نشأ في بيئة فراتية منحته القدرة على تشكيل لوحاته بمفردات ومفاهيم النهر والتراب والأشجار، كما كان للمرأة دورها المميز في هذا التشكيل البعيد عن الالتزام بمدرسة معينة تحد من حرية ريشته.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 26 تشرين الأول 2014، الفنان "إبراهيم الحميد"، الذي قال: «أنا من مواليد "البوكمال" 1959م، خريج كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق" عام 1986م، تولدت لدي فكرة الرسم منذ الصغر فالطفل بطبيعته يعبر عن شخصيته إما بالرسم أو بصورته، وأنا اكتشفتني الظروف لكوني أعيش في "الفرات" فمنطقة الفرات السورية وحضاراتها المتلاحقة عبر العصور، مثلت لدي منذ الصغر لوحة فنية بكل مدلولاتها ومفرداتها صورة عبرت عن نبض الحياة متجلية في زرقة ماء الفرات، وخضرة الواحات واللون الأصفر الذي يعبر عن رمال البادية».

الفنان "إبراهيم" من الفنانين المتميزين، فلوحاته تعبر عن تراث المنطقة الشرقية وخاصة الفرات، كما أن ألوانه لا تخرج عن عجينة الفرات التي أقرب ما تكون إلى الألوان النارية، مر بمجموعة من المراحل منها الواقعية، بعد ذلك أخذ يلخص الشخوص، إلى أن تفرد بأسلوب خاص به

ويتابع: «بعد تخرجي في الجامعة لزمت مرسم "المدرس" رحمه الله ثماني سنوات كنت متدرباً عنده، علمني أبجدية اللون، وكيف أقرأ اللوحة التشكيلية وأفهم العمل الفني، في الجامعة ندرس الرسم ونتعلم كثيراً من القضايا الفنية، لكن إنتاج اللوحة وتهيئة معرض شخصي شيء آخر يحتاج إلى فكر وموقف، وهذا اكتسبته من معايشتي للفنان "المدرس"، كنت أتأمله وهو يعجن ألوانه وكيف ينتقيها، لقد كان يدرس كيميائية الألوان ويعرف كيف يفرش دسامة اللون بضربة واحدة من فرشاته أو سكينه، وهي حالة نضج فني عالٍ».

من أعمال الفنان إبراهيم

وعن وجه المرأة الذي يحاول من خلاله إيصال أفكاره ومشاعره ورؤاه عن العالم، يقول: «أستند إلى المرأة الأم قبل كل شيء، حتى عندما أصور بعض التفاصيل الأنثوية في جسدها أو تفكيرها، فأهدف من وراء ذلك إلى إبراز قدسية أمومتها ومكانتها العالية في الحياة عموماً، فضلاً عن أنها الأم، الأخت، الزوجة، والصديقة والحبيبة فهي نصف المجتمع، وأحلى هدية أعطيت للرجل، فالمرأة زهرة الربيع وروح الحياة، والنبع الفياض بالحب والحنان والعطاء في هذه الحياة».

ويضيف "عبد الحميد" بالقول: «أنا منتج من حضارة قديمة، ولا بد أن يظهر أمامي الأثر المخزون الذي نشأت عليه واكتسبته، لذا ترسخت أعمالي حول منطقة الفرات ونساء الفرات، وعبرت عنها بمفرداتي التشكيلية منذ أيام "عشتار" وصولاً إلى بلاد ما بين النهرين، مضيفاً إليها المفاهيم التاريخية وثقافة المنطقة ورموزها وموروثها البيئي والثقافي لأنتج في النهاية عملاً فنياً تشكيلياً خاصاً بالمنطقة، كما أن ألوان التراب الفراتي أشبه ما تكون بألوان الشمس».

الفنان إبراهيم الحميد

وأشار: «بعد ثلاثين عاماً من الإبداع، أيقنت أن الفن المعاصر لا يعتمد على مدرسة معينة، فأمارس حريتي في التعبير بعيداً عن الالتزام بأية مدرسة فنية بعينها، لأنني أستطيع أن أمزج المدارس الفنية كلها، وهذا ما يعطي حرية كاملة للفنان أن يمارس أسس التعبير ووضع ألوانها من دون أي قيود مدرسية، لأن الفنان يشتغل بعواطفه ولا يستطيع أن يخرج من واقعه، لأن الفن منبع، وليس دكاناً يفتح ويغلق متى يشاء».

أما عن اللون في تجربة "الحميد" فيقول: «أنا مولع بالألوان النارية الأصفر والبرتقالي والأحمر بكل مشتقاته دون أن يغيب لون ماء الفرات الأزرق، فأنا أبتكر الألوان من البادية الفراتية البعيدة التي مازلت أحتفظ بمكانتها في قلبي ومخيلتي، كما أن اللون حاجة داخلية مرتبطة بالظروف النفسية، لذا تراني منحازاً إلى اللون الأحمر الحار، لأن بيئتي الفراتية حارة، وكل سطوح التربة والصحراء تعكس أثر هذا اللون».

وختم "الحميد" حديثه بالقول: «أنا فنان صحفي أرسم "الموتيفات"؛ وهي عبارة عن رسم تزييني لنص أدبي أو شعري، أو لغلاف كتاب، و(الموتيف) جنس من أجناس الرسم والتصوير المكرس لتوضيح وتأكيد وإبراز مضمون قصيدة، أو قصة، أو مقالة أدبيّة أو علميّة على هذا الأساس، هو نص بصري، مواكب يتماهى مع النص المكتوب، أو هكذا يجب أن يكون، ويجب أن تتوفر في المشتغلين على هذا النوع من الفن التشكيلي المنضوي ضمن أسرة فنون الكتاب».

وفي اتصال هاتفي مع الفنان "قحطان الطلاع" الذي تحدث عن أعمال "الحميد" بالقول: «الفنان "إبراهيم" من الفنانين المتميزين، فلوحاته تعبر عن تراث المنطقة الشرقية وخاصة الفرات، كما أن ألوانه لا تخرج عن عجينة الفرات التي أقرب ما تكون إلى الألوان النارية، مر بمجموعة من المراحل منها الواقعية، بعد ذلك أخذ يلخص الشخوص، إلى أن تفرد بأسلوب خاص به».

يذكر أن "الحميد" خريج كلية الفنون الجميلة، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين العرب، عضو اتحاد الصحفيين العرب، له العديد من المعارض الفردية والمشتركة.‏