هاجسه الحفاظ على الصور القديمة والنادرة للمدن السورية، وإظهار تفاصيلها الدقيقة، وبأسلوب جديد وتقنية متواضعة، استطاع الفنان "علي رمضان" تحويل تلك الصور إلى صور تنبض باللون والضوء والحياة، محاولة منه لنقل التاريخ الذي تمثله هذه الصور بطريقة جديدة، لتبدو كأنها التقطت للتوّ.

"الفن هو المتنفس الذي يستطيع الإنسان من خلاله إفراغ الطاقة التي لديه سواء كانت إيجابية أو سلبية، والرسم فن ينسي الهموم، ويشعر الإنسان بتوازنه، وينقله إلى عالم آخر مملوء بالألوان".

الفن هو لون من ألوان الثقافة الإنسانية، الذي يحمل في طياته رسالة فكرية وثقافية، وهو يعدّ ركيزة لأي حضارة تسعى إلى تخليد ذكراها وتوثيق تاريخها عبر الزمن، ومن خلال أعمالي، أحاول أن أوثق حارات "دمشق القديمة"، والعديد من المدن السورية بكل أسواقها وشوارعها، لأقدمها بصيغة جميلة تنبض بالحياة والألوان، بهدف تعريف السوريين -داخل "سورية" وخارجها- بالتراث والحضارة السورية العريقة، وخصوصاً أن كل صورة أقوم بتلوينها ونشرها تكون مرفقة بنبذة عن تاريخ المنطقة وخصائصها

هذا ما بدأ به الفنان "علي رمضان" حديثه لمدونة وطن "eSyria" التي تواصلت معه في مكان إقامته في مدينة "جدة"، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بتاريخ 2 نيسان 2017، وعن بداياته مع الفن وكيف اكتسب موهبته وطورها، قال: «برزت موهبتي منذ الطفولة، لكن لم يتسنَّ لي تطويرها بالدراسة أكاديمياً عبر الدخول إلى كلية الفنون الجميلة التي كانت حلمي، لكن ذلك لم يكن عائقاً لتطوير موهبتي، وخصوصاً في أيامنا هذه بسبب توفر الإنترنت، حيث يمكن لأي شخص أن يطور مهاراته ويصقل موهبته، فبامتلاك الموهبة يمكن لأي شخص أن يصبح فناناً عندما يتوفر لديه شغف في مجال فني يحبه.

نواعير حماة

البداية كانت مع برنامج الـ"فوتوشوب" بصور بسيطة طبقتها ولونتها، ونالت الإعجاب مع أنه كان ينقصها الدقة والحرفية، وبدأتُ بعد توالي المرات أشعر بأن بينها رسومات جيدة تستحق النشر، وخصوصاً عندما لونت صورة لسيدة أجنبية كانت باللون الأبيض والأسود، فبدت كأنها أخذت للتوّ، ومع الممارسة والتدريب تطورت مهاراتي، ووسعت نطاقي بالبحث عن الصور القديمة والنادرة للعديد من المدن السورية لتلوينها ونشرها على صفحتي التي خصصتها للصور القديمة والنادرة، مع إضافة معلومات عن تاريخ وأسماء المناطق الموجودة في هذه الصور بهدف التعريف بحضارتنا العريقة، وبدأت أتلقى دعماً من أصدقائي، وزاد عدد المتابعين للصفحة، كما أن البحث الدائم عن الصور القديمة والنادرة للمعالم الأثرية والمناطق التي تغيرت ملامحها بسبب التطور العمراني الذي حدث مع مرور الزمن أغنى ثقافتي، وأضاف إليها الكثير من المعلومات القيمة عن تاريخنا وماضينا الذي يدل على عراقة حضارتنا وقدمها عبر التاريخ».

أما عن تجربته الحالية في تلوين الفيديوهات المصورة بالأبيض والأسود، فقال: «من خلال تجربتي بتلوين صور الأبيض والأسود، استطعت إيجاد طبقات لونية تتناسب مع معالم الصورة، وقد مكنتني من إبراز ملامح وتفاصيل الصورة بدقة عالية، خصوصاً أنني اخترت اللون الذي يناسب الحقبة التاريخية التي التقطت بها الصورة المعمول عليها، لتضفي عليها طابع الحياة، واستطعت من خلال الصور تطوير أدواتي الفنية التي مكنتني من العمل بحرفية وإتقان، إضافة إلى خلق بصمة خاصة بي، خصوصاً أن كل صورة قمت بتلوينها أضفت إليها إحساسي الخاص بالمكان، وذلك من خلال انعكاسات الضوء على الجدران والنوافذ المتقاربة التي تشعر المتلقي بحميمية وألفة تجاه المكان الموجود بالصورة، أضف إلى أن حبي وشغفي الدائم بالبحث عن الجديد والمختلف، كانا الدافع لخوض تجربة تلوين الفيديوهات القديمة، مع أن الفكرة كانت شبه مستحيلة، وقد استخدمت في "هوليوود" فقط، لكن بالإصرار والعمل الدؤوب تمكنت من تلوين أول فيديو، وقد أستغرق نحو 3 ساعات متواصلة من العمل، وهو مقطع من فيلم سينمائي بعنوان: "مقالب غوار"، إضافة إلى فيديو لمخبز في "دمشق"، تم تصويره عام 1930، وآخر لـ"التكية السليمانية"، وغيرها، وقد لاقت هذه التجربة الإعجاب والدعم من أصدقائي الذين أصبحوا ينتظرون كل جديد من الصور والفيديوهات».

وتابع "علي": «الفن هو لون من ألوان الثقافة الإنسانية، الذي يحمل في طياته رسالة فكرية وثقافية، وهو يعدّ ركيزة لأي حضارة تسعى إلى تخليد ذكراها وتوثيق تاريخها عبر الزمن، ومن خلال أعمالي، أحاول أن أوثق حارات "دمشق القديمة"، والعديد من المدن السورية بكل أسواقها وشوارعها، لأقدمها بصيغة جميلة تنبض بالحياة والألوان، بهدف تعريف السوريين -داخل "سورية" وخارجها- بالتراث والحضارة السورية العريقة، وخصوصاً أن كل صورة أقوم بتلوينها ونشرها تكون مرفقة بنبذة عن تاريخ المنطقة وخصائصها».

وفي حديث مع المختص بالتصوير والمونتاج "سعد الحيجي" وأحد المطلعين والمتابعين لأعمال الفنان "علي"، قال: «منذ عام تقريباً، وأنا أتابع أعماله، فعلى الرغم من أنني من محبي الصور ذات اللون الأبيض والأسود لكونها تحمل طابعاً عريقاً يزيد قيمة الصورة القديمة، إلا أنني وبعد مشاهدتي للصور التي ينشرها "علي"، تغيرت نظرتي نحو الصور القديمة بعد تلوينها، حيث إن اللون زادها تألقاً، خاصة عندما تظهر تلك التفاصيل الدقيقة التي كانت مختبئة قبل التلوين، ولأنه امتلك قدرة على اختيار الألوان والظلال مع مراعاة زوايا الالتقاط. وأكثر ما أدهشني قدرته على تلوين الفيديوهات التي أعادتني إلى الماضي، هو شخص مبدع ومتميز، يرسم الماضي بالألوان».

يذكر أنّ الفنان "علي رمضان" من محافظة "حماة"، مواليد "دمشق" عام 1989، خريج معهد ميكانيك.