عاد العاشق للمسرح التجريبي "زيناتي قدسية" ليلقي بظلال مخيلته المسرحية، أفكاره واستقراءاته التي رسمها من وحي الأزمة السورية نصاً مسرحياً درامياً، ليضع المشاهد أمام خيارين لا ثالث لهما بـ"إكليل الدم".

عقب انتهاء العرض، مازال "قدسية" يتنفس بصعوبة نسيج كلمات "إكليل الدم" ضمن حوار درامي مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 4 أيلول 2014، حيث يقول: «أي حدث درامياً كان، أم واقعياً، لا بد أن تكون له حكاية تروى عبره، وهذه قاعدتي في صياغة وكتابة أي عمل مسرحي، لكن ما جاء بـ"إكليل الدم" مختلف تماماً عما أنجزته خلال مسيرتي المسرحي بطريقة تناول حدث الحكاية كنص درامي يتناول قضية الوطن وموقف الإنسان منها بشكل عام، والمواطن العربي وبالذات السوري بشكل خاص، ما جاء في العرض كلمات، نحن كشعوب نعيش تأثيراتها السلبية والإيجابية بحسب مستخدمها وممارسته علينا، العدالة، الحرية، الاستبداد».

هذا العمل مختلف عن أعمال "زيناتي قدسية" السابقة، لكنها واحدة في التوجه العام، "إكليل الدم" استمرار لمقاومة الطاغية ونبذ العنف وتعرية مقولة "الصديق وقت الضيق"، فالدولة التي تقاوم لاسترداد حقها في الأمن والأمان هناك من يمنعها من أخذه، وهناك من يقف محايداً

ويضيف: «حاولت عبر بروفات العمل بالتعاون مع الممثلين والفنيين أن نجسد كل كلمة من هذه الكلمات حدثاً درامياً يتم طرحه عبر حكاية يقوم شخوص المسرحية الذين نأوا بأنفسهم عما يحدث في واقعهم بتملكهم الخوف والرهبة بتفسيرها للضيف الزائر، لكن الضيف هو الآخر ينأى بنفسه، حيث يتكشف للمشاهد أنه هو أيضاً لديه الكثير من الآثام ورغبةً منه أن ينظف ما في داخله من شرور كثيرة، لكنه سرعان ما يكتشف أن هذه المجموعة من الأشخاص التي لجأ إليها في هذه المنطقة الجغرافية العجيبة الغريبة بعيدة عن الناس والبشر، ما يزيد من ألمه وآثامه ليخرج في النهاية من المكان برمته».

زيناتي قدسية

الكثير من المعاناة والقسوة ضمن مساحات من إشارات ورموز تومئ بحيثيات القصة المسرحية، ضمن هذا القالب الدرامي المسرحي من خلال أسلوبية الإيطالي "لويجي بيراندلو" المسرح داخل المسرح، اعتمد "قدسية" بعمله "إكليل الدم" على نفس اللعبة ليوصل شخصيات عمله إلى خط النهاية، ويضيف: «ليكونوا أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يكافحوا مع بلدانهم ضد الإرهاب والظلم، وإما أن يظلوا معزولين في المكان الذي هربوا إليه من واقعهم الذي لا يريدون أن يغيروا فيه شيئاً، وهذا حتماً سيعرضهم لسياسة جز الرؤوس التي يتبعها الإرهاب، وهذا ما تم طرحه في المشهد الأخير من العرض».

يقول الناقد "ماهر خليل": «هذا العمل مختلف عن أعمال "زيناتي قدسية" السابقة، لكنها واحدة في التوجه العام، "إكليل الدم" استمرار لمقاومة الطاغية ونبذ العنف وتعرية مقولة "الصديق وقت الضيق"، فالدولة التي تقاوم لاسترداد حقها في الأمن والأمان هناك من يمنعها من أخذه، وهناك من يقف محايداً».

فريق العمل

"عبد الناصر حسيان" من متابعي أعمال "قدسية" يقول: «يتميز أي عمل فني بمحاكاته للواقع المعاش وطريقة طرحه وتناول الحدث بطريقة فنية حيث يلامس كيان وأحاسيس المشاهد، و"إكليل الدم" وضعنا كمشاهدين ومتفرجين أمام خيارين لا ثالث لهما، استطاع "زيناتي" بعمله أن يطرح قضايا تمسنا بطريقة الحدث المحكي عبر شخصيات العمل ليترك الخيار لنا أن نصدر قراراً إزاء ما يحدث».

الجدير بالذكر أن عرض "إكليل الدم" من إنتاج وزارة الثقافة، مديرية المسارح والموسيقا، المسرح القومي، ومن تمثيل كل من الفنانين: "أسامة التيناوي، قصي قدسية، رائد مشرف، أسامة جنيد، خلدون قاروط، فادي الحموي، زهير البقاعي، سامر الجندي، جمال تركماني، مروة العيد، زيناتي قدسية".‏

مشهد من العرض

كما يتكون الفريق الفني من مخرجة مساعدة ودراماتورج "سهير برهوم"، ومساعد مخرج "نوفل حسين"، ومشرف الإضاءة "نصر الله سفر"، وتصميم الديكور والإعلان "زهير العربي"، وتصميم الإضاءة "بسام حميدي"، وتصميم الرقص والحركة "جمال سليم تركماني"، وتصميم الأزياء "هشام عرابي"، ومكياج "ريما عرابي"، وإعداد موسيقي "قصي قدسية"، وتنفيذ فني للديكور "سامي حريب"، ومدير المنصة "رامي السمان".‏