ثمة وجوه وأحداث وأسماء لا يمكن أن تمحى من الذاكرة، ومن هؤلاء الفنان الكبير "هاني الروماني" الذي قدم للفن السوري العديد من الأعمال الدرامية، سواء في المسرح أو التلفزيون أو السينما وعلى الصعيدين التمثيلي والإخراجي.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 10 تشرين الثاني 2014، الأستاذ "طه المحمد" صاحب موقع "إيمار" الإلكتروني، في منزله بـ"دمر"، وبدأ حديثه عن "الروماني" قائلاً: «ولد "هاني الروماني" في حارة شامية في 27 آب 1939، والده كان تاجراً وسياسياً في عهدي الانتداب والاستقلال وأيضاً عضواً في الكتلة الوطنية، أما الوالدة فكانت مثقفة من عائلة لبنانية شهيرة، وكانت تحرص على تعليم أولادها اللغات الأجنبية ولهذا يخطئ بعضهم عندما يظنون أن "هاني الروماني" تخرّج في قسم اللغة الإنكليزية، في حين أنه كان متقناً للغة منذ صغره.

للفنان الكبير "هاني الروماني" مشاركة في السينما المصرية بفيلم "حبيبتي" إخراج "هنري بركات"، وكان أحد أبطال الفيلم إلى جانب "فاتن حمامة، محمود ياسين"، وآخر فيلم شاركه في مسيرته السينمائية هو "دمشق تتكلم" عن سيرة "بولس" الذي كان يدعى "شاوول" وهو متوجه إلى "دمشق" لمحاربة المؤمنين، والفيلم من إخراج "خالد الخالد" وتأليف الإعلامية "ميساء سلوم"

وقد أعطى الفنان "هاني الروماني" للفن زهرة شبابه وعصارة تجاربه المتعددة، ومن أجله ترك كلية "الطب" وكان في السنة الخامسة وذهب إلى المكان الأثير إلى نفسه، فانتمى إلى ندوة "الفكر والفن" التي أسسها "رفيق الصبان" أواخر الخمسينيات، وقد انتخب في منتصف السبعينيات لعضوية إدارة مجلس نقابة الفنانين في دورته السادسة، كما شغل منصب نائب نقيب الفنانين، كما تسلم منصب المدير المسؤول لمجلة "فنون" التي أصدرتها نقابة الفنانين عام 1974، وانتخب في ذات الوقت عضواً في مجلس الشعب».

الروماني في إحدى شخصياته

ويتابع: «البداية كانت في كتابة الشعر والقصة ثم حدثت التحولات عندما تعرف المسرح وتابع حضور أفلام نادي "السينما"، وعندما انتمى إلى ندوة "الفكر والفن"، حينها كان "هاني" في التاسعة عشرة من عمره، وقد شارك في أداء عدة مسرحيات، منها: "الليلة الثانية عشرة، ماكبث" لشكسبير، و"أنتيغون" لسوفوكليس، و"فجر البنادق" للوركا، كما شارك في أعمال كتبها "موليير، توفيق الحكيم.."، ومن أدواره على المسرح أداء شخصية "شايلوك المرابي" في مسرحية "تاجر البندقية"، وأيضاً شخصية "هنري" في "موتى بلا قبور" لسارتر، وشخصية "الحرامي" في "الحضيض" لغوركي».

ويضيف: «مع ظهور التلفزيون، بدأ المسرحيون الشباب يقدمون المسرح على الشاشة الصغيرة، وكونت فرقة تلفزيونية لهذا الغرض أطلق عليها فرقة "الفنون الدرامية". ويبدو أن "هاني الروماني" امتلك رؤيا مستقبلية فاستهواه التلفزيون وهو لا يزال حديث العهد عند المشاهدين، فأصبح في عداد العاملين فيه ابتداء من عام 1963، وشارك في عدد من الأعمال الدرامية، ثم اتجه إلى الإخراج التلفزيوني وكان أول عمل له عام 1966 بعنوان "فجر الاستقلال"، والعنوان ينبئ عن مضمونه، ولقيت اللعبة التلفزيونية هوى في نفسه فعمل مخرجاً وممثلاً، وحقق أعمالاً شهيرة سجلت بسطور بارزة في تاريخه الفني وبقي وفياً للتلفزيون حتى نهاية مسيرته الفنية والحياتية.

طه المحمد

نذكر له في الإخراج: "الوعد، الزيناتي خليفة عام 1972، ألوان وظلال – عام 1977.."، وفي الثمانينيات قدم عملين هما: "الدروب الصغيرة، أمنيات صغيرة"، وفي بداية التسعينيات أخرج "حد السيف" عن الصراعات العربية في "الأندلس"، وأهم أعماله الإخراجية كان "حمام القيشاني" من إنتاج التلفزيون السوري بأجزائه الخمسة؛ تحدث كل جزء عن مرحلة تاريخية سياسية من تاريخ "سورية" المعاصر، ابتداءً من عام الاستقلال وحتى ثورة الثامن من آذار، حيث أنهى هذا العمل الكبير عام 2003».

وعن أدائه التمثيلي يقول: «يتمتع أداء "هاني الروماني" التمثيلي بنمط خاص بدأه بداية السبعينيات، ولا بد أن نذكر شخصية المقدم في مسلسل "دليلة وزيبق" للمخرج "شكيب غنام"، حيث يخوض صراعاً طريفاً مع "الزيبق" وأمه، وأيضاً دور الحلاق "حسني" في مسلسل "حارة القصر" للمخرج "علاء الدين كوكش"؛ وفي هذا العمل يلعب صراعاً مع أحد الأغنياء حيث يحاول الأخير الحصول على حبيبته، والشخصية المبدعة التي يلعبها في مسلسل "بصمات على جدار الزمن" ودوره الكاهن "شبتاي"، كما قام بأداء شخصيات عديدة لا تقل أهمية وتميزاً وإبداعاً عن سابقاتها في الكثير من المسلسلات، نذكر منها الأعمال: "هجرة القلوب إلى القلوب، نهاية رجل شجاع، الجوارح..."، وآخر دور له كان بمسلسل "دليلة وزيبق" بنسخته الجديدة».

"دليلة وزيبق" بنسخته الأخيرة

وعن مسيرة "الروماني" السينمائية يقول "المحمد": «خاض "هاني الروماني" غمار السينما في ذروة فورتها الإنتاجية في السبيعينيات، والنصف الأول من الثمانينيات، ومع أن السينما "السورية" بدأت تنشط في منتصف الستينيات، ومع إقدامه على المشاركة في أفلام عدة إلا أنه كان من الواضح حذره من المشاركة السينمائية، فعدد الأفلام التي شارك فيها هو اثني عشر فيلماً، ونلاحظ تنوعاً واضحاً في شخصياته السينمائية، فلا تشبه شخصية الأخرى، كما طال التنوع الشخصيات من تاريخية ومعاصرة وتراجيدية وميلودرامية، وما يلفت عدم مشاركته في أدوار عاطفية، وكانت له مشاركات في أفلام ذات طابع نضالي وطني وأفلام عن صراع الاجتماعي.

كان أول أفلام الفنان "هاني الروماني" في عام 1968 بعنوان "اللص الظريف"، من إخراج "يوسف عيسى" وبطولة "نهاد القلعي، دريد لحام، نيلي"، وأدى فيه دور "لطيف بك" رئيس مجلس إدارة شركة يعمل فيها ابن أخيه "عصفور"، حيث لعب هذه الشخصية "دريد اللحام". وفي عام 1970 شارك في فيلمين يتحدثان عن العمليات الفدائية ضد الاحتلال الصهيوني، الأول بعنوان "ثلاث عمليات داخل فلسطين" إخراج "سيف الدين شوكت"، ويتحدث عن ثلاثة ثوار نذروا أنفسهم لفلسطين يقومون بثلاث عمليات بعضها يعود بنجاح وبعضهم يستشهد، والثاني "عملية الساعة السادسة"، من إخراج ذات الشخص، وأدى فيه "الروماني" دور جنرال إسرائيلي لم يكن همه سوى إخضاع الفلسطينيين والقضاء على المقاومة، ومن الأفلام المهمة التي شارك فيها أيضاً: "المغامرة، وجه آخر للحب، المطلوب رجل واحد، إمبراطورية غوار، الحدود..."».

وأنهى "طه المحمد" حديثه قائلاً: «للفنان الكبير "هاني الروماني" مشاركة في السينما المصرية بفيلم "حبيبتي" إخراج "هنري بركات"، وكان أحد أبطال الفيلم إلى جانب "فاتن حمامة، محمود ياسين"، وآخر فيلم شاركه في مسيرته السينمائية هو "دمشق تتكلم" عن سيرة "بولس" الذي كان يدعى "شاوول" وهو متوجه إلى "دمشق" لمحاربة المؤمنين، والفيلم من إخراج "خالد الخالد" وتأليف الإعلامية "ميساء سلوم"».

أما الإعلامي "حسين خليفة" فيقول: «الفنان الكبير "هاني الروماني" ممثل مسرحي بالدرجة الأولى ومنها انطلق نحو التمثيل التلفزيوني والسينمائي، وبين هذا وذاك كانت له تجارب كثيرة في الإخراج التلفزيوني، وميزة "هاني الروماني" أنه لم يفشل في مكان لينتقل إلى مكان آخر فهو حرفي ماهر على خشبة المسرح تماماً كما هو ممثل من طراز خاص أمام كاميرا السينما والتلفزيون في أدوار مختلفة وألوان درامية متعددة، وبنفس القدر من الحرفية وقف مخرجاً خلف الكاميرا التلفزيونية».

توفي الفنان الكبير "هاني الروماني" 2 شباط 2009، عاش نحو سبعين عاماً قضى منها نحو نصف قرن بين مختلف الفنون السينما والمسرح والتلفزيون.