مبدعٌ من زمن الفن الأصيل، دخل عالم الموسيقا منذ طفولته، واحترف العزف على آلة الكمان، فكانت رفيقة مشواره الطويل الغني بالتفاصيل والإنجازات الموسيقية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 21 أيار 2019، الموسيقي "عدنان الحايك" ليحدثنا عن رحلته في عالم الموسيقا والفن، حيث قال: «كنت في باحة المدرسة أغنّي "يا جارة الوادي" للمطربة "نور الهدى"، ووسط ضجيج الطلاب جاء صوت صفارة الموجه في مدرسة "الإسعاف الخيري"، فوقف الطلاب جميعهم بصمت، ليأتي صوته بعدها يقول لي مبتسماً: "عدنان الحايك" أكمل أداء الأغنية، وقد كان لصوتي وسط هذا الصمت شجن، وبعد الانتهاء صفّق لي الطلاب بحرارة، بعدئذٍ اصطحبني إلى المدير لأغنّي أمامه، وهو بدوره اقترح تعليمي التجويد، لأقرأ كل يوم أثناء الاجتماع الصباحي سورةً صغيرةً في المناسبات الدينية، وهنا بدأ الاهتمام الخاص بي من قبل إدارة المدرسة، وبعد انتقالي إلى المرحلة الإعدادية اكتشف صوتي المدرّس "أحمد الأيوبي"، وقد استأذن والدي ليسجلني في المعهد العربي للموسيقا، وفي تلك المدة أُدهش الراحل "صلحي الوادي" بصوتي، والفنانة "إلهام أبو السعود" تبنّت بدايتي».

لو عرفنا قيمة الموسيقا، لسارعنا بتعليمها لأطفالنا؛ لما لها من تأثير في الخلايا الدماغية؛ وهذا ما أثبتته عدة دراسات؛ لذلك ونظراً لأهميتها في حياتنا أسعى دائماً إلى تعليم طلابي الموسيقا الراقية، ولديّ طلاب من مختلف الأعمار، إلى جانب تجربة مميزة مع طالب من ذوي الاحتياجات الخاصة، بقيت معه أربع سنوات، طول الصبر كان سبباً في نجاح هذه التجربة، فعلّمته الموسيقا واللغة الإنكليزية، وفي هذه التجربة درس تعلّمته بأنه لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس

ويتابع: «درست في المعهد العزف على آلة الكمان دراسةً أكاديميةً لمدة ست سنوات، وقد تخرّجت في ذات الوقت الذي حصلت فيه على الشهادة الثانوية، بعدها انتسبت إلى معهد إعداد المدرّسين، ولكفاءتي العالية في العزف على الكمان، طلبوا مني أن أدرّس في إعداديات "دمشق"، لأكون بذلك أصغر مدرّس في الجمهورية العربية السورية، وكنت حينئذٍ في الثامنة عشرة من عمري، وهنا أودّ القول إن الدراسةَ الأكاديمية حاجةٌ لتفعيل الموهبة بالأسلوب الصحيح، خاصةً لدى العازف، وفي الحقيقة نحن لا نستفيد من خريجي المعهد العالي الأكاديميين بالعزف، كما أننا لا نستفيد من خريجي معهد إعداد المدرّسين أيضاً، فخريج المعهد العالي يعزف لكنه لا يدرّس، إنما يدرس لسنوات متواصلة ليحصل على كرسي بالأوركسترا، وخريج معهد إعداد المدرسين يدرّس لكنه لا يتقن العزف إلا لأناشيد بسيطة تعلمها في المعهد، في الوقت الذي يجب أن يكون أكاديمياً وعازفاً مثقفاً، يلمّ بكل العلوم الموسيقية والنغمات والنوتة التي هي البوصلة لترجمة اللحن».

أحد التكريمات

وعن علاقته مع آلة الكمان، ورحلة العزف مع كبار الفنانين قال: «الحقيقة إنها من أصعب الآلات في العالم، وفي المعهد يقسم الطلاب إلى أقسام، حيث تتدرج المراتب؛ فالذين يتقدمون بقراءة النوتة الموسيقية، وتكون أصواتهم جيدة، وقراءتهم بالنوتة سريعة، يفرضون عليهم التعلّم على آلة الكمان، وبعدها "التشيللو"، ثم الآلات النحاسية والإيقاعية، وهكذا. لقد كنت سعيداً باختيارهم لي هذه الآلة، فهي رقيقة تعبّر بإحساس عالٍ، تفرحنا وتحزننا، تأخذني إلى عالم آخر، خاصةً حين أنزوي بمكتبي في المنزل لأعزف لـ"عبد الحليم" يومياً، هذه الأنغام التي تهب لحياتي التجديد».

ويكمل: «الحكمة تقول: (إذا غامرت بشرف مروم، فلا تقنع بما دون النجوم)، فبعد أن تقدّمت إلى نقابة الفنانين كعازف كمان، وحصلت على علامة 95%، قدمت استقالتي من التدريس في وزارة التربية، وتقدّمت لامتحان عازف كمان في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وتم قبولي بتصنيف ممتاز، وهنا بدأت أسجل كل يوم مقطوعةً لأحد المطربين؛ وهذا ما لفت الموسيقار "صبحي جارور" الذي ضمّني إلى فرقته، فعزفت مع "سمير يزبك"، و"عصام رجي"، و"مها الجابري"، و"محمد جمال"، وأيضاً رافقت الكثيرين من العمالقة في حفلاتهم، منهم: "وديع الصافي"، و"جوزيف عازر"، و"عازار حبيب"، و"فؤاد غازي"، ورافقت الفنان الكبير "صباح فخري" أيضاً، وبعدها انتقلت إلى فرقة المايسترو "أمين خياط" رئيس فرقة "الفجر" الموسيقية، وكانت باكورة أعمالنا مع الفنانة "ميادة الحناوي"، ثم "ملحم بركات"، و"جورج وسوف"، وغيرهم، كل هذه الإنجازات جاءت نتيجة سنوات متواصلة من الجهود والإصرار، لذلك لم يأتِ تكريمي يوماً من فراغ، بل بعد إثبات وجودي على الساحة الفنية بجدارة».

مع الفنان صباح فخري

أما بخصوص علاقته مع الأطفال وتجربته مع ذوي الاحتياجات الخاصة، فقال: «لو عرفنا قيمة الموسيقا، لسارعنا بتعليمها لأطفالنا؛ لما لها من تأثير في الخلايا الدماغية؛ وهذا ما أثبتته عدة دراسات؛ لذلك ونظراً لأهميتها في حياتنا أسعى دائماً إلى تعليم طلابي الموسيقا الراقية، ولديّ طلاب من مختلف الأعمار، إلى جانب تجربة مميزة مع طالب من ذوي الاحتياجات الخاصة، بقيت معه أربع سنوات، طول الصبر كان سبباً في نجاح هذه التجربة، فعلّمته الموسيقا واللغة الإنكليزية، وفي هذه التجربة درس تعلّمته بأنه لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس».

المايسترو "محمد زغلول" مدير أوركسترا "دمشق"، قال: «الفنان "عدنان الحايك" الذهب العتيق الذي نفتخر به، لديه خبرة وباعٌ طويل في الموسيقا، وهو من المخلصين والمحبين لعملهم، عاشق لآلة الكمان التي تميّز بها، وملمّ بالموسيقا والمقامات الشرقية، وكل ما يخصّ هذا المجال، وهو أيضاً رئيس فرقة موسيقية مصنّف بنقابة الفنانين، إضافةً إلى عمله في عدة فرق موسيقية مع عدد من المطربين والنجوم سواء من السوريين أو العرب، وفي المدة الأخيرة وإلى جانب العزف في عدد من الحفلات والنشاطات ضمن نقابة الفنانين، كانت له تجارب في تدريس الموسيقا للطلاب من مختلف الأعمار، هذا إلى جانب تجارب ناجحة جداً في تعليم الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة».

يذكر، أن الفنان "عدنان الحايك" من مواليد "دمشق" عام 1963، حاصل على عدد كبير من التكريمات داخل "سورية" وخارجها.