بالرسم على قصاصات ورقية، وأوراق الشجر، استطاع "يمان صادق" خلق هويته الخاصة، وجذب انتباه ومتابعة عدد كبير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 20 تشرين الأول 2016، الفنان "يمان صادق" ليحدثنا عن بداياته مع الفن، وكيف اكتسب موهبته وطوّرها، ويقول: «منذ ثلاث سنوات اكتشفت موهبتي، كنت أمرّ حينئذٍ بحالة اكتئاب، ولم أستطع إخراج الطاقة السلبية التي بداخلي إلا عن طريق الرسم. في البداية كانت مجرد فوضى على ورق، وبدأت بعد توالي المرات أشعر بأن بينها رسومات جيدة، لذلك رحت أطوّر نفسي بمتابعة دروس رسم على موقع "اليوتيوب"، واستمريت لمدة شهرين ونصف الشهر تقريباً، بعدها بدأت أشعر بأنها مجرد تقليد فتوقفت عن المتابعة، وبدأت أرسم أشكالاً متنوعة، مثل: زهرية، أو عضلة القلب، أو أي شيء يخطر في بالي، وأنشرها على صفحتي الشخصية، وبدأت أتلقى دعماً من أصدقائي، لكنني لاحظت أن التفاعل بدأ يقلّ مع الوقت، لذلك شعرت بالملل من الطريقة التقليدية، ويجب أن أتطوّر أكثر، فخلقت الأسلوب الخاص بي، لذلك لا أستطيع القول إن موهبتي فطرية، بل هي مكتسبة، لكنني أحببت الرسم جداً لأنه أخرجني من حالة الكآبة إلى حالة جميلة جداً».

كان أهلي ضد فكرة أن أبدأ الرسم مع الدراسة لكي لا يؤثر هذا الأمر في دراستي، لكنني وجدت دعماً من أصدقائي الذين أهدوني مرسماً وألواناً مائية، كما أن تفاعل الناس مع أعمالي هو ما يحمّسني، ويشعرني بأن هناك من ينتظر أن يرى عملاً جديداً

تماهى مع الحالة، وبات مشهوراً على صفحات التواصل الاجتماعي، وتتداول صفحته من قبل المعجبين كثيراً، حيث أضاف: «أظنّ أن تميّز أسلوبي هو الذي أدى إلى الوصول والانتشار السريع، لكن الفكرة ليست بالرسم فقط، إنما بالاستمرارية، إضافة إلى أن الأفكار والجمل المرفقة مع القصاصة ساهمت في فهم المتلقي للفكرة بسلاسة، وقد استخدمت شخصيات معروفة في أعمال فنية للربط بين الرسم والفكرة والخلفية؛ باقتباس جملة تعبّر عن "الكاركتر" الخاص بها وتناسب ما أريد، وكانت أول لوحة -إن صحّ التعبير- على طريقة القصاصات، بتاريخ 15 شباط 2015، شخصية "عبسي" من المسلسل الكرتوني "عدنان ولينا"، ثم فكّرت أن أقصّ حوافها كنوع من التغيير، وفكرت أن أضيف إليها جملة باللهجة الديريّة: (يا ولو!! شكون هالبرد يالله؟)، ثم صورتها بخلفية جوّ غائم، وفاجأني انتشارها، وفي اليوم التالي أعدت التجربة بقصاصة لـ"بسام كوسا"؛ وكان لها نفس التفاعل، فشعرت بأنه أسلوب ناجح، واستمريت به واحتكرته باعتباره غير مسبوق. ومؤخراً بدأت استخدام شخصيات كرتونية من ابتكاري بسبب ضغط الوقت؛ لأن الشخصيات الحقيقية تتطّلب مني وقتاً أكثر لرسم تفاصيلها».

أول قصاصة نشرها يمان

وعن مشاريعه المختلفة، يضيف: «مشروع أوراق الخريف كان يجسّد الحب بكل حالاته، لكن واجهتني بعض الصعوبات بسبب جفاف الأوراق، وكانت تتكسر أثناء تصويرها؛ وهو ما أدى إلى خسارتي لنصف الرسومات تقريباً، وكان التفاعل معها عالياً جداً، فمثلاً ألبوم "خريف وحب" حقق أكثر من 500 مشاركة على "الفيسبوك". أما عن مشروع "كاسات الكرتون الصغيرة"، فإن فرادته جاءت من كونه لم يسبق لأحد من العالم العربي الرسم بهذه الطريقة، فقط شخص كوري قام به من قبل، والفرق بيني وبينه أنه يرسم الناس مثل "بورتريه" من دون التركيز على الخلفية، لذلك لم أجد تفاعلاً كبيراً على أعماله، فقررت أن أرسم مشهداً كاملاً عن أماكن وليس أشخاص؛ وهذا جعلها أقرب إلى قلوب الناس وخصوصاً المغتربون، وأظنّ أنها الشريحة الأكبر التي تتابعني، وكنت أتمنى لو أستطيع أن أرسم مشاهد من كل "سورية"، لكن الظروف كانت ضدي، لكنني أطمح بالوصول إلى 100 فيديو من هذا الأسلوب على الأقل، وصعوبة هذا الأسلوب أنه لإنجاز "كاسة" يلزمني نحو 12 ساعة، إضافة إلى صعوبة الرسم على سطح منحنٍ، وأيضاً التفاصيل التي تحويها هذه المشاهد، ومنذ يومين أطلقت قناتي على اليوتيوب لاستخدامها لحفظ فيديوهاتي بدقة عالية وبالمدة الحقيقية».

ويضيف: «كان أهلي ضد فكرة أن أبدأ الرسم مع الدراسة لكي لا يؤثر هذا الأمر في دراستي، لكنني وجدت دعماً من أصدقائي الذين أهدوني مرسماً وألواناً مائية، كما أن تفاعل الناس مع أعمالي هو ما يحمّسني، ويشعرني بأن هناك من ينتظر أن يرى عملاً جديداً».

من ألبوم "خريف وحب"

وعن الصعوبات التي يواجهها وكيفية الترويج لأعماله، يقول: «الأكثر صعوبة من الرسم والابتكار هو الاستمرار؛ والموضوع المادي يرتبط مع الاستمرارية، لذلك غلاء الأقلام التي أستخدمها بالرسم هو إحدى الصعوبات، وكذلك وضع الكهرباء السيّء والإنترنت، والأكثر من كل ما سبق هو وضع البلد العام الذي يسبّب صعوبات في التصوير ببعض المناطق، لكنني لم أجعل هذه الصعوبات عائقاً لكي أستمر بما أفعل.

وما ساعدني بالترويج لأعمالي على مواقع التواصل الاجتماعي؛ هو نشر الكثير من الصفحات السورية والفنية لأعمالي مع نسبها إليّ».

من أعماله الأخيرة

ويضيف: «حالياً أعمل تطوعياً مع أكثر من صفحة إلكترونية وأكثر من فريق تطوعي؛ أشارك معهم بطريقتي بالترويج لحملة ما من خلال القصاصات، وما حمّسني للعمل مع (الباحثون السوريون) هو تبسيط العلم بالرسم، وما يميّز (الباحثون) أنه فريق حيوي، أضاف إليّ الدعم المعنوي، وأيضاً فرصة العمل في مجلة "المهندس الرقمي الصغير" جاءت من خلاله؛ حيث تواصلت "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية" معهم لطلب فرص عمل.

وحالياً أهمّ هدف لي هو الاستمرار بما أفعله الآن، لكن طموحي أن أكون مخرجاً سينمائياً».

يحدّثنا الدكتور"مهند ملك" صاحب مبادرة (الباحثون السوريون) عن رأيه الشخصي بموهبة "يمان" ورأيه المهني باعتباره متطوعاً سابقاً في المبادرة، ويقول: «هو من أكثر الشباب المثيرين للإعجاب الذين التقيتهم في السنوات الخمس الأخيرة، وقد تواصل معنا عن طريق أصدقائه الذين يعملون بالمبادرة؛ وأرانا بعض أعماله، فطلبنا منه العمل معنا؛ وأصبح شخصاً رئيساً في فريق التصميم.

طريقته بفعل الأشياء مختلفة كلياً، وهو شخص يفكر خارج الصندوق؛ وهذا ما يميزه».

وأضاف صانع الأفلام "سيف الدين دقوري" الذي أنتج مؤخراً فيديو لمشروع "يمان" "أوراق الخريف": «رأيي بـ"يمان" لا يختلف عن رأي الكثيرين من الأشخاص، إنه شخص مبدع ومميز. وبالنسبة إلى فكرة الرسم على ورق الخريف؛ فهي فكرة جديدة ومميزة، وبالتأكيد فيها صعوبة كبيرة بسبب طبيعة الورقة.

وما ألهمني لإنتاج الفيديو القصير "قصة الخريف"، هو أنني رأيت مشاهد مرسومة رائعة بكل معنى الكلمة؛ فالدمج بين أفكار فنية مختلفة ينتج مزيجاً جميلاً».

يذكر أن "يمان صادق" من مواليد 1992، مدينة "دمشق" حيّ "الميدان، وهو طالب سنة خامسة هندسة طبية.