بموهبة بصرية خاصة، وإحساس عالٍ بمنظور الجمال في الصورة، استطاع المصور الفوتوغرافي "معتز موعد" أن يختار الزاوية الأفضل بعدسته، ليلتقط لنا صوراً معبرة تعكس الإنسانية والجمال والوطن.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 19 كانون الثاني 2018، وعن بداياته يقول: «بدأت موهبتي البصرية منذ عام 1999، كهاوٍ في مجال التصميم الإعلاني، تزامن آنذاك مع انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000؛ وهو ما عزّز من اهتمامي بموهبتي الفنية، وزاد وعيي حول قيمة الرسالة البصرية التي يمكن أن تصبح قضية فيما بعد، ومنذ ذلك الوقت اتجهت نحو احتراف التصميم الغرافيكي والتجاري، إلا أن ابتعادي عن موهبة الرسم فرض علي البحث عن وسيلة تساعدني في التصميم، فكانت أمامي كاميرا صديقي "رامز منزلاوي"، الذي بادر بنقل المعلومات التي كان يدرسها في تلك المدة إليّ، مضيفاً إليها روح استخدام الكاميرا، وقمت بإضافة عين المصمم إليها ليكتمل لديّ المشهد كما يجب، وهكذا بدأت أحقق ما أريد، التوجه إلى الكاميرا كان بديلاً مناسباً عن التركيز الذي بدأت أفقد قسماً كبيراً منه بسبب تداعيات الأزمة والظروف التي مررت بها، لكن ذلك ساعد على تطور رؤيتي لفن التصوير الضوئي، والانتقال تدريجياً إلى مرحلة الاحتراف.

تحقيق التكامل بين النص والصورة يرفع من مصداقية النص، ويعطي الوضوح في فهم الصورة، ارتباطهما وثيق ومهم، ومن الضروري أن تكون الصورة بمستوى جيد وواضح، لما يحتويه نص الخبر، والجزء الأصعب في هذا الموضوع هو قدرة المصور على انتقاء الصورة المخصصة للنشر لتكون الأقرب والأشمل لمحتوى الخبر، ومن معايير الصورة الجميلة برأيي التوازن، وتوزيع العناصر ضمن الكادر، وغيرهما، لكن من الصعب عليّ تحديد معايير جمال الصورة، ولا سيما أنني وصلت إلى ما أنا عليه بعيداً عن الدراسة الأكاديمية، لذلك أكتفي بالقول في عملي كمصور ومصمم، إنه لا يروقني النظر إلى صورة أو تصميم سيّئ لعدد من الثواني

برأيي هناك عدة عوامل يجب أن تجتمع في المصور المحترف، أهمها سرعة البديهة التي تساعده على انتقاء اللحظة الأنسب، ومدى اكتفاء عينه الذي يخوله لاختيار الزاوية الأفضل للصورة، كما لا يمكن إنكار الدور التقني الذي يساعد المصور في التقاط الصورة؛ وهو ما يتطلب وجود الكاميرات ذات الجودة العالية بين يديه، وعلى الرغم من التطور الكبير الذي طرأ على كاميرات الهواتف المحمولة، إلا أنها لن تضاهي في يوم ما الكاميرا الاحترافية، لكن توفرها بتقنيات عالية يتيح للهواة التجريب، وفهم أساسيات التصوير، بما لا يؤثر سلباً في عالم التصوير، الشخص العادي قد لا يمكنه التفريق بين الصورتين، إلا أن الفرق الحقيقي يكمن في الإمكانيات التي تتيحها العدسات الخارجية من خلال التحكم الجيد في كمية الضوء المراد إدخالها إلى حجرة الكاميرا عبر فتحة العدسة وسرعة الغالق، كما يمكن التحكم بدرجة حرارة اللون ونسبة التعريض، تقنيات عديدة وكثيرة تتيحها الكاميرا الاحترافية قياساً بكاميرا الهواتف المحمولة».

من معارض سابقة

وعما يحب أن تلتقط عدسته، يقول: «لا يمكن تفضيل نوع من أنواع التصوير على الآخر، كل ما هو محيط بالمصور متاح، لكنني أميل إلى وجود العنصر البشري في صورتي، الشيء الذي يرفع من قيمة الصورة بالنسبة لي، عام 2008 كان أول معرض غرافيكي لي في "المركز الثقافي الروسي" بـ"دمشق"، قدمت فيه 36 عملاً جميعها تحوي عناصر بشرية، ولا يمكن إحصاء ما التقطته من الصور، "أرشيفي" سوري خالص، وأحاول دائماً تشجيع زملائي المصورين على دعم شبكة الإنترنت بالصور الأجمل لـ"سورية"، لتكون هي الغالبة في نتائج البحث على الشابكة، بدلاً من مشاهد القتل والعنف، ولهذا الغرض أطلقت موقعاً إلكترونياً خاصاً بي مؤخراً يحتوي أجمل الصور لـ"سورية"، إلى جانب صور احترافية أخرى، وأستطيع القول إن الصورة الأفضل لي على الصعيد المهني في المرحلة القريبة، هي عندما كنت أقوم بنقل إعلامي لتحرير مدينة "البو كمال"، والتقطت صورة تنقل بشفافية ووضوح المعنى الحقيقي لانتهاء العمليات العسكرية داخل المدينة، والشعور بالأمان، من خلال قدرة الجنود على لعب كرة القدم في أحد الشوارع الرئيسة في المدينة من دون الشعور بالخطر.

وعن إنجازاته يقول: «شاركت في العديد من معارض اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين والفلسطينيين، ومعارض وزارة الثقافة الدورية، إضافة إلى مشاركات داخل "فلسطين" المحتلة، و"لبنان"، و"إيران"، وتم اقتناء العديد من أعمالي في التصوير والغرافيك، ولدي مبادرات عديدة في تنظيم فعاليات بصرية، كالمشاركة في تأهيل مراكز "شمس" و"سما" التي تحتوي صالات عرض، وإعداد ومشاركات في مبادرات عدة، منها: معرض "أسود وأبيض"، وورشة "تصويب أفضل"، لتدريب الشباب على استخدام الكاميرا بالتعاون مع فنانين إيطاليين، وإقامة معرض نتاج الورشة، ومعرض "هنا وهناك" المشترك بين فنانين محليين وأجانب، من خلال دمج صورة لفنان محلي مع صورة لفنان أجنبي تحملان الموضوع ذاته، إلى جانب حصولي على جائزة خاصة بالكاريكاتور من قبل صحيفة "البعث" بعيداً عن التصوير، وكرمت من قبل جهات عديدة، منها جمعية "نحنا" الثقافية، المركز الثقافي الروسي، المركز الثقافي الألماني، مشروع "بكرى إلنا"، مؤسسات "دعم أسر الشهداء"، "اتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطيني"، وغيرها، كما اقتنت وزارة "الثقافة" عدداً من أعمالي في التصميم والفوتوغراف».

صورة مميزة بعدسته عند تحرير "البو كمال"

وفيما يتعلق بعمله الحالي كمصور صحفي في "وكالة سانا"، يقول: «تحقيق التكامل بين النص والصورة يرفع من مصداقية النص، ويعطي الوضوح في فهم الصورة، ارتباطهما وثيق ومهم، ومن الضروري أن تكون الصورة بمستوى جيد وواضح، لما يحتويه نص الخبر، والجزء الأصعب في هذا الموضوع هو قدرة المصور على انتقاء الصورة المخصصة للنشر لتكون الأقرب والأشمل لمحتوى الخبر، ومن معايير الصورة الجميلة برأيي التوازن، وتوزيع العناصر ضمن الكادر، وغيرهما، لكن من الصعب عليّ تحديد معايير جمال الصورة، ولا سيما أنني وصلت إلى ما أنا عليه بعيداً عن الدراسة الأكاديمية، لذلك أكتفي بالقول في عملي كمصور ومصمم، إنه لا يروقني النظر إلى صورة أو تصميم سيّئ لعدد من الثواني».

من جهته "رامز منزلاوي" رئيس رابطة التصوير الضوئي في "اتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين"، يقول: «أنا صديق "معتز" منذ سنوات، كنا نعمل معاً في مجال التصميم والطباعة، كنت مصوراً في ذلك الوقت، وكلما أراد "معتز" تصميماً جديداً يبحث في شبكة الإنترنت، ولا يصل إلى مراده، إلى أن طلب تعلم التصوير، وبالفعل بدأت تعليمه مبادىء التصوير الفوتوغرافي، كانت اللقطة الأولى له عبارة عن قفل حديدي، لكن من زاوية تختلف عن كل من صور قفل صدىء؛ وهو ما أثار الفضول في نفسي لأعلّمه أكثر، وبدأت مراحل تعليم قواعد التصوير، هو يختلف في تصويره عن أي مصور آخر بطبيعة الصور، ومنظوره للجمال، حيث يستطيع المرء لمس النظرات الفنية في لوحاته، إضافة إلى إصراره على الفصل بين الغرافيك والتصوير الذي يحد من التدخل لبرامج تحرير الصور، وهو فنان موسيقي؛ وهذا يساعد في إحساسه بالصور الفوتوغرافية التي يلتقطها».

مع الكاميرا

الجدير بالذكر، أن المصور الصحفي "معتز موعد" من مواليد "دمشق"، مخيم "اليرموك" عام 1984، خريج معهد "الاتصالات السلكية واللا سلكية".