أبحرَ في عالم الموسيقا منذ الصغر، فكان رفيق أوتار "الفيولا" و"الكمان"، ومنح المقامات الموسيقية من اهتمامه الكثير، فدرسها وتمعّن بالبحث فيها، حتى أصبح المؤلف والمعدّ الموسيقي، وتمكن بذلك من صنع بصمة خاصة له في هذا العالم المليء بالإبداع.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت وبتاريخ 16 تشرين الأول 2019 مع الموسيقي "مهدي المهدي" ليحدثنا بالقول: «اكتشف والدي أني أحاول عزف موسيقا مسلسل "الجوارح" على الأورغ الصغير، وأني نجحت بعد عدة محاولات وأنا في الرابعة من عمري، فبدأ بتعليمي بعض أسس الموسيقا، وأخذ بيدي إلى المعهد العربي للموسيقا أي معهد "صلحي الوادي" حالياً، لأدرس آلة "الكمان" التي اخترتها، درست وتخرجت من ذلك المعهد في عام 2007، بعد ذلك بدأ والدي بتعليمي أسس الموسيقا الشرقية من مقامات وإيقاعات وأداء علم الارتجال الموسيقي والذي يسمى "التقاسيم"، ويعتمد هذا العلم على المخزون السمعي الشرقي لدى العازف، وانتسبت بعد ذلك إلى نقابة الفنانين السوريين في عام 2011، ثم دخلت جامعة "دمشق"، ودرست في كلية العلوم قسم الإحصاء الرياضي، وتخرجت منها عام 2015 علماً أنني تقدمت إلى المعهد العالي للموسيقا قبل تخرجي من الجامعة بسنة، ودرست هناك آلة "الفيولا"، والتي هي الأخت الأكبر لـ"الكمان" وتخرجت منه عام 2018».

كنت أحاول منذ صغري أن أدوّن أغاني "فيروز" حيث كان لدي شغفٌ في "التنويط" وأيضاً كنت أتخيل ألحاناً من خاطري، وأدونها كمحاولات تأليفية موسيقية، لكن بعد دراستي في المعهد العالي للموسيقا، طبقت العلوم النظرية التي درستها هناك على هذه المحاولات التلحينية، وأصبحت تكتمل لتصبح مؤلفات أوركسترالية شرقية، ودخلت بذلك مضمار التأليف الموسيقي وأنا لا أملك سوى طموح واحد فقط هو أن أصبح مؤلفاً موسيقياً عظيماً تخلده البشرية، وكلي أمل بتحقيق هذا الطموح

وتابع بالقول: «كنت أحاول منذ صغري أن أدوّن أغاني "فيروز" حيث كان لدي شغفٌ في "التنويط" وأيضاً كنت أتخيل ألحاناً من خاطري، وأدونها كمحاولات تأليفية موسيقية، لكن بعد دراستي في المعهد العالي للموسيقا، طبقت العلوم النظرية التي درستها هناك على هذه المحاولات التلحينية، وأصبحت تكتمل لتصبح مؤلفات أوركسترالية شرقية، ودخلت بذلك مضمار التأليف الموسيقي وأنا لا أملك سوى طموح واحد فقط هو أن أصبح مؤلفاً موسيقياً عظيماً تخلده البشرية، وكلي أمل بتحقيق هذا الطموح».

"مهدي المهدي" من إحدى المشاركات الخارجية

ويكمل: «تمثيلي لبلدي "سورية" في مهرجان المؤلفين الشباب في "دونيتسك" بعملين هما (الرابسودي) السورية الأولى ونفحات (حجاز) هو بداية تحقيقي لطموحي، كما أن كتابي "ماهية المقام الشرقي" هدفي منه رسم ملامح الموسيقا السورية الكلاسيكية الحديثة، وتوثيق المقامات والسلالم الموسيقية المستخدمة في "سورية"، ويتضمن صياغة علمية لهذه المقامات وفق السلم الكومي الفيثاغورثي والذي يحدد النسب الصوتية بشكل لامتناهٍ في الدقة، حيث لم يتم التداول بعد بهذه اللغة الموسيقية».

وعن أعماله في التأليف الموسيقي قال: «يأخذ بناء العمل الموسيقي ثلاث مراحل، منها الإعداد الأوركسترالي، والتوزيع الموسيقي، ومن ثم التأليف الموسيقي، فعندما أتعامل مع مادة لحنية تراثية غالباً ألجأ إلى الإعداد البسيط لها، وذلك لكي لا تفقد هويتها التراثية، وفي بعض الأحيان أقوم بتوزيعها بشكل أعمق ومن أكثر الأعمال التراثية التي تعد قابلة للتوزيع هي الموشحات، وهذا يعود إلى طبيعة اللحن الذي في المتناول، إذ ثمة ألحان لا تتحمل التوزيع، واهتمامي الأكبر هو بمؤلفاتي، إذ إنّ التأليف الموسيقي يشبه لوحة بيضاء أرسم عليها موسيقاي كيفما شئت، بينما التوزيع هو تلوين للوحة رسمت باللون الأسود فقط، وهنا يجب أن نلونها بعناية لنزيدها جمالاً دون أن نغير طبيعتها، وثمة لوحات أجمل وهي بأصلها بالأسود والأبيض، مثال: أغنية "يا مال الشام"، أعتقد أن هذه الأغنية هي لوحة بالأبيض والأسود لا تتحمل أي توزيع، إذ إنها مرسخة بأذهان الجمهور كما هي على طبيعتها».

أثناء مشاركته في ورشة عمل موسيقية

المايسترو "نزيه أسعد" عنه يقول: «"مهدي" يتميز بطموحه العالي الذي مكنه من صنع بصمة خاصة له في مجال الموسيقا، سواء من خلال النوطة الموسيقية، والتوزيع والبحث الموسيقي، والعزف على آلتي "الفيولا والكمان"، وأعرفه مذ دراسته في المعهد العالي للموسيقا، ولمست تفاعله الإيجابي وحرصه على الإدراك العام لهوية الموسيقا خلال سنوات دراسته، كما أنه اتخذ منحى البحث العلمي في الموسيقا العربية ضمن المقامات الموسيقية الذي له أهداف نبيلة بعيدة المدى، وبيني وبينه تجارب عديدة سواء في حفلات دار الأوبرا وغيره من المسارح، وفي التنويط الموسيقي أيضاً، والنقاش معه متميز كونه يحرص على التقاطع مع آراء الآخرين المختلفة للوصول إلى نتيجة مفيدة، والابتعاد عن التعنت في رأيه، وهذه صفة مهمة يجب أن يمتلكها أي موسيقي، ويمكن لمس تلقائيته في أي محاضرة أو بروفا، كما أنه يشع بالإيجابية بين زملائه وطلابه».

يذكر أنّ الموسيقي "مهدي المهدي" من مواليد "دمشق" عام 1992.

المايسترو "نزيه أسعد" و"مهدي المهدي"