امتلكت أنامل حساسة قادرة على نقل ملامح الطبيعة بكل صدق وعفوية، فبلمساتها الفنية وألوانها التي تبعث الفرح والتفاؤل، استطاعت الفنانة التشكيلية "باسمة الحريري" أن تعبّر في لوحات واقعية عن مكنوناتها، بأعمال متنوعة من الزيتي والأكريليك والخزف.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 26 تموز 2018، الفنانة التشكيلية "باسمة الحريري" لتحدثنا عن مسيرتها الفنية، فقالت: «الفن هو لغة الفنان للتعبير وترجمة التعابير التي ترد في ذاته ومكنوناته، من خلال إنتاج أشياء تحمل قيمة جمالية وفنية، والرسم بالنسبة لي هو عالم مملوء بالجمال وله متعته الخاصة التي رافقتني منذ طفولتي، لكنها كانت مجرد خربشات ونقل للوحات فنية كانت تستهويني، والورقة والألوان كانا صديقيّ في ذلك الوقت، كما أنني بعمر الخامسة عشرة شاركت بعمل تطوعي بمركز "هذا بيتي" لذوي الاحتياجات الخاصة لتعليم الأطفال الرسم، فهذه التجربة مكنتني من رؤية الواقع بنظرة مختلفة تبرز الجمال في كل لوحة كان الأطفال يرسمونها، وأضافت الكثير إلى موهبتي، وبسبب ظروف خاصة لم أستطع متابعة هذا المجال لعدة سنوات، لكن الفن بقي هاجسي وشغفي بالحياة وحلماً يراودني لتحقيقه، وخصوصاً أن الفن هو من يمتلك الإنسان، فهو من يختارك ويتملك عقلك وروحك، ويتحول إلى شغف وأسلوب حياة ووسيلة لجعلك أكثر توازناً وإنسانية، وفي عام 2009، عدت لأكمل مسيرتي الفنية، فحصلت على الشهادة الثانوية وتقدمت إلى كلية الفنون الجميلة، ونجحت بفحص القبول، لكنني لم أستطع الدخول إليها بسبب ارتفاع المعدلات، لكن الأستاذ "كليم الجابي" أعجب بأعمالي ورسوماتي وسمح لي بحضور محاضرات بالتصوير الضوئي بالجامعة لعدة سنوات، وبعدها التحقت بمركز "أحمد وليد عزت" للفنون التطبيقية لعدة دورات متتالية بهدف صقل موهبتي، كما أنني أحببت الخزف وأتقنته، وبرأيي إن الموهبة والممارسة الطويلة هما الأساس في تميز وإبداع الفنان، لكن صقلها بالدراسة ضرورة أساسية، فهي تعلم الفنان كيفية استخدام أدواته بطريقة مبتكرة».

فنانة متميزة ومجتهدة، ومحبة للفن، فمنذ دخولها إلى المركز لاحظت موهبتها وإصرارها على إثبات نفسها في الساحة الفنية، وهي من المتابعين للنشاطات التشكيلية في العديد من المراكز الثقافية، ومن خلال أعمالها أرى تطوراً ملحوظاً بألوانها وخطوطها وأسلوبها التعبيري الذي يتسم بالصدق والعفوية والوضوح من حيث الفكرة والمضمون، فقد امتلكت نواحي عدة بالتشكيل والخزف أيضاً، وعيناً مثقفة وفنية متميزة، أرى موضوعاتها بوجه عام تناسب شخصيتها وجسدتها بشكل تعبيري جميل بأسلوب واقعي وانطباعي، فالإبداع عندها لا يتوقف، بل يتطور بتطور تقنياتها بالرسم

وأضافت: «اللوحة هي نتاج إحساس الفنان ووليدة فكرة محددة يحاول الفنان إيصالها بخطوطه وألوانه، فهناك لوحات ناتجة عن حالة حزن أو فرح، فأستخدم ألواناً تناسب الحالة النفسية التي أشعر بها أثناء تشكيل اللوحة، وللون دلالات واضحة في لوحاتي، التي تأتي بمزيج وتراكيب مجموعة من الألوان، فلكل لون خاصيته التي يعبر من خلاله الفنان عن هويته وبصمته التي تميزه، فأنا أميل إلى ألوان الطبيعة المتنوعة التي تشعرني بالراحة والتفاؤل؛ فاللون الأخضر يمنحني إحساساً باستمرار الحياة والأمل، كما أن اللوحة البيضاء تجذبني لأشاغب عليها بريشتي وأطليها بكل الألوان أولاً، ثم أبدأ تشكيل الفكرة التي تراودني برؤيتي الفنية الخاصة بهدف خلق المتعة البصرية والتذوق الجمالي فيها. رسمت مواضيع مختلفة، لكن الطبيعة جذبتني، ففضّلتها عن غيرها، فمن خلالها أشعر بمساحة كبيرة من الحرية، وأشعر بأنني بحاجة إلى تفريغ هذا الدفق من العاطفة والانفعال وأترك للاوعي حرية التعبير من دون قيود، كما أنني أحب اللوحة الواضحة، فغلب على رسوماتي طابع المدرسة التعبيرية الواقعية والانطباعية، التي أشعر بأنها أقرب إليّ، فأعمالي تشبهني، فهي جزء مني، وانعكاس صادق لما في داخلي من ذكريات ومشاهد تترجم إلى لغة بصرية لها دلالات جمالية».

بورتريه من أعمالها

الفنان التشكيلي "باسل الأيوبي"، مدرّس في مركز "أحمد وليد عزت"، حدثنا عن التشكيلية "باسمة" بالقول: «فنانة متميزة ومجتهدة، ومحبة للفن، فمنذ دخولها إلى المركز لاحظت موهبتها وإصرارها على إثبات نفسها في الساحة الفنية، وهي من المتابعين للنشاطات التشكيلية في العديد من المراكز الثقافية، ومن خلال أعمالها أرى تطوراً ملحوظاً بألوانها وخطوطها وأسلوبها التعبيري الذي يتسم بالصدق والعفوية والوضوح من حيث الفكرة والمضمون، فقد امتلكت نواحي عدة بالتشكيل والخزف أيضاً، وعيناً مثقفة وفنية متميزة، أرى موضوعاتها بوجه عام تناسب شخصيتها وجسدتها بشكل تعبيري جميل بأسلوب واقعي وانطباعي، فالإبداع عندها لا يتوقف، بل يتطور بتطور تقنياتها بالرسم».

الجدير بالذكر، أن الفنانة التشكيلية "باسمة الحريري" من مواليد "الكويت" عام1968، شاركت بالعديد من المعارض الجماعية، منها معرض "تجارب أنثوية" بالمركز الثقافي بـ"أبو رمانة"، ولها أعمال خزفية مقتناة بوزارة الثقافة، وهي عضو باتحاد الفنانين التشكيليين.

لوحة تجسد الطبيعة
حارة دمشقية