يبحث الفنان "عصام المأمون" عن أفكار خلاقة يستمدّها من الطبيعة المحيطة أو من الأشخاص الساكنين في مخيلته، أو أحداث تركت انطباعاً في ذاكرته ليدخل عالم التصوير بطرائقه الكلاسيكية والواقعية.

مدونة وطن "eSyria" التقت التشكيلي "عصام المأمون" بتاريخ 9 كانون الأول 2017، فتحدث: «ولدت في "دمشق" ضمن أسرة متوسطة لأم مفرطة بالعطاء والحنان، وأب مثقف يحب الفن والشعر والموسيقا، وله تجارب شعرية جميلة، علمني مبادئ الرسم، كانت حصة الرسم خلال مراحل الدراسة شيئاً ممتعاً وكنت أشعر بأنني في موضع التحدي مع زملائي لتقديم الأفضل، ومما تحمله ذاكرتي أنه في إحدى المرات طلب منا نشاط بمادة التاريخ؛ وهو أن نقص صور أبطال ونلصقها على الدفتر، عندها وجدت نفسي أنقلها على الدفتر رسماً بقلم الرصاص، وكان التشجيع الكبير من أستاذ التاريخ عندما أعطاني العلامة التامة، وعرض على الطلاب ما رسمته، تلك أعدّها بدايتي الحقيقية في الرسم، وازداد حبي لمادة الرسم من خلال أستاذ واعٍ أرشدني إلى أنني متميز وأحمل موهبة يجب أن أنميها، وبدأت الاهتمام بالرسم في المرحلة الإعدادية، وبعد الحصول على الشهادة الثانوية كنت مصمّماً على دخول كلية الفنون الجميلة، وكان ما حلمت به، ودرست على يد أرقى أساتذة الفن السوري: "محمود حمّاد، إلياس زيات، فاتح المدرس، نذير نبعة"، وتخرجت عام 1986 بمعدل جيد جداً. في المرحلة الجامعية عملت مصمماً ونفذت بعض مشاريع الديكور الصغيرة للمساعدة في مصروفي الجامعي، وبعد التخرج أعطيت أهمية أكبر للديكور؛ فهو فن جميل ويحتاج إلى الإبداع، وكنت أخصص ساعات للوحاتي من دون التفكير بمسألة البيع أو العرض، كنت أرسم لأستمتع وأفرغ ما بروحي من هواجس، في السنوات العشر الأخيرة أصبحت متفرغاً للفن واللوحة، وبدأ البحث الأعمق والغوص عن الأشكال والوجوه الجديدة بمحاولة استخدام المخزون الفني البصري الأكاديمي الفطري الثقافي الفكري بما كسبته في هذه الحياة، حاولت البحث عن الجمال ودمجه مع الفكر بطريقة بصرية توقف المتلقي ليحاول أن يتأملها ويحاورها بالمساحات المتروكة ضمن هذا المشهد البصري».

"عصام المأمون" من الفنانين الذين يملكون بحثاً دائماً في تطوير وتجديد اللوحة، يملك قدرة ومعرفة فنية عالية في توظيف إحساسه لتكوين الشكل واللون في اللوحة، فنان مجد ونشيط، يحب الحداثة والمعاصرة في تكوين اللوحة، الإنسان هو العنصر الأساسي في لوحته، له دور مهم في المشهد التشكيلي السوري، جريء عندما يقف أمام اللوحة

ويضيف عن علاقته مع اللوحة: «أدخل إلى لوحتي بعد ترك تأثيرات كثيرة عليها، وأحياناً تكون خشنة إلى حدّ المبالغة، كوضع أحجار أو قشور أخشاب أو لمسات و"تهشيرات"، وعند صنعي سطح لوحة تصنع لي جدلية تشكيل، أبحث فيه وأغوص بالتأليف، فأندمج مع اللوحة ونصنع الجدليات وأبجديات تشكيلية بحثاً عن مشهد بصري معاصر يحمل خصوصية في الرؤية والفكر، لوحاتي تهتم بالإنسانية والإنسان بما يحمله من تخبطات وانكسارات، وفرح وحزن داخلي، ويظهر هذا على الوجوه المعبرة، فأنا أهتم بالشكل الداخلي أكثر من الملامح الخارجية المصطنعة في هذا الزمن، وخصوصاً في هذه المرحلة الصعبة التي نعيشها في بلدنا، فالفنان هو متلقٍّ حساس أكثر من غيره، ولا بد أن يظهر صدقه ومشاعره في لوحته، ففي لوحتي تجد الاندماج بالتعبيرية والتكعيبية والرمزية، مدمجة بمساحات تجريدية في محاولة للوصول إلى خصوصية بالمشهد البصري والفكر المطروح، أصبحت أملك تمرداً بصرياً على تلك اللوحة المؤطرة بالواقعية المصورة، وكلاسيكية الألوان المائية والزيتية، وبرأيي أصبح للفن مفهوم آخر يتناسب مع عصرنا ومفاهيمنا، ولم يعد لصور الكاميرا أي دور، أصبح من حق الفنان أن يستخدم جميع المدارس والمواد ليقدم مشهداً بصرياً معاصراً يليق بثقافتنا المعاصرة. مشاركاتي كانت كثيرة في المعارض الجماعية داخل وخارج القطر، أما المعارض الفردية، فأقمت ثلاثة معارض في "دمشق"».

لوحة "بعد الصلب"

عنه قال التشكيلي "موفق مخول": «"عصام المأمون" من الفنانين الذين يملكون بحثاً دائماً في تطوير وتجديد اللوحة، يملك قدرة ومعرفة فنية عالية في توظيف إحساسه لتكوين الشكل واللون في اللوحة، فنان مجد ونشيط، يحب الحداثة والمعاصرة في تكوين اللوحة، الإنسان هو العنصر الأساسي في لوحته، له دور مهم في المشهد التشكيلي السوري، جريء عندما يقف أمام اللوحة».

وقال التشكيلي "جمال العباس": «أعماله تغريدة خاصة قائمة على بساطة الرسم بكثافة الخطوط التي تحدد الشكل الإنساني كمحور أساسي، أو تحدد مجموعة الحشود البشرية التي تتكاثف لتشكل كتلاً وتتقابل أو تتحاور بعيداً عن التفاصيل لكن بإيحاءات تعمق المعنى وترسم أبعاده، وقائمة على بساطة اللون ومحدوديته بالأزرق الخفيف أو البني الذي يميل إلى الأزرق، أو الأصفر بسيولة عفوية وانسياب حر أقرب إلى الأحبار، وشفافية تتحول فيها الألوان إلى رماديات ملونة على كامل اللوحة. تشكيلي أعماله تستحق الرؤية والتأمل والتأثر بطروحاته ومفاعيلها الجمالية».

تكوين إنساني

يذكر أن التشكيلي "عصام المأمون" من مواليد "دمشق"، عام 1964.