يؤمن أن كل شخص هو حالة خاصة ومختلفة عن غيره، وبرأيه الاحتراف شرط أساسي لإبداع الموسيقي ونجاحه، إنه الموسيقي وعازف الباصون "طوني الأمير".

مدونة وطن "eSyria" التقته بتاريخ 17 تموز 2014، إذ بدأ حديثه بالقول: «أنا من مواليد مدينة "دمشق" 1977، نشأت ضمن عائلة موسيقية، فأختي التي تكبرني سناً موسيقية؛ لكنها تميل إلى الموسيقا الشرقية وتدريس مقاماتها، وهي قائدة "جوقة الفرح" قسم الجامعيين، فكان لوجودها دور كبير في دخولي المجال الموسيقي، كنت شديد الميل للاستماع، وأحلم دائماً بالتمكن من إتقان العزف على آلة موسيقية في المستقبل، فبدأت تعلم العزف على آلة "الناي"، إلا أنني وجدت في نفسي نزوعاً أكبر نحو الموسيقا الكلاسيكية، التي أستمتع بها جداً أكثر من أي نوع آخر، حينذاك قررت أن أكمل دراستي في المعهد العالي للموسيقا، وكان هناك حاجة كبيرة إلى عازفين على بعض الآلات الموسيقية للأوركسترا السيمفوني التي يندر عازفوها، فبدأت التدريب على "الباصون" وعلى أساسها دخلت المعهد العالي، وتتلمذُت على يد الأستاذ الروسي "فاليري كريفالوب"، ثم الأستاذ "فاليري لوبوف"، وتخرجت فيه بدرجة جيد جداً عام 2003، اختصاصي في آلة "الباصون" بشكل رئيسي، تلك الآلة الغربية النادرة والدخيلة على مجتمعنا، فلا يعرفها سوى المتخصصين في الموسيقا، بسبب انحصار استعمالها في الفرق الأوركسترالية؛ حيث تؤدي دوراً مهماً وتعطي أصواتاً جميلة».

يتميز بجديته وتفانيه في العمل، إضافة إلى رغبته المتواصلة في التعلم والتطور، وعلى الرغم من صعوبة آلة "الباصون" وندرة عازفيها، فقد صمم على تجاوز الصعوبات ومراحل التعليم، ليستطيع وخلال فترة قصيرة نسبياً بالنسبة لهذه الآلة، إثبات نفسه كعازف منفرد في عدة حفلات فردية، إضافة إلى مشاركاته مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية، سواء كعازف ضمن التشكيلة، أم كعازف منفرد بتقديمه كونشيرتو الباصون للمؤلف "موزارت" في الموسم الحالي

وعن نشاطاته ومشاركاته الفنية يتابع: «أنا عضو في الأوركسترا السيمفونية الوطنية السورية من العام 2003، وقد شاركت معها في حفل افتتاح دار الأوبرا في ذات العام، وفي معظم حفلاتها داخل "دمشق"، وخارج "سورية" في البلدان: "لبنان، دبي، الجزائر، عمان، ألمانيا، إيطاليا"، وقد قدمت لي هذه المشاركات الكثير من الخبرة والنضج الموسيقي، فالعزف ضمن الأوركسترا السيمفونية يختلف تماماً عن العزف المنفرد، إضافة للاستفادة الكبيرة من خبرة قادة الأوركسترا السوريين أو الأجانب الذين عملنا معهم في حفلات ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها، ومن المشاركات المهمة التي أضافت لي الكثير أذكر أوبرا "زواج فيغارو" لـ"موزارت" مع الأوركسترا السيمفوني بقيادة المايسترو الألماني "كالمار"، و"ميوزيكال أوليفر"، وصولو كونشرتو "موزارت" للباصون مع الأوركسترا السيمفوني بقيادة المايسترو "ميساك باغبودريان"، كما أذكر أيضاً أمسية "باصون" مع "بيانو" في دار الأوبرا، وقدمت فيها أعمال لـ"فيفالدي، موزارت، سان سان"».

خلال إحدى حفلاته

وعن دور الموسيقا وأثرها في حياة الناس قال "الأمير": «تلعب الموسيقا دوراً محورياً ومهماً في حياة الإنسان على الصعيدين الروحي والجسدي، فالمستمع العادي يتأثر بما يقوله الموسيقي مترجماً إحساسه، فتراه يتفاعل معه ويشعر به، وبالنسبة للموسيقي فإن حياته بالمجمل ترتبط بالموسيقا، ومن الصعب جداً أن يمر يومٌ دون أن يعزف مقطوعةً أو اثنتين على الأقل، وفي أسوأ الأحوال يكتفي بالاستماع، لذلك أستطيع تلخيص رسالتي الفنية في حبي لآلة "الباصون" وحرصي على تعريف الآخرين بالموسيقا الكلاسيكية بشكل عام؛ وآلة "الباصون" وسحرها بشكل خاص».

وعن عمله كمدرس لآلة "الباصون" وعلاقته بالطلاب يقول: «أنا أدرِّس آلة "الباصون" للأطفال في أوركسترا وزارة التربية، وفي معهد "صلحي الوادي" منذ عام 2000، ومؤخراً بدأت التدريس في المعهد العالي للموسيقا، أما بالنسبة للطلاب فتربطني بهم علاقة صداقة قوية دون النظر إلى أعمارهم، وأعتمد في بداية الأمر على تعريفهم بالآلة وإمكاناتها بشكل كامل، حيث تنشأ بينهم وبين هذه الآلة علاقة ارتباط وحب، ومن هنا أؤكد ضرورة توافر الموهبة التي لا تغني عن العمل الجاد والدراسة الأكاديمية للوصول إلى النجاح، وتعلم الموسيقا يتطلب بدء التدريب من الأعمار الصغيرة، وبطبيعة وجودي كمدرس لآلة الباصون ومشرف على آلات النفخ الخشبية في أوركسترا وزارة التربية، أؤكد ضرورة رعاية المواهب الصغيرة والشابة، وأعتبر ذلك أمراً ضرورياً لخلق جيل موسيقي أكاديمي في المستقبل، ونحن نحاول بشكل مستمر البحث عن المواهب الشابة من خلال جولاتنا على المدارس لاستقطاب الموهوبين والعمل على صقل قدراتهم».

مع المايسترو ميساك باغبودريان.

ويضيف: «من أهم العوامل التي تؤدي إلى نجاح الموسيقي هي التفرُّغ شبه التام، وإيلاء الدراسة والتدريب الوقت الأكبر، كي يستطيع أن يبدع، فمن أسوأ الأمور أن يتعامل الموسيقي مع عمله فقط كوسيلة للكسب المادي، لأن ذلك يقتل الإبداع، وهنا تقع بعض المسؤولية على الجهات المعنية بالحركة الثقافية العامة، فالاهتمام بالمواهب والعازفين موجود؛ لكنه غير كافٍ من جميع النواحي، ما يضطر الموسيقي للعمل في مجالات مختلفة من أجل حياته المادية، ويكون بذلك نموذجاً لكل هاوٍ، إذ يعرف المصير الذي ينتظره، فتراه يعزف عن الموضوع بدلاً من أن يعزف على آلته».

ومن أساتذته التقينا الموسيقي الأستاذ "أندريه معلولي" عميد المعهد العالي للموسيقا، إذ قال عنه: «"طوني" فنان موهوب، دخل المجال الفني من طريق شائك وصعب لأنه اختار آلة موسيقية غير معروفة وخارجة عن ثقافتنا العربية، له رسالة مهمة وهي إيصال آلته الموسيقية التي أحبها إلى أكبر عدد ممكن من الموسيقيين من خلال نقلها للأطفال، وهذا أمر بالغ الأهمية يساهم في إنشاء جيل موسيقي يتقن اختيار الآلة التي يحس بها، وتلامس مشاعره ويحبها، كما يتميز "طوني" بعمله كعازف في الفرقة السيمفونية الوطنية، هو فنان ملتزم، يتعامل مع الموسيقا والموسيقيين بمنتهى الاحتراف».

ثنائي مع ساندبل نخلة

كما كان لنا لقاء مع المايسترو "ميساك باغبودريان" قائد الفرقة السيمفونية الوطنية، الذي قال عنه: «يتميز بجديته وتفانيه في العمل، إضافة إلى رغبته المتواصلة في التعلم والتطور، وعلى الرغم من صعوبة آلة "الباصون" وندرة عازفيها، فقد صمم على تجاوز الصعوبات ومراحل التعليم، ليستطيع وخلال فترة قصيرة نسبياً بالنسبة لهذه الآلة، إثبات نفسه كعازف منفرد في عدة حفلات فردية، إضافة إلى مشاركاته مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية، سواء كعازف ضمن التشكيلة، أم كعازف منفرد بتقديمه كونشيرتو الباصون للمؤلف "موزارت" في الموسم الحالي».