بأدواته التعبيرية، وقدرته على تحريك مشاعر المتلقي، استطاع الفنان التشكيلي "أسامة دياب" أن يكوِّن شخصيته الفنية وتجربته الإبداعية الخاصة، التي أخذت مكانها في ساحة الفن التشكيلي السوري، جاعلاً من المرأة المساحة الأرحب لفنه، ومعتمداً على الإنسان ملهماً ومتفاعلاً مع لوحته.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت معه بتاريخ 9 أيار 2019، وعن موهبته يقول: «كنت أرى الأشياء من حولي بشكل مختلف عما يراه أقراني، أرى الطبيعة بتفاصيلها، ألوانها، ومشهديتها بسماء أكثر زرقة مما تبدو، وأرى الأفق بألوانه، أبعاده، وما يحضن من وسائد القطن وألوان الضوء، وعندما كنت في الخامسة عشرة من عمري، رسمت عيني حبيبتي في أول خفقة للقلب عشقاً جاهلاً، وعندما كبرت درست في كلية الفنون الجميلة، وتتلمذت على يد أعلام الفن التشكيلي في "سورية"، ومنهم: "فاتح المدرس"، "خزيمة علواني"، "محمود حماد"، و"نذير نبعة"، وفي متقلبات الأيام، وبوجود مكتبة الكلية الغنية اطلعت على تجارب الفنانين العالميين، وميراث الفنون في جميع أنحاء العالم، إلى أن تخرجت عام 1985، وسافرت إلى دول الخليج مثلي مثل العديد من الفنانين للبحث عن فرص عمل، وبعد عدة سنوات؛ أي عام 1990 عدت إلى أرض الوطن».

"أسامة" من الفنانين الطليعيين والحقيقيين في المشهد التشكيلي السوري؛ إذ إنه يعمل على امتلاك أدواته ووحداته المختلفة، لخلق مناص تشكيلي فيه الكثير من الزخم المعرفي والإنساني، تسبح المرأة في كثير من أعماله ضمن إيقاعات ملونة ليست مضافة، بل هي تشكيل درامي، وتجربة الفنان نشطة في تقديم مصوراته التي تبعث في المتلقي الألفة والحميمية والحب. أما ملوناته التي تميل على سطوحه، فتبدأ من الأزرق المشوب بالأصفر، والأخضر الذي يشكل بإضافة الأبيض نارة ملونة فيها الكثير من تفعيل الفعل

وعن معارضه وتجربته الفنية يقول: «لدي العديد من المعارض الفردية، التي تقارب السبعة في "سورية"، والعديد من المشاركات الجماعية؛ يتجاوز عددها الخمسين على مدار عشر سنوات، إضافة إلى المشاركات في المعارض السنوية والملتقيات الخاصة بوزارة الثقافة. وفيما يخص تجربتي الفنية التي لا تنتهي، والتي بدأت أكاديمياً بعد التخرج، أعتمد في أعمالي على الإنسان، ما يهمه، يتفاعل معه، ويؤثر به، حيث هو الملهم والمؤثر والمتفاعل في أغلب الأعمال، وكذلك المرأة، التي هي عصب الإنسانية، وعمودها الفقري؛ فهي الأنثى الملهمة، العاشقة، الحبيبة المفقودة، والأخت المنتظرة والخائفة، والأم المدرسة، الحانية المربية، المتلهفة والفخورة، وهي الأنثى بتفاصيلها، ومنحنيات جسدها الفاتن، كالجرار المختزنة، والأواني الفضية المكشوفة، وسنابل الحنطة، تتمايل الأجساد بالثياب المزركشة كالربيع، أحب أن يكون العمل الذي أرسمه قريباً من الجمهور يحاكي خلجاتهم وأحاسيسهم، أقدم أعمالي بألوان صريحة حرة، متراصفة بجمل بصرية معبرة، إضافة إلى عناصر الإنسان تبدو اللوحة بتعبيرية مباشرة أكثر فهماَ وأقرب قراءة إلى المتلقي».

من أحد معارضه

شارك الفنان "دياب" في العديد من المعارض منها: "رموز من الشرق" في "المركز الثقافي الروسي" عام 2000، "بيوت شهيدة" في "المركز الثقافي العربي أبو رمانة" عام 2006، "دوموزي الموعد الأول" في صالة "مصطفى علي" عام 2015، "دموزي الموعد الثاني" في صالة "هيشون" في "اللاذقية" عام 2016، "رماد ملون" في صالة "لؤي كيالي" بـ"دمشق" عام 2017، "رماد مخصب" عام 2018، ومشاركات دولية في "ألمانيا"، "إيسلو" عام 2016، و"إيطاليا" عام 2014. عمل محاضراً في كلية الفنون الجميلة بجامعة "دمشق" منذ عام 2015، حتى عام 2018، حاصل على العديد من شهادات التقدير، منها عن مشاركته في الملتقى السابع للتصوير الزيتي عام 2016، وأخرى عن مشاركته في مهرجان "فلسطين الدولي الثالث للثقافة والفنون" عام 2017، وأخرى عن تميزه من صحيفة "الدليل"، وغيرها الكثير.

من جهته الفنان التشكيلي "أنور الرحبي" يقول: «"أسامة" من الفنانين الطليعيين والحقيقيين في المشهد التشكيلي السوري؛ إذ إنه يعمل على امتلاك أدواته ووحداته المختلفة، لخلق مناص تشكيلي فيه الكثير من الزخم المعرفي والإنساني، تسبح المرأة في كثير من أعماله ضمن إيقاعات ملونة ليست مضافة، بل هي تشكيل درامي، وتجربة الفنان نشطة في تقديم مصوراته التي تبعث في المتلقي الألفة والحميمية والحب. أما ملوناته التي تميل على سطوحه، فتبدأ من الأزرق المشوب بالأصفر، والأخضر الذي يشكل بإضافة الأبيض نارة ملونة فيها الكثير من تفعيل الفعل».

من أعماله

بدوره التشكيلي "سهيل بدور" يقول: «"أسامة" فنان يبحث عن حضور متميز عبر بحثه الدائم، وشغفه بالتجريب المستمر، في تجربته الإبداعية، التي وضحت ملامحها وأخذت مكاناً جيداً في الساحة التشكيلية السورية، وهو ما يجعله شغوفاً بمنتجه الفني شكلاً ومضموناً، لا يبتعد عن التعبيرية السورية التي تميزت بها ساحتنا التشكيلية عبر حلول صريحة لشخوصه، واختزال لا يخلو من خبرة واضحة، وفي الحالتين لا ترى زهداً لونياً في أعماله التي تحمل نضارةً خاصةً، هو أيضاً رسام متمكن جيداً، يجمع مشهده بحرفنة عالية ليخرجه لوحة لا تستطيع مغادرتها قبل التدقيق في مفاصلها، المرأة هي المساحة الأرحب التي يشتغل عليها الفنان "أسامة" محملاً إياها كل حالاتها الخصبة، لا يتوانى عن اقتحام التلخيص الجميل، وشاهدته في تجاربه الأخيرة التي حملت وعياً واضحاً بمساحة اللون بعيداً عن الرسم بمقاييس تشريحية شبه دقيقة، التي لا تعيب العمل الفني، في ميله إلى الاختزال أكثر، بذلك يبدأ بحثاً جديداً في الشكل على الرغم من محافظته على ألوانه الطازجة والمدروسة بعناية، ليشكل حالة فنية وإنسانية حاضرة بحب ودفء، وهو بذلك يؤكد أن الفن سلوك أولاً، ونشاط ثانياً، يقدم حبه وفرحه على الحياة كما على لوحته، عرفته إنساناً محباً، اجتماعياً، مرحاً، نبيلاً، له حضور شخصي متميز، يتفاعل بإخلاص مع أي نشاط فني؛ وهو ما نتمناه من كل الزملاء».

يذكر، أن الفنان التشكيلي "أسامة دياب" من مواليد "إدلب" عام 1962.

شهادات التقدير الحاصل عليها