استحق الفنان "محمد طرابلسي" درجة جيد جداً كأحد الخريجين الأوائل في "المعهد العالي للفنون المسرحية" بالرقص التعبيري، فهو إلى جانب نشاطاته المسرحية ولا سيما مسرح الأطفال، يعلّم الرقص، وصمم عدداً من المهرجانات الفنية الاستعراضية الكبرى.
مدونة وطن "eSyria" التقت "محمد طرابلسي" بتاريخ 2 آذار 2017، حيث تحدث عن بدايته مع الفنّ بالقول: «أبصرت عيناي النور في حيّ "اليرموك" ضمن أسرة عدد أفرادها كبير نوعاً ما، بعد حصولي على الشهادة الثانوية العامة الفرع العلمي، أكملت دراستي بالمعهد التجاري، وحصلت على دبلوم في المحاسبة، وبذات الوقت انتسبت إلى فرقة فنية للفنون الشعبية للتراث، وقدمنا عدداً من الحفلات في "سورية، ولبنان، واليمن"، ثم انتسبت إلى مدرسة "الباليه" عام 1994، وكان لي مشاركة بعدد من حفلاتها، واكتسبت خبرة من المدرّستين الروسيتين "لاريسا"، و"مارينا". في تلك المدة لم يكن هناك معهد عالٍ للباليه؛ وهو ما دفع بالأستاذ الموسيقي الراحل "صلحي الوادي" إلى الإصرار على إحداث قسم الباليه في المعهد العالي للموسيقا، على أن تكون دراسته خمسة أعوام لطلاب الموسيقا، وكان ذلك عام 1997، ثم انتقل القسم من الموسيقا إلى المسرح لتصبح دراسته أربعة أعوام، والحصول على إجازة في الفنون المسرحية، قسم الباليه. بالتأكيد دراستي الأكاديمية في المعهد العالي كانت ضرورية في مجال الرقص، وكان ذلك بتشجيع من الكادر التدريسي بمدرسة الباليه، إضافة إلى تشجيع الأصدقاء وأسرتي بمجال التمثيل، حيث لمسوا حبي لهذا النوع من الفن، وقد شملت الدراسة في المعهد عدة اختصاصات: "الباليه، رقصات الشعوب، الرقص الحديث، الجاز، الصالونات، الإيماء"، وتم خلال الدراسة الأكاديمية التركيز على تكنيك رقص الباليه للمدرسة الروسية وهي من أصعب المدارس، إضافة إلى الثقافة الفنية الواسعة لدى المدرسين لكونهم خريجي مسرح "البولشوي"، وهذا كله كان مجال استفادة في أعمالنا المسرحية فيما بعد كتصميم وأداء».
هو حافز للعمل على أن يأتي منطقياً وموضوعياً، وقد كرّمت من قبل الجمعية العربية الأميركية عن عمل "هواجس الشام"، وكذلك أثناء إقامة ورشات عمل في "تونس، والجزائر"، وأثناء المشاركة في مهرجان "بصرى" لعدّة دورات
ويتابع عن سبب اختياره للرقص الشعبي والباليه: «الراقص المحترف يجب أن يكون ملمّاً باختصاص الباليه لأنه أكثر أكاديمية. أما الرقص الشعبي، فهو هويتنا على أن يكون مدروساً دراسة صحيحة. في الحقيقة كنا في السنة الدراسية الأولى سبعة راقصين، وعند التخرج كنّا اثنين، وكان لتلك الحالة وجهان أحدهما جيّد، والآخر غير جيد؛ الأوّل هو امتياز للمرحلة الفنيّة لي، والثاني هو أن التنافس في الدفعة غير كافٍ لكونه لطالبين فقط، وبرأيي الموهبة ضرورية لنجاح الشخص، لكنها لا تكفي للاستمرار، يجب أن تكون هناك دراسة وثقافة وخبرة لتصنع فناناً راقصاً».
وعن وجه التلاقي بين الرقص الشعبي والباليه، يتابع: «الباليه كرقص يعدّ عالمياً له قواعد وأسس وأساليب تعليم، وهو متعدد المدارس. أما الرقص الشعبي، فهو قائم على عادات الشعوب وتقاليدها وتنوعها، ومعظم مواضيعه لها علاقة بحياة الناس كالأعراس والحصاد والأفراح، وهو موجود مع وجود الإنسان. أما الباليه، فهو أكثر اختصاصاً ووجد في عهد "لويس الرابع عشر" في العصور الوسطى. نحن نقوم بتعليم تكنيك الرقص، ونهذّب الجسد شكلاً وحركةً، لنذهب إلى أداء أي نوع من الرقص الذي منه الرقص الشعبيّ الجميل بمواضيعه وحالات الفرح التي يحتويها».
لم يقتصر نشاطه على الرقص الشعبي والباليه، بل شملت نشاطاته التمثيل الإيمائي والعمل المسرحي، وأضاف: «الإيماء هو من صلب عمل الراقص عندما يريد التعبير حركيّاً عن الفكرة، والإيماء باب واسع جدّاً، فكل حركة يقوم بها أي شخص هي إيماء للتعبير، ونحن نستخدم هذا كثيراً في الرقص.
درّستُ مادة الرقص من عمر 3-50 عاماً من خلال العمل في المدارس العامة والخاصة والنوادي. بالنسبة للأطفال، نعتمد اللعب معهم لبناء المسرحية الراقصة في النهاية، وبالتأكيد لابد من توجيههم إلى أيّ نشاط مفيد. أما الكبار، فنحن نستنبط الحركة منهم ونجملها ونعيدها إليهم؛ هذا كله مع أشخاص هم بالأساس غير محترفي رقص».
وعن أهم مشاركاته الفنية بكل المجالات، يقول: «عملت كراقص صولو في فرقة "إنانا"، ولي مشاركات في أكثر من خمسين دولة حول العالم. أعمل مدرّس رقص في المدارس من أجل إقامة حفلات نهاية العام، كما قمت بإنشاء فرقة للرقص المسرحي، وكان لي عدّة أعمال راقصة كمصمم ومخرج للرقص، إضافة إلى عملي كمصمم للوحات الأرضية في مهرجان المحبة "طرطوس، حماة"، ولي أعمال مع ذوي الاحتياجات الخاصّة الذي يعدّ اختصاصاً بحدّ ذاته؛ فعندما تعلّم الصم والبكم الرقص، ويقومون بالعرض مع الموسيقا، وهم لا يرقصون كأنّهم يسمعون، فهذا إنجاز كبير ويشهد له بالحرفيّة بالنسبة للمدرّب».
ويضيف عن أهم المهام التي يمارسها: «درّست مادة الباليه منذ عام 2001 ولعدة سنوات بالمعهد العالي للموسيقا، ثم درّست مادة الرقص الحديث والجاز وتاريخ الباليه كمادة نظرية، وحالياً أدرّس مادة الرقص الشعبي، وقد أسست مشروع عمل كعرض تخرج لطلاب الرقص سنوياً، كما قمت بإلقاء عدّة محاضرات عن التراث والفلكلور السوري بوجه عام، وعن الرقص الشعبي الفلكلوري بوجه خاص في "تونس، والجزائر". إلى جانب ذلك أتابع عمل المدرسين بمجال الفنون الشعبية لكوني رئيس قسم الفنون الشعبية بمديرية الأنشطة الفنية بوزارة التربية، لكن الاهتمام الأساسي ينصب على بناء المسرح الراقص عمليّاً؛ وهذا ما أعطي له الوقت الكبير لإقامة العروض المسرحيّة الشاملة على مستوى "سورية"».
أما فيما يتعلق بالتكريم الذي ناله، فأضاف: «هو حافز للعمل على أن يأتي منطقياً وموضوعياً، وقد كرّمت من قبل الجمعية العربية الأميركية عن عمل "هواجس الشام"، وكذلك أثناء إقامة ورشات عمل في "تونس، والجزائر"، وأثناء المشاركة في مهرجان "بصرى" لعدّة دورات».
عنه قال المخرج المسرحي الدكتور "تامر العربيد": «"محمد طرابلس" صاحب ابتكار، ليس أكاديمياً فحسب، بل بالعمل الإبداعي، تعاملت معه ضمن أكثر من عمل كمصمم كما في افتتاح مهرجان "المحبة" 2005 و2007، وفي مهرجان "الربيع" في "حماة"، و"الطريق إلى دمشق". يمتلك المعرفة الأكاديمية بالفن التعبيري وفنون الرقص، هو راقص أول بفرقة "إنانا"، ويمكن القول إنه شاب هادئ، أنيق، يفكر بهدوء، له أسلوب يتميز بالاستيعاب».
أما "موسى أسود" مدير مديرية المسرح المدرسي بوزارة التربية، عنه قال: «يدرّب مختلف الأعمار، يمكنه أن يشتغل على التراث والفلكلور إلى جانب الرقص المعاصر، لديه القدرة على قيادة مجموعة، ويتمتع بذهنية عالية في إشغال الفضاء المسرحي، له تواصله مع كافة الدوائر الفنية بالمحافظات ضمن اختصاصه كمشرف فني بدائرة المسرح المركزية إلى جانب إشرافه على الفرقة المركزية للفنون الشعبية لتنفيذ خطة عمل ممنهجة وصولاً إلى مستوى أداء أكثر دقة».
يذكر أنّ "محمد طرابلسي" من مواليد "دمشق"، عام 1971.