فن "الرسم بالرصاص" هو نوع من أنواع الفنون التشكيلية الأولى، والخطوة الأهم للانتقال إلى عالم الألوان، ومن يمتلك تقنيات هذا الفن فقد امتلك رسم ألوان الرماديات، وأبدع في إنشاء علاقات لونية بالأبيض والأسود..

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 26 حزيران 2014، الفنانة "سوسن الزعبي" (دكتورة مدرّسة في قسم الاتصالات البصرية – كلية الفنون الجميلة)، التي تحدثت عن فن "الرسم بالرصاص" بالقول: «تعدّ تقنية الرصاص تكنيكاً فنياً لا ينقرض أبداً فهو بداية لتعلم الرسم، وعلى الرغم من الدور الذي يأخذه كل من الألوان والتقانات والموهبة والخبرة، إلا أن للرصاص الدور الأساسي في مرحلة التأسيس، ويتميز هذا الفن بأنه مفتوح وسهل الاستخدام أي إنه قابل للمحي، في حين تحتاج الألوان إلى حرص أكثر ولا سيما مع وجود أنواع مختلفة من الألوان، وبالتالي "الرسم بالرصاص" يعطي قوة وثقة للرسام حتى بالنسبة للمبتدئين».

هناك فنانون معروفون يستخدمون الأبيض والأسود والفحم وقاموا بأعمال مميزة في هذا المجال، مثل الفنان "رضا حاج خضر" الذي تميز في فن "الرسم بالرصاص" وأبدع من خلاله، ويمكن القول إن ما يميز فن "الرسم بالرصاص" عن غيره من تقنيات الرسم أنه أقرب إلى فن الغرافيك، إضافة إلى أنه يمكّن الرسام من الإحساس بالألوان من خلال درجات الأبيض والأسود

وتضيف: «تقنية "الرسم بالرصاص" ليست محدودة كما يعتقد البعض، حيث يمكن رسم أي نوع فني بواسطة الرصاص، لذا يتم تدريس هذا الفن لطلاب السنة الأولى والثانية في كلية الفنون الجميلة، حيث يطلب منهم النسخ الدقيق بواسطة الرصاص ليتعرفوا تماماً على التقنيات الواسعة لهذه المادة، وهناك أنواع لهذه التقنية فمن الممكن أن يكون القلم من نوع h أو b وبتدرجاتهما، أي من h وإلى الأعلى ومن b وإلى الأدنى، وكلما ارتفع رقم h أصبح اللون أقسى وأفتح لوناً، وكلما أنخفض b ازداد اللون طراوة وغمقاً حتى يصبح في أدنى درجة منه مثل المعجون، بينما يصبح h في أعلى درجة مثل المسمار، واختلاف الدرجات هذا يظهر في الرسم بشكل واضح، وبالنسبة لغير المحترفين فيمكنهم الرسم بالدرجة hb وهي الدرجة المتوسطة، أو أخذ درجة أعلى أو درجة أقل ليتعلموا التمييز بين اللون الفاتح واللون الغامق في الرصاص».

الفنانة د."سوسن الزعبي"

وتتابع: «هناك فلسفة لاختلاف ألوان الرصاص بين الغامق والفاتح ودرجات الأبيض والأسود، إضافة إلى درجات الرمادي وذلك عند رسم الظل أو الضوء، وهنا يمكن تشبيه ذلك بالخير والشر ودرجاتهما، أو النور والظلام، وعلى الرغم من سهولة استخدام الرصاص بالرسم إلا أن أي رسام يحتاج إلى إبداع حتى يكون قادراً على إظهار هذه الفلسفة، ومن يتملك تقنيات الرصاص يكون قد ملك الرماديات، التي هي أساس اللون، فكل لون له لون يقابله بدرجة الرصاص من h وأعلى إلى b وأدنى».

أما الفنان يوسف البوشي (رئيس قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة) فيقول: «قلم الرصاص أداة تعليمية للمبتدئين ليتمكنوا من خلاله رسم العناصر والمشاهد التي يمروا بها بدقة، ومن خلاله يتعلمون كيف يمكن تدريج اللون وإنشاء علاقات لونية بالأبيض والأسود، وعندما يستطيعون تسجيل اللون بالرماديات يصبح الدخول في مجال اللون أسهل، حيث إن "الرسم بالرصاص" يمكّن من إظهار الإحساس باللون وقيمته، وعلى الرغم من أن قلم الرصاص أداة تعليمية للمبتدئين إلا أن الفنانين عندما يريدون القيام بدراسات للوحة ما، قد يستخدمون "الرسم بالرصاص"، خاصة عندما يحاولون استرجاع مشاهد مرت بذاكرتهم أو حتى عندما يمرون بمشهد ما ويريدون تسجيل ذلك المشهد بشكل سريع، أي إن قلم الرصاص من الممكن أن يكون أداة لتسجيل لحظة ما، أو مخزون بصري معين».

الفنان د."يوسف البوشي"

ويضيف: «هناك فنانون معروفون يستخدمون الأبيض والأسود والفحم وقاموا بأعمال مميزة في هذا المجال، مثل الفنان "رضا حاج خضر" الذي تميز في فن "الرسم بالرصاص" وأبدع من خلاله، ويمكن القول إن ما يميز فن "الرسم بالرصاص" عن غيره من تقنيات الرسم أنه أقرب إلى فن الغرافيك، إضافة إلى أنه يمكّن الرسام من الإحساس بالألوان من خلال درجات الأبيض والأسود».

أما الرسام "أحمد بندقجي" (طالب ماجستير في كلية الفنون الجميلة) الذي شارك مؤخراً في معرض متخصص بفن "الرسم بالرصاص"، فيقول: «أجد أن "الرسم بالرصاص" هو الفن الأقرب لنقل الصورة الواقعية وخاصةً في مجال رسم البورتريه من خلال تدرجات الرمادي الذي يعطي أي تفصيل يريده الرسام إذا كان قادراً على امتلاك تلك التقنية، ولا أحد ينكر أن كل الفنانين والرسامين الكبار لم ينتقلوا إلى الفنون الأخرى من الرسم بمختلف أنواع الألوان، قبل أن يكونوا قد تمكنوا فعلاً من الإبداع في مجال "الرسم بالرصاص" وفهم عمقه وامتلاك تقنياته».