تضيف "زويا قرموقة" على أعمالها قيمةً ودلالةً ثقافيةً ثابتة، وذلك عبر فنون منوّعة أتقنتها بين الرسم والخزف والمنمنمات، وعكس هذا التنوع تصميمها المسبق على تجسيد هذه الخبرات بما فيها من عمق روحي وإبداعي.

مدوّنة وطن "eSyria" تواصلت مع الفنانة "زويا قرموقة" بتاريخ 9 تشرين الأول 2020 لتتحدث عن موهبتها الفنية في مجال الحرف اليدوية على أكثر من صعيد قائلةً: «بدايتي مع الفن كانت بانجذابي للألوان وتباين الظل والنور، لفتني الضوء الهارب إلى تفاصيل الطبيعة وأثر ذلك في عمق وبريق الألوان عندي، كما أثرت فيّ الطريقة التي يتحول بها السطح إلى كتلة والكتلة إلى فراغ، وجدياً كانت البداية مع انتسابي لمعهد "وليد عزت" للفنون التطبيقية عام 2010 الذي نلت منه شهادتي في الرسم والخزف، الشرارة الفنية الأولى كانت نابعة من دعم الفنانين والموجهين لي ليتبعها إعجاب الزوار والمتابعين لأعمالي وهذا بدوره عزز الثقة لدي بشكل كبير، الشغف والبحث هما اللذان أوجدا بذرة الفن بداخلي، ولأنني بطبيعتي إنسانة أميل للسكينة تأتي أعمالي هادئة ومريحة في مجال الرسم واختيار الألوان أو في تشكيل كتلة خزفية أو أثناء صنع المنمنمات، تأثرت في عملي عموماً بالحالة الزمانية والمكانية ومزاجي الفني يتقاطع مع تصوراتي خاصة عندما تكون حول البحث في الموروث التاريخي والميثولوجي للإنسان، وأعتقد أنني أنتمي للإنسان عموماً دون تخصيص، تعمقت في صنع المنمنمة لأنني عاشقة للبحر وحجارته الملساء وكل ما يربطني به، نعومتها دفعتني إلى تشكيلها بأسلوبي وإحساسي لذا تتسابق عند العمل الخطوط الدقيقة الصغيرة فتوشم الحجر بالأبدية التي أبحث عنها».

هي فنانة حقيقية لها عين فنية ثاقبة تعكس ما بداخلها من إبداع، مواضيعها كلها واقعية وأصيلة وهي إنسانة متعددة المواهب وهذا ما يميزها ويميز أعمالها المختلفة عن أقرانها وإذا داومت على هذه الوتيرة أتوقع لها أعمالاً ناجحة جداً

أما عن فن الخزف والرسم ومشاركتها في عدة فعاليات ومعارض، تابعت "زويا" حديثها بالقول: «لا أنتمي إلى أي مدرسة فنية بالرسم وموهبتي لا تقبل التأطير ضمن ضوابط وقيود موضوعة مسبقاً، هنالك دائماً إمكانية لمزج ودمج كل شيء وفق تصوري ورؤيتي الخاصة لأترجم بها أحاسيسي، أميل دون تفكير للطبيعة والنباتات خصوصاً في تشكيلاتي التي رغم بساطتها فيها الكثير من الأفكار المعقدة، لأن أكثر التشكيلات الهندسية تعقيداً فُسرت من خلال دارسة بنية النبات، لذلك تأتي اللوحة لطيفة في إسقاطها البصري للعموم محملة بالفكرة التي أرغب مشاركتها مع المتلقي الباحث.

تحفة من الخزف

في الخزف أعمل ضمن النمط الخزفي النحتي الحامل للأفكار وأمارس حرفة الخزف فناً وليس تطبيقاً، فله سحر منفرد لا يدركه إلا من يمارسه، أبني من عناصر الطبيعة البدائية (تراب، ماء، نار) كتلاً مختلفة ومع كل خطوة أنقل إليها شيئاً من روحي حتى أحبها ككائن، ثم أضيف إليها اللون ليكتمل بالمواد حتى تتحول لنتيجة ومفاجأة جديدة، وبقدر رقي هذا الفنّ وجماله فإنّ تكاليفه باهظة ترهق الفنانين والممارسين له، والمتعة أثناء العمل تكمن بالانتقال من عالم لآخر يشاركني عملي فضاءه فقط.

ويتسم وجودي غالباً في المعارض بفكرة مختلفة وملفتة عموماً، كانت لي مشاركات في المعرض السنوي لوزارة الثقافة المخصص للخزف 2017 عبر اقتناء عملي بعنوان "شطرنج"، وفي عام 2018 "دمشقية"، وعام 2019" عشتار"، إضافة إلى الإشراف والتنسيق في معرض "تفاصيل" للخزف عام 2019، وعندي الكثير من المشاركات الجماعية ومعارض خاصة بالجمعيات الثقافية والاجتماعية التي تم فيها اقتناء مجموعة من لوحاتي ومنمنماتي الحجرية».

لوحة بريشتها

الفنانة "إميلي فرح" التي لها مشوار طويل بالعمل في مهنة الخزف تحدثت عن شخصية "زويا" الفنية بالقول: «الخزف بشكل عام له عدة صعوبات ويتطلب الدقة ويتكون من عدة مراحل وهي التشكيل بالطين ثم الشوي ثم إكساب اللون ويجب أن يمتلك الفنان دافعاً قوياً للعمل وهذا ما تملكه "زويا"، لديها شغف قوي وحاسة دقيقة في الفن وتنتج أعمالاً قمة في الجمال وكانت هي من بين طلابي في الفترة السابقة في إحدى الدورات الفنية التزمت بشكل جدي واستوعبت كل المواضيع المتعلقة بالفن، وبالفعل قدمت أشكالاً لطيفة تعبّر عنها بألوان ناجحة انسجمت كلياً مع بعضها».

الفنان التشكيلي "رأفت الساعاتي" الخبير في مهنة الخزف تحدث عن رأيه في موهبة وأسلوب "زويا قرموقة" بالقول: «هي فنانة حقيقية لها عين فنية ثاقبة تعكس ما بداخلها من إبداع، مواضيعها كلها واقعية وأصيلة وهي إنسانة متعددة المواهب وهذا ما يميزها ويميز أعمالها المختلفة عن أقرانها وإذا داومت على هذه الوتيرة أتوقع لها أعمالاً ناجحة جداً».

منمنمات حجرية

يذكر أنّ الفنانة "زويا قرموقة" من مواليد "دمشق" عام 1978 حاصلة على إجازة في الإعلام من جامعة "دمشق".