعمالها بتقنية الطباعة

بدوره التشكيلي "معتز العمري" المتابع لتجربة التشكيلية "نجوى الشريف" الفنية المتنوعة، قال إنها فنانة متعددة التجارب والمحاولات في العمل اليدوي واللوحة الفنية، وتمتلك الإصرار على تنفيذ العمل رغم ما يواجهها من صعوبات حياتية وفنية، نشيطة تسعى دائماً لتحقيق ذاتها من خلال الفن، عملت على العديد من الخامات والمواد كالسيراميك والفسيفساء وألوان الزجاج لتصوغ منها أشكالاً فنية وخدمية تفيد الديكور والاستعمال اليومي، كما أن لوحاتها الفنية تحمل بعداً إنسانياً يتمثل بمواضيعها التي تناولتها وجسدتها بحالات المرأة المتعددة وهذا ما أكسبها إحساساً خاصاً بها.

أما الفنانة التشكيلية "حنان محمد إبراهيم" فقالت عنها: «أعرفها منذ عدة سنوات، كانت لنا نشاطات فنية مشتركة، هي فنانة نشيطة تبحث دائماً عن الجديد والمختلف، امتلكت العديد من التقنيات الفنية، لديها شغف قوي وعين دقيقة بالعمل وتنتج أعمالاً غاية في الروعة والجمال».

من لوحاتها التشكيلية

يذكر أنّ التشكيلية "نجوى الشريف" مواليد عام 1964، وهي أم لأربعة أولاد وجدة لسبعة أحفاد، تعمل حالياً مديرة معهد "الكندي" للغات والعلوم.

أجري اللقاء معها بتاريخ 17 تشرين الثاني 2020.