بحثه الدائم عن الجديد والمختلف جعله ينسج خطوط لوحاته بطريقة غير مألوفة، دمج فيها الخط العربي مع نفحات سريالية وتجريدية، صنع من خلالها بصمته الخاصة، فابتكرت أنامله لوحاتٍ جالت العالم، وكان الوجه الإنساني موضوع لوحاته الأحادية اللون التي جسدها بصيغة جمالية عالية.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 30 تموز 2020 مع التشكيلي "جهاد حنون" المقيم في "ألمانيا" وعن تجربته الفنية قال: «بالبداية لم أكن على دراية بأن ما ترسمه جدتي على أنه وحدات زخرفية متكررة من خلال عملها في التنجيد العربي، وما تشكله أمي عند صناعة أطباق القش وتخلق منه لوحات لها طابع زخرفي، سيكون له تأثير كبير في حياتي، كما أنّ حبي للخط العربي والزخرفة العربية جعلني أتعلمه وأتعلم أصوله بشكل فردي دون معلم أو معهد، هذه المرحلة امتدت حتى نهاية مرحلة الدراسة الثانوية، فالتحقت عام 1987 بمعهد الفنون التطبيقية والتشكيلية، وعملت بعد التخرج كمدرس في ثانويات محافظة "القنيطرة" لمدة أربعة عشر عاماً، وكمدرب لمادة الفنون في مدارس الأنشطة التطبيقية لمدة تسعة أعوام، وخلال هذه الفترة اكتسبت مهارات التعامل مع الأطفال وطورت أدواتي برؤية مختلفة، كما أن البحث والعمل الدؤوب والاحتكاك والاطلاع على مدارس الفن التشكيلي والتجريب لها دور في صقل تجربة الفنان وتطور مهاراته في تحليل المشاهد وصياغتها برؤية جديدة وفق معايير صحيحة وسليمة تمكنه من خلق بصمته الخاصة به، فالفن برأيي هو وسيلة للتصريح برأي أو إحساس أو صياغة جديدة للعالم سواء أكانت مستلهمة من أعمال الآخرين أو من شيء مبتكر وجديد بهدف صياغة المعنى بأداة ذكية تستثير رد الفعل الجمالي للعمل الفني وتقدمه ضمن صيغ تعبيرية واقعية لا تخلو من نفحات سريالية أو تجريدية جسدتها من خلال لوحاتي».

لكل عمل فني دور في تجسيد ثقافة المجتمع ونقل تراثه وقيمه وعاداته عبر الأجيال، فكل لوحة هي مثلث رؤوسه الفنان والمتلقي والناقد وتلاقي محاوره هي فكرة العمل، فلا بدّ من هذه العلاقة الوثيقة بين هذه الرؤوس مجتمعة ليكتمل العمل ويؤدي دوره على أكمل وجه لإيصال رسالة العمل الفني وفكره وتجسيد ثقافة كل مجتمع وقيمه بطريقة جمالية

وعن موضوعاته قال: «يمثل الوجه البشري العنصر الأهم والأساسي في جميع لوحاتي وأعمالي، فمن خلاله نرصد الحالات النفسية والانفعالية بكل أشكالها من فرح وحزن وتأمل وشقاء وغيرها، ومن خلال الخط واللون والكتلة والفراغ أحاول معالجتها وترجمتها مضافاً إليها الحس الداخلي ولمستي الفنية لإخراجها وصياغتها بطريقة مبتكرة وجمالية، كما أنني من خلال لوحاتي جسدت العديد من المواضيع كالهم الفلسطيني والشهيد والرقص والموسيقا وتوثيق الأوابد الأثرية وتشكيلات حروفية وزخرفية تراثية، فالريشة والألوان هي مفردات الفنان التي يخلق من خلالها حوار جميل بينه وبين ولوحته ليسكب من خلالها عبر ألوانه الانفعالات والمشاعر ما يجعلها تتحول من مضمون مادي إلى كائن حي وهنا تبدأ حكاية العمل الفني، كما أن للألوان دلالات ومعاني مختلفة تبعاً للمشاعر التي تثيرها ولها تأثير في جميع مجالات الحياة فهي موجودة حولك، وبالنسبة لي أنا فنان مجرب لا أقف عند نمط وأسلوب وخامة محددة، ولكنني أميل إلى أحادية اللون بحكم توجهي إلى الغرافيك».

لوحات تجسد الأوابد التاريخية

وعن دور اللوحة في تمثيل ثقافة المجتمع قال: «لكل عمل فني دور في تجسيد ثقافة المجتمع ونقل تراثه وقيمه وعاداته عبر الأجيال، فكل لوحة هي مثلث رؤوسه الفنان والمتلقي والناقد وتلاقي محاوره هي فكرة العمل، فلا بدّ من هذه العلاقة الوثيقة بين هذه الرؤوس مجتمعة ليكتمل العمل ويؤدي دوره على أكمل وجه لإيصال رسالة العمل الفني وفكره وتجسيد ثقافة كل مجتمع وقيمه بطريقة جمالية».

وفي حديث مع الفنان التشكيلي" سليمان العلي" قال عنه: «ما يميز تجربة التشكيلي "جهاد حنون" تنوع عناصرها وتماهي هذه العناصر مع بعضها لتشكل عوالم خاصة تمنحك شعوراً جمالياً من نوع خاص يلمس العقل والوجدان بآن واحد وينقلك إلى عوالم خاصة به مقتربة من السريالية مع خصوصية الطرح الذي ينقلنا إلى حس طفولي مرتبط بتقنية التنفيذ القائمة على الخدش والحك التي تنقلنا بدورها إلى عوالم من مرحلة الطفولة واللعب بالألوان وعامل الصدفة المتزامن مع آلية الخدش المتبعة في إظهار العناصر الجديدة التي تساهم باستكمال المشهد الجمالي للعمل، كما يسكن أعماله شفافية تنقلك بين الواقع والخيال، واستطاع "جهاد" بحس مرهف التقاطها وتجسيدها بطريقة مبتكرة».

وجوه

يذكر أنّ التشكيلي "جهاد حنون" مواليد "دمشق" عام 1965، خريج معهد الفنون التطبيقية والتشكيلية بـ"دمشق" عام 1987، وعضو "الاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينين" فرع "سورية"، وعضو "الاتحاد العام للفنانين التشكيليين" في "سورية"، وهو مشارك دائم في معارض "الاتحاد العام للتشكيليين الفلسطينيين" منذ عام 1988 والمعارض السنوية في "سورية"، وشارك بمعارض جماعية ومشتركة وورشات عمل مع فنانين عرب وأوربيين في "ألمانيا"، وشارك بمعرض "سمبوزيوم فنانين بلا حدود" بـ"برلين" عام 2019، ومعرض في "غوتنمبرغ" بـ"ألمانيا" بالعام نفسه، ومعرض "الطريق إلى القدس" عام 2016، وأقام معرضين فرديين بـ"برلين" عام 2019، وشارك بورشة حفر وطباعة مع مجموعة فنانين من "أوروبا" عام 2018.

من لوحاته بالخط العربي