نجح الفنان "ياسر العتقي" في تحويل الخط والأبيات الشعرية إلى لوحة تشكيلية جمع فيها إتقانه للخط العربي وموهبته بالرسم؛ ليجسد بذلك صوراً لشخصيات مشهورة، ويساهم في تزيين واجهات عدد من المرافق العامة ودور العبادة.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان "ياسر العتقي" بتاريخ 8 أيلول 2017، وفي البداية عن الفن يقول: «مجموعة خبرات متراكمة، ورؤية صحيحة للعين، إضافة إلى الإلمام بالقواعد والأصول، واستمرار التجارب والمحاولات، وإضافة ما يلج في أنفسنا من خيال، ليترجم كل ذلك بلوحة تنم عن موهبة لدى صاحبها».

مجموعة خبرات متراكمة، ورؤية صحيحة للعين، إضافة إلى الإلمام بالقواعد والأصول، واستمرار التجارب والمحاولات، وإضافة ما يلج في أنفسنا من خيال، ليترجم كل ذلك بلوحة تنم عن موهبة لدى صاحبها

ويتابع: «نشأت ضمن أسرة متواضعة؛ والدي يعمل كاتباً لدى ديوان البلدية، وكان خطه جميلاً؛ وهذا ما جعله يُصمّم على تعليمي كتابة الحروف بشكلها الصحيح، حيث كان يقوم بكتابة بعض الكلمات وكنت أتبعه بإمعان، وفي أثناء دراستي لطالما لقيت الثناء من أساتذتي على ترتيبي دفاتري وخطي المميز؛ وهو ما جعلني لسنوات عدة المسؤول عن تدوين التاريخ والدروس على السبورة، إلى أن بلغت المرحلة الإعدادية فزاد تعلقي بتعلم الخط، وكنت أحاول تقليد كل ما يقع تحت نظري؛ وهذا دفع والدي إلى تخصيص جزءاً من منزلنا لأمارس به هوايتي، بدأت كتابة اللافتات، وأسماء محال تجارية، وذلك بالتزامن مع تثقيف نفسي بأكثر من جانب، وحضوري لمعرض الفنان "سمير ظاظا" الذي يعمل بذات المجال كان له الأثر الأكبر باحترافي المهنة، حيث أماط اللثام عن التعرف إلى أسرارها».

لوحة لتمثال صلاح الدين أنجزت من الأبيات الشعرية

وعن طريقته بإخراج لوحته، يضيف: «في الحقيقة أنا لم أدرس فن الرسم في الجامعات أو المعاهد، إنما هي موهبة، كما أعدّ نفسي خطاطاً مُلمّاً بكافة أنواع الخطوط، وعندما أريد إنجاز لوحتي أول ما أفعله التقاط صورة للشخصية المراد رسمها، ثم أختار الخط المناسب، وأغلب الأوقات يكون الخط "الديواني" لكونه خطاً مطاوعاً له انحناءاته وليونته؛ وهو ما يضفي عليه بعض الجمالية، أبدأ رسم ملامح الشخصية، ثم أعمد إلى إظهار خطوط الظلال في الوجه وكتابة ما أراه مناسباً من الأبيات الشعرية في المكان المناسب من تقاسيم الوجه بمختلف الثخانات مستخدماً الريشة والحبر، حيث إن كل جزء من الوجه له ريشة أو قلم معين؛ فما يصلح للذقن مثلاً لا يصلح للعين كل حسب ظله؛ فهناك ظلال أستخدم بها قلم بثخانة نصف ملم، بينما يتعداها في بعض الأماكن إلى أكثر من ذلك بكثير، وأثناء تنفيذي للوحة لا أتقيد بالقواعد التي وضعتها مسبقاً، بل أطلق العنان لخيالي؛ فأرى أن اللوحة انتهت بصورة أجمل مما خططت له».

وعن مشروعه بتعليم الخط للأطفال، يتابع قائلاً: «أنا أؤمن بأن الموهبة تأتي بالفطرة، كما أؤمن بأننا كفنانين مسؤولين عن البحث عن هذه المواهب وتنميتها وخاصة لدى الأطفال، ومن هنا أطلقت مشروعي منذ سنوات عدة بتعليم قواعد الخط للأطفال في بعض المدارس والمعاهد، ولفتني أن هناك وعياً من قبل الأهالي بأهمية تعلم الخط لأطفالهم، وتم تخريج أعداد أعدّها جيدة إلى اليوم، كما أسعى إلى تأسيس مدرسة تهتم بتعليم أصول الخط العربي للراغبين بذلك».

بورتريه وجه

وعن مشاركاته الفنية، يردف قائلاً: «أعدّ نفسي من المحظوظين لكوني بدأت حياتي المهنية بالتعرف إلى فنانين كبار يعدّون شيوخ كار المهنة، مثل الفنان "زهير زرزر"، والفنان "سمير ظاظا"، وكان لي شرف مشاركتهم بعدة معارض جماعية، كما كانت لي مشاركاتي العديدة والدورية مع كل من اتحاد شبيبة الثورة، ونقابة الفنانين، ووزارة الثقافة، ومعظم أعمالي تم اقتناؤها في نهاية المعارض، ولدي عدد من شهادات التقدير للمشاركة فيها، كما كان لي شرف المشاركة مع الفنان "زهير زرزر" بكتابة (مصحف الشام)؛ وهو أكبر مصحف في العالم، كما قمت بتصميم وكتابة واجهة مسجد "الإيمان" بلوحة بلغ محيطها 40م، ومعظم أعمالي مقتناة لدى وزارة الثقافة».

وعما يميز فنه، يحدثنا الفنان "سامي المصري" قائلاً: «"ياسر" من المعلمين المبدعين، صاحب الأفكار النيرة والحرفة الخلاقة، فقد استطاع الجمع بين الخط ورسم الوجوه بلوحة تعريف واحدة ليأسر فؤاد الناظر وعينيه، بنوع جديد من الفنون مستخدماً "القصبة" والقلم بمهارة وعبقرية تجعل من ينظر إليها مذهولاً بكيفية التناغم بين الكلمة والتشكيل؛ فأعماله عبارة عن لوحة خطية هندسية وفنية مطرزة بأسلوب ذكي».

بدوره الخطاط والناقد الفني "طارق الفاعوري"، يقول: «أتت معرفتي به في إحدى المناسبات الخيرية، وقد استوقفني عمله بمجال الخط، بدأ الأمر لدي كأنني اختصرت أميالاً من التعارف بحكم اهتمامي بالخط، وسرعان ما أمسكته قلماً وبدأ يكتب على الرغم من الضجيج، ومن اللمسة الأولى استشعرت بأنني أمام مشروع خطاط يحاول تثبيت قدمه على خطى الأوائل محاولاً محاكاة الأصول والقواعد وموازين وضعها المبدعون تلمست في لقاءات لاحقة حسه الصوفي والأدبي والشعري من خلال ما يحفظه من أشعار تدعم خبرته، وثقافته الفنية الساكنة داخله لتنضج في صناعة لوحة خطية تحاول إثبات نفسها من خلال تجربته برسم الوجوه بطريقة الظلال؛ وهذا جعله من القامات الفنية الكبيرة».

يذكر أن "ياسر العتقي" من مواليد "التل" في "ريف دمشق"، عام 1977.