منذُ الصّغر أحبّ "شادي مرتك" التّصوير فكبُرَ والكاميرا بين يديه، يتابع أنواعها وأصنافها، ويترقب تحديثاتها، ولا يضيّع اللقطة الفريدة، إنّما يقتنصها ويسجلها في كاميرته صورةً تحكي وتوثّق.

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 6 آذار 2020 التقت "شادي مرتك" لتلاحق تفاصيل مغامراته وجولاته في التّصوير التي جالت الأرض السورية بمجملها واحتوت بين لقطاتها قصصاً تحكي الجمال في هذا البلد فيبدأ بالحديث ويقول: «أنا "شادي سهيل مرتك" "دمشق" مدينتي التي ولدت فيها عام 1977، لي طفولة مليئة بالنشاط والحيوية ما بين الدّراسة والمخيمات والرّحلات، عشقت الكاميرا، ولم أوفر وسيلة لاقتنائها فكانت بدايتي مع كاميرا والدي "zenit" إلى أن كانت لي كاميرتي الخاصة التي جمعت ثمنها من توفير مدخراتي البسيطة و(العيديات).

إضافة إلى عملي في تصوير الفيديوهات التّوثيقيّة لتطورات الحدث كمادة إعلامية وتصوير الفوتوغراف الذي يثبّت موقع كل حجر وكل موقع، توجهت نحو الإعلام الخدمي بأفكار نالت إعجاب وتشجيع وزارة السياحة بما فيها من تجديد وابتكار، فكان دعم الوزارة والتعاون معنا لنقل الصورة الحقيقة لواقع الدّاخل السّوري إلى الخارج وبالتّعاون مع الإعلام الدّاخلي فكان أول برومو (فاصل إعلامي) بعنوان "سورية بتضل أحلى" لتكون له مشاهدات تزيد على مئة مليون، وكذلك حقق برومو "حلب إرادة الحياة" حضوراً مشابهاً، في حين كان لبرومو "معلولا" حضوراً مختلفاً ذلك أن "إيطاليا" وبطلب من "الفاتيكان" دعت إلى الصّوم يوماً كاملاً لأجل "سورية"

لم يستهوني العمل في قطاع دراستي بالمعهد الهندسي، ذلك أن طيف الكاميرا لازمني ودفعني للخوض في التّعرف على تفاصيل وطرق استخدامها، وكانت أولى جولاتي بالعمل في شركة "جورج صليبا" التي تعمل في تصوير الدّراما ولمصلحة محطات مختلفة منها التّلفزيون السوري و الـ"mbc" ومن ثم كانت لي جولات تصوير فيديو في الكثير من البلاد لعدة قنوات منها قناة "ناشيونال جيوغرافيك" وقناة "cnn"وقناة "bbc"، وغيرها.

المترجمة "هناء شريبا"

عدت إلى البلاد عام 2011 وبدأت العمل مع قناة "المنار" وكان لي فيها أجمل ذكرى بدخول "الجولان" في يوم الأرض ولفترة تزيد على ثلاث ساعات، كانت هذه الزيارة كما الحلم السريع، أما حلمي الآخر في إنشاء عملي الخاص أخذ طريقه ليكون واقعاً عندما بدأت بالتعاون مع شركة "موفق الخاني" وكانت البداية بمرافقة وفود الإعلام الخارجي من جنسيات مختلفة إيطالية وأميركية وفرنسية وغيرها بالتنسيق مع (وزارة الإعلام - مديرية الإعلام الخارجي) بالإضافة إلى ذلك كان لي شرف العمل في مجال الإعلام الحربي حيث قمنا بتغطية معارك الجيش العربي السوري وتشاركنا معه لحظات التّرصد والهجوم والحصار والانتصار فحضرنا في الكثير من ساحات المعارك لأغلب المحافظات "حلب"، "حمص"، "درعا"، ومحيط "دمشق"، أما المشاركة الأهم كانت في "جوبر"، حيث كانت لنا المبادرة في تأمين كاميرات محمولة على طائرات مسيرة "درون"، وأثبتت هذه الطائرة حضوراً فعّالاً على عدة محاور من تصوير وكشف لمحيط المعركة إلى توثيق لها، إضافةً إلى جولاتها في الجو وفتح معابر نجاة لجنود محاصرين».

يتابع "شادي" ويقول: «إضافة إلى عملي في تصوير الفيديوهات التّوثيقيّة لتطورات الحدث كمادة إعلامية وتصوير الفوتوغراف الذي يثبّت موقع كل حجر وكل موقع، توجهت نحو الإعلام الخدمي بأفكار نالت إعجاب وتشجيع وزارة السياحة بما فيها من تجديد وابتكار، فكان دعم الوزارة والتعاون معنا لنقل الصورة الحقيقة لواقع الدّاخل السّوري إلى الخارج وبالتّعاون مع الإعلام الدّاخلي فكان أول برومو (فاصل إعلامي) بعنوان "سورية بتضل أحلى" لتكون له مشاهدات تزيد على مئة مليون، وكذلك حقق برومو "حلب إرادة الحياة" حضوراً مشابهاً، في حين كان لبرومو "معلولا" حضوراً مختلفاً ذلك أن "إيطاليا" وبطلب من "الفاتيكان" دعت إلى الصّوم يوماً كاملاً لأجل "سورية"».

الدكتور في كلية الآثار "أحمد ديب"

المترجمة "هناء شريبا" ومديرة العلاقات العامة في شركته تحدثنا عن قصة عملها مع "شادي مرتك" فقالت: «عرفته جاراً لنا ومصوراً محترفاً في قناة "المنار" يعشق الكاميرا وكأنها عينه الثالثة التي تعكس صورة تحسبها تتكلم، ولها ما لها من الدللات، لم أتردد في العمل معه، ومشاركته التّعامل مع وفود الإعلام الخارجي القادمة إلى البلد أصولاً، ووفق منهجية تتركز على بذل قصارى الجهد لنقل الصورة الحقيقية للواقع في "سورية" والالتزام بمرافقة هذه الفرق وتنظيم عملها ومواعيدها ومقابلاتها وزياراتها، والسّعي إلى ترسيخ الانطباع الجيد ورفع مستوى الخطاب لديهم لمصلحتنا ونقله إلى بلادهم، عبر وسائلهم الإعلامية التي نتابعها، ونتابع منشوراتها فنترجمها في محاولة للوصول إلى المستوى الذي نرتضيه رغم صعوبة هذا العمل وحساسيته لتكون لنا الفرصة لمرافقة هذه الفرق لمرات لاحقة ونزولاً عند رغبتهم بالعمل معنا».

دكتور الآثار "أحمد ديب" تحدث عن طبيعة معرفته بالمصور "شادي مرتك" وطبيعة العمل الذي جمعهما فقال: «في غمار المشكلة التي كنا نعانيها عندما كنت مديراً للمتاحف عام 2014 والتي تتلخص بعدم قدرتنا على توثيق الأضرار التي تتعرض لها المواقع الأثرية في "سورية" نتيجة لما كنا نعانيه من نقص في الكوادر والإمكانيات، جاء المصور "شادي" ومديرة العلاقات العامة "هنا" فشرحا لي طبيعة عملهما وأبديا استعداداً للمساعدة وهما المهتمان بالتراث الثقافي السوري، وحيث إن الكثيرين يقولون ولا يفعلون قررت أن أتبين مدى مصداقية هذا العرض وطلبت صوراً توثيقيّة للواقع الذي كان حينها في "تدمر"، بعد عدة أيام عاد "شادي" مبتسماً بما دلّ أنه أنجز المهمة، والحقيقة تفاجأت بالصور الاحترافية التي نجح في التقاطها بدقة بهدف توثيق "تدمر"، ودون تردد وقعت معهما عقد طلب تصوير بأجر رمزي للبدء بالعمل على التوثيق في "حلب" وقلعتها ومعبد الإله "حدد" الذي كان في مرمى قذائف الغدر.

مشاهد من "دير الزور"

أدى "شادي" المهمة رغم صعوبتها بحماس شخص كأنه واحد من طاقم مديرية الآثار، وشاركنا مع عناصر الجيش بحماية هذا المعبد، بدأنا المسير وترافقنا ليكون له دوره المميز في التّوثيق العام والشامل والسريع فهو غالباً ما كان أول الواصلين إلى الأماكن الخطيرة ليتبعه عمل كوادرنا المهنية بالتوثيق التّفصيلي، وليكون له كذلك تقديم مسح شبه كامل لـ"سورية" من "حلب ودير الزور" إلى "إيبلا وماري ودورا اربوس وتدمر وبصرى" وغيرها، لتتجمع لدينا بيانات مهمة كاملة، وفي عام 2015 ومن خلال هذا التّوثيق مع الفواصل الإعلامية المعدة من قبل "شادي" تمكّنا من إيصال الواقع الحقيقي للضرر الذي لحق التّراث الثّقافي السوري إلى كل المنظمات الدوليّة وعليه فقد استحق لقب بطل تراث بامتياز».

عززت طائرة "درون" الإنتاج المميز للمصور "شادي" فبادلها الفضل وأغدق عليها الاهتمام وعمل على صيانتها بنفسه ليكون في ذلك الخبير الذي ساعد خبراء هذا المجال في الداخل و الخارج.