عشق الراحل "حسام الدين المهدي" آلة القانون، وحافظ على الطابع العربي الخاص بها، وعمل مدرساً لها، قاد فرقة "عدنان أبو الشامات" التراثية لسنوات، وقبل وفاته وضع خلاصة تجربته وخبرته الممتدة لأربعين عاماً في منهاج أكاديمي خاص بآلة القانون، وحصل على وثيقة إبداع لمؤلفه.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع "مهدي المهدي" عازف كمان وفيولا، مؤلف وموزع موسيقي بتاريخ 18 تموز 2020 الذي قال عن مسيرة والده الراحل "حسام الدين المهدي": «كان والدي مدرّس آلة القانون، وكاتب كلمات وملحن، عمل مدرّساً سابقاً لمادة الرياضيات في بعض مدارس "دمشق"، ودرس الموسيقا على يد الراحل "عدنان أيلوش"، وكان عضواً في فرقة "المعهد العربي" معهد "صلحي الوادي" حالياً للموسيقا الشرقية بقيادة الراحل "أيلوش" نفسه، حيث شاركت الفرقة في عدة حفلات ومهرجانات داخل القطر وخارجه، كما عمل عازفاً مع بعض الفرق التي تعنى بالتراث مثل: فرقة "الأنغام العربية" التي كان يرأسها الراحل "عدنان أبو الشامات"، وفرقتا "العاشقين"، و"الأرض" للتراث الفلسطيني، وقاد فيما بعد فرقة الراحل "عدنان أبو الشامات" التي أخذت على عاتقها تقديم وتوثيق التراث، وقدمت عدة حفلات في مسارح "دمشق". وأسس أيضاً فرقة "يا مال الشام" لإحياء التراث».

ورث والدي عن أساتذته علم المقامات الموسيقية الشرقية حسب أصولها وخطوات عملها، ويعتبر من القلائل الذين حفظوا ونقلوا هذا التراث العريق، كان قدوتي الموسيقية وأول من اكتشف موهبتي، فطورها ورعاها، وهو من علمني أصول علم المقامات والإيقاعات الشرقية، وكان أول ناقد لمؤلفاتي وألحاني وجميع أعمالي الموسيقية، وهو من دفعني لأتعمق في التأليف والتوزيع الموسيقي، ولأتدرب على قيادة الأوركسترا

ويتابع عن نشاطات الراحل قائلاً: «كتب ولحن عدداً من الأعمال الغنائية والأناشيد الدينية الموجودة بأرشيف الإذاعة والتلفزيون، كما ألف عدداً من الأعمال الآلية ضمن قوالب التأليف الشرقي الآلية منها: "سماعي نهاوند"، "سماعي صبا"، "لونغا حجاز، "لونغا عجم"، وعمل مدرساً لآلة القانون في معهد "صلحي الوادي" للموسيقا في آخر سنوات حياته، وترك فيه أثراً لا يمحى عند العديد من طلابه صغاراً وكباراً، وألّف كتاب "منهاج آلة القانون" وهو أول منهاج أكاديمي لآلة القانون يعنى بتأسيس وتطوير مهارات العزف على هذه الآلة التي رافقته أربعين عاماً، مستفيداً من العلوم النظرية في الموسيقا الكلاسيكية والشرقية، ومن مناهج عالمية لآلتي الكمان والبيانو».

أثناء العزف

ويتابع عن تميز والده قائلاً: «ورث والدي عن أساتذته علم المقامات الموسيقية الشرقية حسب أصولها وخطوات عملها، ويعتبر من القلائل الذين حفظوا ونقلوا هذا التراث العريق، كان قدوتي الموسيقية وأول من اكتشف موهبتي، فطورها ورعاها، وهو من علمني أصول علم المقامات والإيقاعات الشرقية، وكان أول ناقد لمؤلفاتي وألحاني وجميع أعمالي الموسيقية، وهو من دفعني لأتعمق في التأليف والتوزيع الموسيقي، ولأتدرب على قيادة الأوركسترا».

"يزن الجاجة" عازف غيتار وموسيقي يقول: «تعود معرفتي بالعازف الراحل "حسام الدين المهدي" بحكم صداقتي مع ابنه الموسيقي "مهدي المهدي"، حيث نسكن في الحي ذاته، هو من عازفي آلة القانون المهمين على صعيد "سورية"، يتميز بأسلوبه العربي في العزف، كونه مدرساً قديماً لهذه الآلة الموسيقية الشرقية، وهو من خريجي "المعهد العربي" للموسيقا، وعضو نقابة الفنانين منذ فترة طويلة، كان موسوعة للموسيقا الشرقية، اكتسب العديد من المعارف الموسيقية وأورثها لابنه الفنان "مهدي المهدي" الذي يعمل حالياً موزعاً لأعمال أوركسترا "الموسيقا العربية"».

منهاج آلة القانون

وعن أسلوبه في العزف يقول: «يتميز الراحل بأسلوبه العربي في العزف على آلة القانون، واهتمامه بالمقامات العربية والسورية خاصةً، كان في المعهد أباً للجميع يتعامل مع الطلاب والزملاء بقمة الاحترام والتفاني، موته خسارة للموسيقا في "سورية"، لكن طلابه يبدعون ويحصدون الجوائز على مستوى القطر، وأهم إنجازاته التي أنهى العمل عليها قبل وفاته منهاج عربي أكاديمي مرتب بشكل منطقي قابل للاستخدام والتدريس وحصل على حقوق ملكيته، وأصبح معتمداً في المعهد، بمساعدة ابنه الذي عمل على تنسيق الأعمال وطباعة المنهاج وتوزيعه».

"عبد الرحمن الحلبي" شاعر غنائي يقول: «الراحل عازف بارع على آلة القانون، أجاد بها إلى أن أصبحت جزءاً لا يتجزأ منه، كان عندما يعزف عليها يأخذنا إلى أصالة الموسيقا العربية الشرقية التي ظل محافظاً على مضمونها الثقافي والفني، إضافةً لمعزوفاته الخاصة به التي لحنها وأبدع بها، كان مدرساً للموسيقا في المعاهد الموسيقية، وتخرج على يده الكثير من الموسيقيين الذي أصبحوا اليوم نجوماً في "سورية"، و"الوطن العربي"، علماً أنه تتلمذ على يد الموسيقار "عدنان أبو الشامات"، وكان أحد العازفين لفرقة "الأنغام العربية"، وقادها بعد وفاة "أبو الشامات"، عرفته منذ عشرات الأعوام، وفي الآونة الأخيرة كنا نجتمع كثيراً ونتناقش في عوالم الموسيقا والأغنية السورية، وما آلت إليه من تدنٍ وكم كان غيوراً عليها، له ألحان من كلماتي لم تر النور، وكنا نحضر لعمل مشترك لأمسية ألغيت بسبب أزمة "كورونا"».

وثيقة إبداع

"هند الأحمد" والدة "سلمى"؛ و"ميس خلوف" من طلابه المميزين تقول: «تعرفنا إلى الموسيقي الراحل "حسام الدين المهدي" منذ سبعة سنوات، عندما طلبت منه تعليم بناتي العزف قال؛ (سنجرب لمدة شهر، إذا كانتا موهوبتين نتابع وإلا سأنسحب)، ومنذ الدرس الأول شعر بالاهتمام والموهبة لديهن، ورغبتهن بالعزف على آلة القانون، علمهن أصول العزف، المقامات، والكثير من اللونغات والسماعي، وتفاصيل الآلة وكيف يعالجن الخلل، والدوزان، وأدق التفاصيل بهذه الآلة، يحترم الوقت، ومنذ سبعة سنوات وموعدنا ثابت معه يوم الجمعة.

طبع لهن مقطوعات موسيقية قديمة كانت بالورق الأصفر، وبعد سنة من تعليمهن العزف، قام بتنسيبهن لمعهد "صلحي الوادي" كنوع من المكافأة لاجتهادهن، وقال: (هن موهوبات ولا بد أن يتعلمن بشكل أكاديمي بالإضافة للدروس الخصوصية، هن ثروة ويجب ألا تضيع موهبتهن)، ومنذ ذلك الحين يداومن في المعهد وأصبحن سنة سادسة، لم يخذلنه يوماً، وكانتا من الأوائل في المعهد».

من جهته "عدنان فتح الله" قائد الفرقة "الوطنية السورية للموسيقا العربية"، وعميد "المعهد العالي للموسيقا" قال: «"حسام الدين المهدي" من عازفي القانون القديرين الذين عملوا في العديد من الفرق إلى جانب أسماء كبيرة منها "عدنان أبو الشامات"، ومن أهم ما قدمه الراحل قبل وفاته هو منهاج لآلة القانون جمع فيه خلاصة خبرته وتجربته ليضعها بين يدي الجيل الجديد الذي يهوى آلة القانون، ولديه الرغبة في تعلمها بطرق أكاديمية صحيحة، لم تجمعني فيه حفلات، لكن كنت من المتابعين لنشاطاته وحفلاته بشكل دائم، كانت لنا العديد من الجلسات للحديث عن الموسيقا العربية وآلة القانون، تعرفت إليه عندما كنت مدرساً، وقائداً لأوركسترا "الموسيقا العربية" في معهد "صلحي الوادي"، وكان ولده "مهدي" عازفاً فيها عندما كان طفلاً، واليوم "مهدي" يقود ذات الأوركسترا في المعهد».

يذكر أنّ الموسيقي الراحل "حسام الدين المهدي" من مواليد "دمشق" عام 1960، توفي بتاريخ السادس عشر من تموز 2020.