جمعت بين الدراسة المكثفة لاختصاصها المسرحي والشخصية المميزة واللطيفة؛ ليصبح إنتاجها الفني حلقة من التميز والإبداع، فطرقت باب الكتابة والإخراج.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الفنانة والكاتبة "رغد شجاع" بتاريخ 22 آب 2018، لتتحدث عن بداياتها، حيث قالت: «البداية كانت خلال مرحلة الدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية، حيث قرأت الكثير من المسرحيات العالمية والعربية، وتعلمت التحليل والنقد والقراءة الصحيحة للمسرح، كما كتبت العديد من المشاهد المسرحية والسينمائية، وكانت لي تجارب إخراجية لهذه المشاهد، ثم انطلقت في الحياة العملية بعد خوض تجربة المسرح التفاعلي؛ وهو المسرح ذو الخصوصية الممتعة والجو المرن، الذي يمكن أن ينفذ مع كل الناس بكافة الأعمار والمستويات والبيئات، وذلك بعد اتباع ورشات عمل مختلفة في المسرح التفاعلي، ثم اخترت هذا العنوان ليكون مشروع تخرجي، وعملت كمدربة للأطفال في مشروع المسرح التفاعلي في المدارس الحكومية عام 2008، فكنت مرة أكتب النص، وأخرى أخرج العرض، ومرة أخرى أقوم بالتمارين والألعاب المسرحية للأطفال، وأعدّ تلك المرحلة كانت المرحلة التدريبية المهمة في حياتي، باعتبارها قد أسست لي الطريق لأنطلق وحدي، وأبدأ تجاربي الخاصة، فأن أكون اليد المحركة والصانعة للعمل؛ يعني أن أملك رؤية ما تجاه هذا العمل، طالما أن اختصاصي يتعلق بالنقد والتأليف والإخراج، فأنا مضطرة لأن أُمسك جوانب العمل المسرحي، وأعدّ نفسي دائماً جزءاً من العمل، فأنفاس الممثل أو المساعد أو أي أحد ضمن فريق العمل وآراؤه ومساحته الشخصية لا تغيب إطلاقاً، ولا أحب أن أُقصيها؛ لذلك جميعنا نصنع العمل، لكن لا بد في النهاية من قرار يؤخذ من شخص واحد، فالفن يحتمل عدداً كبيراً من الحلول والأفكار والاحتمالات».

لا بد أن تكون علاقتي جيدة مع باقي الفنون، فالمسرح عبارة عن لوحة تشكيلية، تجمع في طياته الحركة واللقطة والحدث والمشهد والتكنيك وغيرها، حيث يجب أن تتوفر جميع العناصر الجمالية متداخلة لتوفير صورة فوتوغرافية خلاقة ومبدعة، والمدارس الفنية في كل العصور تؤثر في جميع أنواع الفنون، ومن خلال الدراسة اكتسبت اطلاعاً شاملاً عليها، إلا أن تعرفي بالمسرح التفاعلي من خلال الدكتورة "ماري إلياس" في السنة الأخيرة من الدراسة، وتجربتي العملية له، جعلاني أتوجه إلى تطوير نفسي في هذا النوع المسرحي المهم والمؤثر برأيي

أما حول علاقتها مع باقي الفنون وتوجهاتها الفنية، فقالت: «لا بد أن تكون علاقتي جيدة مع باقي الفنون، فالمسرح عبارة عن لوحة تشكيلية، تجمع في طياته الحركة واللقطة والحدث والمشهد والتكنيك وغيرها، حيث يجب أن تتوفر جميع العناصر الجمالية متداخلة لتوفير صورة فوتوغرافية خلاقة ومبدعة، والمدارس الفنية في كل العصور تؤثر في جميع أنواع الفنون، ومن خلال الدراسة اكتسبت اطلاعاً شاملاً عليها، إلا أن تعرفي بالمسرح التفاعلي من خلال الدكتورة "ماري إلياس" في السنة الأخيرة من الدراسة، وتجربتي العملية له، جعلاني أتوجه إلى تطوير نفسي في هذا النوع المسرحي المهم والمؤثر برأيي».

من عرض "أصل النهاية ما تضحكش"

وأضافت: «يجب على كل فنان الاطلاع والبحث والتعرّف إلى جميع المدارس والمذاهب الفنية، ثم يختار ما يناسب رؤيته، وأنا مع التجدد الدائم والمسرح الذي يُخلق من مشكلات البيئة والمجتمع والحياة اليومية، لذلك فإني أميل إلى الواقعية، خصوصاً في هذه المرحلة، كما أنني أفضّل طرح المشكلات بطريقة فنية عبر السخرية والتهكم، حيث يمكن تسليط الضوء عليها بأسلوب أفضل، ويكون التأثير فيها أكبر، والأمثلة المؤثرة التي استطاعت خلق تغيير ما كثيرة، منها كوميديا "ديلارتي"، وهي كوميديا إيطالية تسخر من المشكلات والألم، أو قصص "عزيز نيسن" التي كانت مصدراً أساسياً للسلسلة التلفزيونية "مرايا"، أو كوميديا "زياد الرحباني" في مسرحياته وموسيقاه وأغنياته، أو دراما "ممدوح حمادة" مثلاً، وغيرها من الأمثلة التي استطاعت التأثير، وربما ستستطيع التغيير على المدى البعيد، وهذا فعلاً ما أبحث عنه في أعمالي، حيث أبحث عن التأثير الذي يتركه العمل على صانعيه أولاً؛ من خلال طرح مشكلاتهم على شكل مشاهد مسرحية خصوصاً في المسرح التفاعلي، والأثر الذي قد يتركه على الجمهور من خلال القسوة والجرأة والصدق في الطرح، لكن ضمن قالب بسيط ومفهوم وساخر أحياناً».

أما حول رسالتها الفنية، فقالت: «العمل المسرحي يحتاج إلى الكثير من الصدق مع الذات أولاً، ثم مع الآخرين، ولا يجوز الاختباء خلف المقولات والعادات الاجتماعية والمفاهيم والشعارات الزائفة والعيب والخوف، فالوضوح والشفافية والإشارة إلى الخطأ والتثقيف، وتحويل مفاهيم المجتمع والترفيه، وإعطاء صورة خلاقة ومبدعة ومحاكاة الواقع تجعل من المسرح ساحة شعبية، فالمسرح ليس للنخبة إنه للجميع، وعليه أن يكون ثقافة، وأن يُمارس في كل مكان، حيث يمكننا أن نقدم عملاً مسرحياً في الشارع والمدرسة والحديقة، وهو يخاطب جميع الأعمار من الأطفال والمراهقين والكبار والعجزة. وحتى نعي أهمية المسرح نحتاج إلى وقت طويل لمراكمة الوعي، حيث إن للإعلام دوراً كبيراً في تمجيد السيئ والرديء، كما تفتقد إلى بذل الجهد والجدية والمسؤولية، ويغلب الكسل والاستسهال وقلة البحث والاطلاع. لا يمكن أن ننكر أن للرقابة وعدم التمويل دوراً مهماً في مراوحة الساحة الفنية في المكان أو التراجع إلى الوراء، وأنا أتحدث هنا عن المسرح وغيره من الفنون، في الوقت الذي نحن بحاجة فيه إلى صنع ثقافة بصرية وسمعية وذوق عام صحي وسليم».

من عرض "غني ثلاثة فقراء"

الفنانة "ميس حرب" تحدثت عن عمل "رغد" بالقول: «من يقترب من "رغد" على الصعيد العملي أو الشخصي لا يرى أي اختلاف؛ فهي شخصية مجتهدة مثقفة تمتلك طاقة كبيرة قادرة على قلب أي مكان أو موقف سلبي تكون فيه إلى شيء إيجابي من دون مبالغة، والأهم أنها حقيقية في عملها؛ تستطيع السير بك إلى عمق الفكرة التي تريد إيصالها من خلال البساطة والواقعية، فلا تكلف أو افتعال أو شعور بالغربة لمن يشاهد أعمالها، أو القارئ لمقالاتها، بل على العكس تماماً، تشعر بأنك جزء من العرض، إضافة إلى المتعة التي تقدمها في عملها إلى المتلقي والعاملين معها في ذات الوقت. بعيداً عن العمل، هي أمّ ناجحة، إنسانة واعية بكل تفاصيل الحياة، مؤمنة بضرورة البقاء والعطاء في هذا البلد؛ إلى درجة تجعلها تبكي وتضحك عند رفضها لعرض مغرٍ للسفر والعمل في الخارج؛ لذلك هي قادرة على العطاء بقلب أوسع وحبٍّ أكبر».

يذكر أن الفنانة "رغد شجاع" من مواليد "دمشق" عام 1987، عملت مدرّبة في المسرح التفاعلي، ولديها مجموعة عروض للأطفال (مسرح تفاعلي، ومسرح دمى)، وقدمت العديد من العروض المسرحية، وعرضاً مسرحياً تفاعلياً نتج عن ورشة عمل تدريبية لمجموعة من الشباب العاملين في المجالات الإنسانية، ومسرحيات عديدة أخرى، ولديها بحث بعنوان: "شعرية الحرب جماليات وطرائف الأزمة السورية"، ومجموعة من المقالات واللقاءات في موقع "7gates" الإلكتروني.