ضمن توليفة لونية الصدى، أدبية الانعكاس، عرض الفنان التشكيلي د."الياس زيّات" هواه "الجبراني" المشبع بثقافة الحداثة فكرياً وجمالياً.

"زيات" أحد مؤسسي كلية الفنون الجميلة في "دمشق"، ومبدع أعمالٍ ساهمت بشكل كبير في توجيه فن التصوير السوري إلى الحداثة من خلال بحثه الدائم في موروثنا الثقافي السوري إلى جانب إصراره على علاقة الإنسان بالمدينة- وهي حاضنة الحداثة- لذا عمل من خلال لوحاته على تمجيد شخصيات إنسانية لها أثرها في بناء الحضارة، منهم كان "جبران خليل جبران" ويقول عنه: «انطلاقة الحداثة التي بشَّر "جبران" بها في أدبه ولوحاته عنت لي استنطاقه التحولات في الذات والآخر والطبيعة، بالحدس والمعرفة الحياتية والتقنية، حسبما يجود الإلهام به على الإنسان».

إن معرضاً واحداً هو غير كاف للإحاطة بنهج كنهج "جبران"، فسلامٌ منه وإليه، وإلى متذوقي الفن تحيّة

في معرضه "إلى جبران" الذي أقيم بصالة "رفيا" للفنون التشكيليّة أومأ "زيات" إلى مرحلة مبكرة من حياته تعود إليها علاقته بنهج "جبران خليل جبران" في الكتابة والرسم ليقدم اليوم من وحي أعماله ومن كتاب "النبي" بشكل خاص لوحات تسعى لتصوير لحظات تواصله مع "جبران" دون تقمصه، فقد لجأ إلى تضمين الصورة مقتطفات خطّية من النصوص الجبرانية لتساعده في تبرير العمل التشكيلي، وهنا يقول "زيات" لموقع "eSyria" خلال حديثه معنا: «بعد الكثير من التجارب قررت تخصيص معرضي هذا لعوالم "جبران"، فأنا جبراني الهوى، أقرأ كتاباته وأعيش أفكاره باستمرار، لذا جسدت نفسي بمحتواي الجبراني، مستلهماً من كتاباته وفنه، فلم أصور العبارة بحد ذاتها بل عملت على دمجها ضمن حالة تشكيلية معاصرة».

من أجواء المعرض

ضم المعرض خمس عشرة لوحة، خمس منها نفذت بالألوان الزيتيّة، وثماني بالمائيّة، إضافة إلى لوحتين نفذتا بقلم الرصاص، الفحم وألوان الخشب، تتماهى جميعها إلى روحانيات الكلمة مع اللون، يضيف "زيات" ممرراً ببصره على اللوحات: «إن معرضاً واحداً هو غير كاف للإحاطة بنهج كنهج "جبران"، فسلامٌ منه وإليه، وإلى متذوقي الفن تحيّة».

من حضور المعرض التقينا الفنان التشكيلي "نذير إسماعيل" ومن خلال قراءته للأعمال حدثنا: «العمل الذي يحتوي على نص أدبي يتطلب حالة بالغة الحساسية، ليقدم كهذه الإيحاءات التشكيلية الهامة، واستخدام الفنان هنا مساحات الكتابة على اللوحة ارتبط بتشكيل العمل، ووصول رسالة فنية إلى القارئ بلغة بصرية واضحة ومتماسكة، سرها الاشتغال الفني الهادئ، والتقنية العالية المرتبطة بالفنان "إلياس" صاحب اللوحة المتضمنة على تراث محلي ثقافي وفني مهم، والأعمال المتكاملة الواضحة ذات البعد التراثي، الأدبي والتشكيلي العميق».

"الى جبران"

التشكيلي "أحمد معلا" يتطرق خلال حديثه معنا إلى أهمية دور التشكيل المعاصر في إحياء وترسيخ استمرارية الرموز الثقافية، الوطنية والاجتماعية فيقول: «أرى أننا بحاجة جمة إلى إعادة اكتشاف المواهب الكبيرة الموجودة في وطننا والتي تشكل مخزوننا الحالي ثقافياً وحضارياً».

حوار تناغمي الوقعة واللون بين أشخاص تلاشت الكثير من معالمهم يبحثون عن كلمات وطبيعة ليتكاملوا أو يتحدوا ضمن تآلفات لا زمنية، أمام إطار يحمل إحدى الشخوص تلك التقينا التشكيلي "وليد الآغا" وحدثنا: «المعرض عنون تحت اسم "إلى جبران" فهو لا يقتصر على قراءة لأدب جبران إنما لروحه الغنية بالعطاءات التي تمثلت هنا من خلال اللون، الكلمة، الحالة والصورة، أي إن اللوحات حملت تجسيداً لرموز قد تفوتنا قراءتها خلال النصوص، وهنا تأتي إضافته لبعض المقاطع الأدبية على العمل تأكيداً لماهية الصورة».

من اعماله

يضيف "الآغا": «"إلياس زيّات" أحد أهم الرواد المعاصرين في الفن التشكيلي السوري، كما أنه من أصحاب الفضل على حركة الفن السورية، فنرى أن تاريخ اللوحة السورية يتجسد في أعماله لدرجة كبيرة، ومن خلال أعماله "إلى جبران" نجد تجسيداً للمنطقة كلها، فهذا الأديب خاطبت كلماته وروحانياته العالم كله خلال عقود مضت، واليوم أرى أنني أقرأ "جبران" بلغة جديدة معاصرة، في هذه الأعمال النادرة تشكيلياً».

الفنان التشكيلي "نذير نبعة" رأى أن يختصر كلامه بأقل من سطر فيقول: «"زيّات" من الأنبياء القلائل للفن السوري المعاصر».

يذكر أن الفنان التشكيلي "الياس زيّات" مواليد دمشق 1935.

تخرج في أكاديمية الفنون الجميلة في "صوفياـ بلغاريا"/ قسم التصوير الزيتي 1960.

أنهى دراسات إضافية بكلية الفنون الجميلة في القاهرة 1961.

إضافة إلى دراسات في أكاديمية الفنون الجميلة وفي متحف الفنون التطبيقية في "بودابست".

درّس في المعهد العالي للفنون الجميلة بدمشق 1974.

درّس في كلية الفنون الجميلة بدمشق ما بين عامي 1980 ـ 2000.

درّس في "صوفيا" تقانة الفن الأيقوني والترميم.

كما شغل عدة مناصب في كلية الفنون الجميلة من بينها رئيس قسم الفنون والوكيل العلمي للكلية، أعماله مقتناة من قبل وزارة الثقافة السورية، المتحف الوطني بدمشق، متحف "دمّر"، "القصر الجمهوري"، وزارة الخارجية، معهد العالم العربي في "باريس"، وضمن مجموعات خاصة.