موسيقيين، عازفين، فرق جاز سورية وجمهور بدأ يتذوق هذه الموسيقى المعاصرة التي انتشرت في سورية خلال السنوات الأخيرة، وهذا ما يتلمسه كل متتبع للمهرجانات التي أقيمت في قلعة "دمشق" ووصولاً إلى الحفلات الخاصة التي قدمتها فرقة "أروكستر الجاز السورية"، حتى بات الجمهور السوري يترقب خطوات موسيقينا الذين استقطبوا أنظار المختصين العالميين إلى "دمشق" عاصمة الياسمين.

موقع "eSyria" بتاريخ 29/4/2010 حضر أمسية موسيقى الجاز التي قدمتها "أوركسترا الجاز السورية" بقيادة "ولفغانغ ديفن باخ" الموسيقي العالمي في مجمع "دمر" الثقافي، حيث قدمت الفرقة قطع موسيقية معاصرة ألفها المايسترو "باخ" من خلال ورشة عمل مع الموسيقيين السوريين الذين مزجوا أحساسهم الموسيقي مع خبرة "باخ" ليقدموا لنا أمسية لها خصوصيتها العالمية كما أخبرنا المعنيين في الفرقة.

إنني أبحر مع هذه الموسيقى التي تطورت بشكل سريع في سورية، فدمج الآلتين الشرقيتين "العود" و"القانون" من خلال حفلات الجاز في سورية هي من الطرق الموسيقية القوية والرهيبة، واليوم وبحضور المايسترو "باخ" عزقت الفرقة مقطوعات عالمية لها مداها وعمقها الموسيقي الخاص الذي يرحل بك إلى حضارة الجاز الموسيقية المنتشرة في كل عام

خلال جولتنا في الأمسية التقينا بالشاب "طارق صفية" أحد متابعي موسيقى الجاز في سورية، والذي أكد لنا مدى سرعة تطور موسيقى الجاز في سورية بقوله: «الجاز نوع من الموسيقا التي نحن بحاجة إليها بشكل كبير لتقوية الذائقة الموسيقية لدينا، ومتابعتي للحفلات الموسيقية التي تقدمها الفرق السورية المختصة بموسيقى الجاز لما لها من روح سورية خاصة محلية غير متقمصة بالموسيقا الغربية، حيث تعد "البيغ بانغ جاز" من التجارب السورية الناجحة والمهمة والتي يجب الاعتناء بها، وإذا لاحظنا في الآونة الأخيرة أنه خُلق لدينا جمهور متخصص بالجاز له القدرة على تذوق موسيقى الجاز العالمية».

من الحفل

احتوى البرنامج على قطع من الجاز الكلاسيكي لمؤلفي الجاز الكلاسيكي المشهورين، مثل قطعة Georgia on، My Mind وMoten Swing؛ وهذه القطع الكلاسيكية لمؤلفين معروفين، مثل "فوستر وبيلي ستريهورن"، اختيرت لكونها تعتبر من كلاسيكيات للبيغ باند، وبالتالي لزيادة مخزون أوركسترا الجازالسورية، هنا يقول الموسيقي السوري "كنان العظمة" الذي أتى ليستمع إلى ماستقدمه "أوركسترا الجاز السورية" بقيادة "باخ": «من المهم أن تحتك الفرق السورية وخاصة الجاز مع الموسيقيين العالميين من خلال مشاريع طويلة لاتنتهي بورش عمل فقط، وذلك لتطوير موسيقى الجاز السورية، ففرقة الجاز السورية بدأت بقوة وعليها أن تحتك كما تحدثت وتطور مستوى الفرقة من خلال الحفلات والرحلات الموسيقية العديدة إلى دول العالم، كما يقع الدور الدور الأكبر لنشر الجاز في سورية على الوسائل الإعلامية والمؤسسات الثقافية التي يجب عليها تعزيز ونشر ثقافة الجاز الموسيقية بين الجمهور من خلال بث أغاني الجاز الموسيقية في الإذاعات المتاحة، إن الجاز ثقافة كاملة يجب الاعتناء بها، فوجود جمهور مثقف بموسيقى الجاز يتضمن وجود مجاميع جازية صغيرة لنشر هذه الثقافة بين الجمهور السوري».

إن موسيقى الجاز الحديثة أعطت انفتاحاً لاستخدام المقامية العربية، فموسيقى الجاز الحديثة تتمتع بحرية أكثر لاستيعاب المقامات العربية، كما في قطعة "قالت الأرض" التي هي مزيج لحني بين مقام "حجاز كار وراغا الهندية"، هنا تقول "رانيا ناصيف" من الحضور: «إنني أبحر مع هذه الموسيقى التي تطورت بشكل سريع في سورية، فدمج الآلتين الشرقيتين "العود" و"القانون" من خلال حفلات الجاز في سورية هي من الطرق الموسيقية القوية والرهيبة، واليوم وبحضور المايسترو "باخ" عزقت الفرقة مقطوعات عالمية لها مداها وعمقها الموسيقي الخاص الذي يرحل بك إلى حضارة الجاز الموسيقية المنتشرة في كل عام».

المايسترو باخ

قطع موسيقية لاتينية مثل "Aqua de Beber، Corazon do Barazil، Velas Icadas" يتوزيع خاص، مما يدل على أن فن الجاز الذي بدأ ونما في الولايات المتحدة الأميركية ما لبث أن انتشر واتخذ أشكالاً مختلفة وأغنى من تراث الشعوب المختلفة.

الموسيقي "نارك عباجيان" يقول: «هي حفلة مهمة بالنسبة لنا كفرقة، حيث أصبح لدينا قطع موسيقية متمكنة من خلال الطرق الموسيقية التي تعلمناها من المايسترو "باخ"، فلديه مدرسة لإخراج صوت البيغ باند صحيحاً من أصوات بدائية، أما الجاز في سورية فقد تطور كثيراً وأصبح لدينا جمهور ذات ذائقة فنية رهيبة من خلال مهرجان الجاز والحفلات التي قدمناها في هذا المجال، ومن هنا أرى أننا نمتلك مستقبلاً مهماً لتقوية هذه الموسيقا وتعلمها وفهمها بشكل أقوى بما أنه لا توجد لدينا مدارس وأكاديميات لتعليم الجاز».

عباجيان وسعد

قدمت أوركسترا الجاز السورية خمساً من قطعها الخاصة، منها الأغنية التراثية "سليمى" و"موشح بين قاسيون وربوة"، عن الأمسية يقول المدير الفني للفرقة ومؤسسها "هانيبال سعد": «إن أوركسترا الجاز السورية، تأكيداً على رغبتها في المضي قدماً في خطة بناء القدرات، دعت جميع موسيقي الجاز في سورية للعمل معها بهدف إغناء تجربتهم الموسيقية ورفعها إلى مستوى أعلى، وبذلك أصبحت أوركسترا الجاز السورية اليوم مدربة تدريباً جيداً وتتمتع بخبرة عالمية، وبالنتيجة أصبحت قادرة على العمل الناجح مع أي قائد عالمي».

يتابع "هانيبال": «في كل عام نحاول أن نقوي موسيقانا الكلاسيكية، واليوم بقيادة المايسترو الكبير "باخ" نحاول أن نقدم عرضاً مميزاً من خلال ورشة عمل موسيقية مختلفة، فالموسيقي "ولفغانغ ديفن باخ" خلال مسيرته الموسيقية تعاون مع العديد من فرق الأوركسترا المرموقة والعازفين العالميين، كما ومع العديد من مؤلفي وموزعي الجاز الأكثر شهرة مثل "بيل مولمان"، "ماني ألبام"، وإننا نحاول أن نستفيد من خبراته في هذا المجال؛ حيث إن موسيقى الجاز بدأت تكبر وتنتشر في سورية وخلال حفلاتنا نحاول أن نتعمق في هذا المجال ونوسع دائرة الاعتناء بهذه الموسيقية التي تقوي الذائقة الموسيقية لدينا».

تمت هذه الحفلة بالتعاون مع جمعية "صدى الثقافية الموسيقية" ومعهد "غوته"، وهنا يخبرنا مدير مجلس إدارة "صدى" الأستاذ "بشار العظمة": «نحن نعمل على عدة محاور والغاية الأساسية تنمية الذوق العام، وتقديم شيء للجمهور السوري أكثر جدية من المعتاد في الموسيقى بحيث يطور الذوق العام ويطلع هذا الجمهور على أنواع أخرى من الموسيقى العالمية لتقوية الموسيقى المحلية السورية، موسيقى الجاز تلاقي قبولاً جيداً بين الشباب السوري بشكل خاص، وفرقة أوركسترا الجاز السورية لها دور كبير في تعميق ذلك وترغيب الجمهور بالاستماع إلى هذه الموسيقى، كما أننا نحاول أن نستضيف موسيقيين عالميين من خلال ورش العمل والحفلات لتقديم قطع موسيقية قوية لها صداها الموسيقي المؤثر في الموسيقيين والجمهور».

يتابع "العظمة": «إن التسارع الكبير في نمو المشروع الحضاري الموسيقي من جهة، ونمو عدد الموسيقيين السوريين المؤهلين تأهيلاً أكاديمياً عالياً وحاجتهم لتوسيع آفاق نشاطاتهم ضمن مؤسسات مناسبة عامة، وخاصة في بيئة ثقافية ومادية مناسبة، ولضمان استمرارية هذه الطفرة كما صنفها العديد من القائمين على المراكز الثقافية الأجنبية وغيرها، ولضمان استمرارية النمو والتطوير نحو آفاق جديدة غير مطروقة في مجال الموسيقى، نشعر نحن المؤسسين بضرورة أن يقدم جمهور المتمتعين بهذا النتاج الموسيقي مؤازرة أكثر جدوى من مجرد التصفيق في الحفلات، وذلك عبر مجموعة من المحاور يفترض أن تساعد موسيقيينا وفرقهم ومؤسساتهم على النمو والانطلاق نحو العالمية متأثرين ومؤثرين، إن جهودنا في هذا المجال إن هي إلا صدى لموسيقاهم ونتاجهم، نأمل أن يكون مساعداً على ضمان إدامة مسيرة سورية ثقافية ناجحة».