بشغف كبير، دخلت عالم الفن، ومن خلال خطوطها الواضحة وألوانها القوية، استطاعت وضع بصمتها الخاصة بها، وفق تكنيك فني مميز، حيث مزجت بين الحفر والتصوير عبر لوحاتها.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 7 تموز 2018، تواصلت مع الفنانة التشكيلية "آية شحادة" لتحدثنا عن مسيرتها الفنية بالقول: «أقلام التلوين (الباستيل) كانت بالنسبة لي لعبة رافقتني منذ طفولتي، ثم اكتشفت جمالها وملمسها على الجدران والقماش، فقد أحببت تجربة اللون على أي مادة، كالجدران والزجاج والأرضيات والتراب والأقمشة، واستهوتني فكرة اكتشاف الألوان على هذه السطوح، ففي المرحلة الثانوية طلب منا رسم منظر طبيعي وكان بالنسبة لي تحدياً كبيراً، ليكون عملي الفني أجمل اللوحات، ولأول وهلة شعرت بالخوف، لكن عندما قورنت لوحتي مع باقي الأعمال وحظيت بالإعجاب أحسست بدافع كبير لأكمل حلمي، وشعرت بأن الفن بالنسبة لي إرضاء لنفسي وهواية تسكن داخلي، وهذا ما دفعني لأطور ملكتي الفنية بالدراسة في كلية الفنون الجميلة».

إن الحركة التشكيلية حاضرة على الساحة الثقافية، على الرغم مما تعرض له وطننا من إرهاب ومؤامرات عبر إقامة المعارض وتبادل الآراء الفنية والثقافية وإغناء الحركة التشكيلية والثقافة البصرية، كما تعدّ اللوحة لغة مجتمعية حاضرة، وتحمل رسالة الفنان التي يعكسها من خلال ريشته وألوانه لتكون انعكاساً لحضارة المجتمع ومدى تطوره

وتابعت: «من خلال مسيرتي الفنية أحببت المدرسة التعبيرية؛ لأنني أستطيع من خلالها أن أعبر عن أفكاري ومشاعري، كما أنني أستعمل ألوان الأكريليك في لوحاتي وأفضلها على غيرها من الألوان؛ لأن دقة اللون فيها قوية وواضحة؛ وهو ما يساعدني على طرح الأفكار التي أريدها؛ لذلك ألجأ إلى هذا التكنيك الفني لإنتاج اللوحة وتحقيق ما أصبو إليه، كما يتحكم في اختياري للألوان حالة اللا وعي، فأضع بعض الألوان الأولية التي تعدّ أساس أفكار اللوحة، ثم تتجه مكنوناتي وأحاسيسي وذهني إلى التقنيات لأكون عالماً آخر يشبه تماماً ما أريده في حياتي، وتمر لوحتي بمراحل عدة تبدأ بالورقة البيضاء التي تثير لدي رغبة كبيرة بالشغب وإضافة لمساتي الفنية إليها؛ فأحياناً أكون ميالة إلى الألوان الحارة، وتارة أخرى إلى الباردة، ومن خلال لوحاتي مزجت بين الحفر والتصوير وبين الألوان والطباعة، وغلب على أعمالي طابع المدرسة التعبيرية، وأحياناً التجريدية، ومزجت بين المدرستين في بعضها أيضاً، إضافة إلى أنه ليس بمقدور أي فنان أن يحدد الشكل الفني الذي يتبعه، فالموهبة الذي يمتلكها تعطيه قدرة على التجديد والإبداع وابتكار أشكال فنية متميزة، كما أن لكل فنان طريقته الخاصة بالتعبير عن شخصيته الفنية تظهر من خلال اختياره لألوانه، فاللون مخلوق ساحر يحاول الفنان من خلاله أن يعبر عن مكنوناته وهواجسه عبر العمل الفني الذي يقوم بإنجازه ويحمل في طياته معنى اللوحة، فبعضها تعني الدفء والحب، وأخرى تعني الغربة والوحدة، فعندما أجلس في مرسمي أفترش لوحاتي وألواني لأحس بدفء المكان، فيأتيني شعور كدوامة تسحبني إلى عالم آخر؛ أختار بعض الألوان التي أشعر لحظتها بأنها ستعبر عن مشاعري وستفرغ البركان بداخلي، وأحس بدفء لوحتي يقترب مني، وبعضها يحرقني».

لوحة بالأكريليك

وأضافت: «إن الحركة التشكيلية حاضرة على الساحة الثقافية، على الرغم مما تعرض له وطننا من إرهاب ومؤامرات عبر إقامة المعارض وتبادل الآراء الفنية والثقافية وإغناء الحركة التشكيلية والثقافة البصرية، كما تعدّ اللوحة لغة مجتمعية حاضرة، وتحمل رسالة الفنان التي يعكسها من خلال ريشته وألوانه لتكون انعكاساً لحضارة المجتمع ومدى تطوره».

الناقد التشكيلي والنحات "غازي عانا" حدثنا عنها: «ربما ما أدهشني حقيقة في تجربة الفنانة "آية شحادة" هو ذلك الاحتفاء الخاص باللون، والاستقرار الذي تشهده اللوحة على الرغم من زحمة الجماليات في كل مكان منها، هو إحساس لا تستطيع أن تفسره في تلك اللحظة من المفاجأة بالمشاهدة الأولى، مربعات تشعرك وكأنك تعرفها أو شاهدتها من قبل، ليس لأنها تشبه غيرها، بل لكونها حققت عوامل دهشتها واكتفت بما احتوته من قيمة، وإن بشكل غير مباشر للغرافيك، الذي أضاف إلى اللوحة دفقاً من التعبير والقوة وبهاء الحضور، ثمّ دفع بكل الألوان لتحتل الصدارة من حيث الأهمية على الرغم من صغر المساحة التي احتلها ذلك اللون أو غيره، والعلاقة المتناغمة بين تلك الألوان والتوافقات التي حققتها، وخاصة الأحمر وشريكه الأصفر وما بينهما من مشتقات على المساحة نفسها أحياناً، وكل هذا الاحتفاء بالعناصر يكون بشهادة الضوء الغزير الذي يفيض من وسط المشهد باتجاهنا، ودائماً بحضور لافت وحذر للأسود الذي يمنح معظم الألوان بهجتها، لا شكّ كانت تلك اللوحات بالنسبة لي مفاجأة للوهلة الأولى على الأقل، بل مدهشة أيضاً، مع أنني لم أشاهد أعمالها من قبل».

من أعمالها الفنية

حدثنا الفنان التشكيلي "شفيق أشتي" عن أعمال التشكيلية "آية شحادة" بالقول: «تشق أعمالها طريقاً نحو الانفرادية في الأداء والأسلوب في حلبة تقانات الغرافيك ومزاحمه ومقابله التصوير، وهو طريق شاق يتطلب الكثير من المزج البصري بينهما، وقد استطاعت "آية" أن توظف هذا المزيج من خلال حبك نسيج خاص بها مكنها من خلق بصمتها الخاصة بها، وقد أغنى هذا المزج مسيرة الفنون الغرافيكية على أقل تقدير على الساحة المحلية».

الجدير بالذكر، أن التشكيلية "آية شحادة" من مواليد "مولدافيا" في "روسيا"، عام 1985، وهي خريجة كلية الفنون الجميلة، قسم الحفر، والمركز الثقافي الروسي، ومركز "أدهم أسماعيل"، ومركز "وليد عزت"، وهي مدرّسة بالجامعة الدولية، قسم التصميم الداخلي، ولها مشاركة دائمة في معرض "الربيع"، وملتقيات الرسم بقلعة "دمشق"، ومعرض "سداسي" بالمركز الثقافي بـ"جرمانا"، ومعرض "أدونيس القيامة"، ومعرض تحية الفنان "زياد بخاري"، ومعرض تحية للناقد "صلاح الدين محمد"، ومعرض "حالة حبق"، وورشات عمل للأطفال بالتعاون مع وزارة التربية.

من لوحاتها